أُريد خمس دقائق مع رئيس الوزراء ليس أكثر!!

طالب الأحمد

هذا ما طالب به مواطن مُقعد على كرسي متحرك اشتكى بؤس حاله لإحدى القنوات الفضائية المحلية، موضحاً أنه تجاوز سن الخمسين ولم يتمكن من الزواج ولايزال يعاني بعد بتر قدمه من شظف العيش وعدة أمراض مزمنة.

“ليس لي حتى زوجة تُعينني على تحمّل هذه المعاناة..متى أتزوج؟..وكيف وأنا في هذا الحال؟”، قالها بحرقة وهو يكرّر طرح مناشدته وأمنيته بلقاء لخمس دقائق مع السيد رئيس الوزراء.

نظائر هذه الشكوى والمطالبة بمقابلة أرفع مسؤول في البلد أخذت تتكرّر كل صباح على الشاشات الفضائية حتى تحولت إلى ظاهرة إعلامية ذات بعد اجتماعي. وليس لديّ شك في أن رئيس الوزراء يتعاطف مع أصحابها ولن يدّخر جهداً في السعي لحلها، لكن اللقاءات المباشرة حتى لو تحققت لن تكون هي الحل المُرتجى، ومن غير المعقول أن تتدخل أعلى سلطة بشكل مباشر لإنهاء معاملة مواطن أو لتوفر له فرصة زواج مناسب!، فمشاكل الناس ينبغي أن تُحل من قبل الإدارات المعنية ووفقاً لآليات النظام الديمقراطي في توزيع المسؤوليات لأن الأمر ببساطة لايتعلق بحالات فردية، والمهمة ليست إنقاذ مواطن بقدر ماهي مهمة إنقاذ بلد.

على أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو لماذا يتوجه أصحاب الشكاوى مباشرة لرئيس الوزراء؟.

أعتقد أن الظاهرة مرتبطة بنمط الثقافة السياسية السائدة في المجتمع والتي يمكن تسميتها بثقافة “الراعي والرعية” أو بالثقافة البطريركية ( الأبوية)

حيث تتخذ صورة الرئيس في المخيال الشعبي هيئة الأب أو البطل القادر على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وقت الشدائد والمحن.

من جانب آخر تؤشر الظاهرة لتعثر التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق وعدم تحولها إلى نسق ثقافي يتبناه الساسة والجمهور معاّ، ففي ظل أي نظام

ديمقراطي ينبغي أن تجتهد الطبقة السياسية دوما لخدمة الناس وكسب تأييدهم من خلال خطط وبرامج عملية وليس فقط بطرح شعارات براقة ودعوة الجمهور للتوجه إلى صناديق الإقتراع.

وأحسب أنه لو تغيّرت الثقافة السياسية وتحوّل مفهوم السلطة من منظومة امتيازات ومناصب فوقية إلى تفويض من الشعب بشروط وبسقف زمني يُحددّه العقد الإجتماعي، حينها سيصبح كل شيء في متناول اليد ، وستكون لكل شاب وشابة في البلد طموحات أكبر من مجرد البحث عن وظيفة حكومية أو فرصة زواج..اليس كذلك؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here