لا خلاص إلا بالتغيير الشامل

على طريق الشعب

لا تزال حالة الاستعصاء واستفحال الازمة العامة بجوانبها المختلفة تخيم على بلادنا، يعززها عجز القوى المتنفذة عن ايجاد أية مخارج وتقديم أية حلول.

ويعاني المواطنون ازمة اقتصادية ومالية ومعيشية متراكمة، فاقمها تفشي وباء كورونا وشح واردات النفط الخام المصدر جراء انخفاض أسعاره عالميا وانخفاض انتاجه.

وترتبط الأزمة بمجمل النهج الذي سارت عليه الحكومات العراقية منذ 2005، وبسوء إدارة الدولة ومؤسساتها، وغياب الإدارة الاقتصادية والمالية السليمة، وبتفشي الفساد وعدم الكفاءة وعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وحالة اللادولة وضعف البناء المؤسسي وفوضى السلاح المنفلت، وضياع فرص ثمينة للتنمية المستدامة.

وفي الاثناء انكشف الكثير من عورات المنهج المعتمد، واشتد الاستياء والتذمر والسخط وامتد حتى الى الشرائح الوسطى، وتعمق الفرز الطبقي والاجتماعي ومثله التشابك المريب لمصالح رجالات السلطة ومصالح حديثي الثراء الفاحش ومالكي بعض الفضائيات والمنابر الاخرى وفئات البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية والكومبرادورية ومهربي النفط وغيرهم، مضافا لها مصالح قوى مسلحة منفلتة . وبجانب ذلك اتسعت الهوة بين الأقلية المتنفذة المرفهة، والأغلبية الساحقة التي تعاني شظف العيش وتقاسي الحرمانات والمآسي.

ان الاوضاع الكارثية التي يمر بها البلد، وتزايد ادراك الناس بتجربتهم الخاصة حقيقة مشاكلهم، اديا الى مراكمة الوعي بمسببات شقائهم، وحفزا مجاميع كبيرة منهم على رفض هذا الحال والتحرك صوب التغيير، وهو ما تجسد ويتجسد في انتفاضة تشرين الباسلة وعموم الحركة الاحتجاجية الجماهيرية .

وتدفقت مياه جديدة حاملة الكثير من المستجدات والمتغيرات، وغدا التغيير مطلب جماهير واسعة تشكل الاغلبية، يدفعها الحرص على انقاذ البلد وقطع طريق الاحتمالات الاسوأ، والتوجه نحو اقامة الدولة المدنية الديمقراطية كضرورة يفرضها واقع الحال، وإلحاح الحاجة الى ضمان التطور اللاحق. علما ان المطلوب ليس تغييرات فوقية جزئية ترقيعية، بل عملية تغيير شاملة متكاملة، تطال المنهج وأساليب الأداء ونمط التفكير والممارسة وحتى الشخوص.

وقد اشار التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية لحزبنا اخيرا (4 كانون الأول 2020) الى ان “مضمون التغيير المطلوب وكيفية تحقيق موازين القوى اللازمة لإنجازه، هما المحور الأساسي للصراع اليوم”.

ان تحقيق التغيير المطلوب يستلزم مقاربات متعددة، وعملا حثيثا على مستويات متعددة مترابطة لحشد طيف واسع من قوى المجتمع المتنوعة، يكون قادرا على تعديل موازين القوى السياسية والاجتماعية بما يضمن انطلاق البلاد نحو بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.

وان المطلوب من القوى الوطنية والمدنية والديمقراطية، وبضمنها الشيوعيون، هو مواصلة السعي لتشديد زخم وضغط الحراك الشعبي، والعناية بالفعاليات العمالية والفلاحية والطلابية والشبابية والنسائية، ونشاطات منظمات المجتمع المدني .

كذلك السير الحثيث على طريق وحدة قوى اليسار والقوى المدنية والديمقراطية، والارتقاء بدور التيار الديمقراطي وقواه وشخصياته .

وان على كل هذه وغيرها من القوى المتطلعة الى عراق مختلف، آمن ومستقر ومرفه، ويمتلك قراره الوطني المستقل، ان تنسق عملها وترتقي به وتوحد قواها. فمن شأن ذلك ان يحفز الجماهير المليونية على الانخراط في العمل السياسي والجماهيري الإيجابي، والاندفاع على طريق التغيير المنشود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة “طريق الشعب” ص1

الخميس 17/ 12/ 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here