أشد الناس عذابا

أشد الناس عذابا، الدكتور صالح الورداني
————–
روى في كتب السنن:
إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ ،الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ الله..
وفي رواية ُيقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ”
وجاء في روايات أخرى : أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا اثْنَانِ:
امْرَأَةٌ عَصَتْ زَوْجَهَا، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ..
أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ، أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا، وَإِمَامُ ضَلَالَةٍ، وَمُمَثِّلٌ مِنَ الْمُمَثِّلِينَ(المصورين)..
إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا لِلنَّاسِ فِي الدُّنْيَا..
أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ جَائِرٌ..
أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ..
ويبدو لنا بوضوح التناقض بين الروايات بحيث لا نعرف من هو الأشد عذاباً من هؤلاء..
إلا أن فقهاء الرواية أجمعوا على صحة الرواية الأولى الخاصة بالمصورين وشككوا في الروايات الأخرى..
فهم ضعفوا الروايات التي تنسجم مع الكتاب والعقل والمصلحة وصححوا الروايات التي تصطدم بالعقل والكتاب..
والمصورون يقصد بهم هنا المثالون أي الذين ينحتون التماثيل..
وكون المصورون أشد الناس عذاباً يعني أن المصور المسكين ينتظره أشد العذاب..
وأن أمثال فرعون والنمرود وقتلة الأنبياء وطغاة الأرض من الماضي والحاضر أخف عذاباً وربما يتم العفو عنهم..
وهذا الموقف العدائي من الصور والمصورين قام على أساس الروايات وتولد منه الموقف المعادي للآثار..
وامتد ليشمل جميع الصور المرسومة والمصنوعة (الفوتوغرافية والفيديو)..
حتى أنه برزت بعض الجماعات في وسط السلفيين تحرم حمل الهويات الشخصية والنقود التي تحتوي على صور..
وجميع الفرق السلفية متفقة على تحريم تعليق الصور وتصفح الصحف المصورة وإدخالها البيوت..
وذلك لوجود رواية تقول : لا تدخل الملائكة بيت فيه كلب أو صورة..
والرسول (ص) لا يصادم القرآن ولا يجتهد عليه فليست تلك مهمته ولا هذا دوره..
والقرآن لم يشر لشئ يتعلق بعذاب المصورين بل أشار إلى عذاب هؤلاء الطغاة المتألهين أمثال فرعون والنمرود..
قال تعالى :(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ . يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ/ 13:12
والتماثيل قيل كانت من زجاج ونحاس..
وقيل : كانت تماثيل حيوان، وكان هذا من الجائز في ذلك الشرع ونسخ بشرع محمد..
والأولى أن يقولوا شرع الله لا شرع محمد..
وقال قوم: حرم التصوير لأن الصور كانت تعبد..
وقالوا: من الخطأ الاعتماد على هذه الآية في جواز التصوير..
والجوابي جمع جابية وهي البركة أو الحفرة التي يجبى إليها الماء..
والجفان: جمع جفنة. وهي الآنية الكبيرة.. والجواب: جمع جابية، وهي الحوض الكبير الذي يجبى فيه الماء ويجمع لتشرب منه الدواب..
والقدور: جمع قدر. وهو الآنية التي يطبخ فيها الطعام من نحاس أو فخار أو غيرهما..
وراسيات: جمع راسية بمعنى ثابتة لا تتحرك..
والسؤال هنا إذا كانت الصور والتماثيل بهذا القدر من الخطورة فكيف تباح لنبي مثل سليمان (ع) وتحرم على غيره؟
وإذا كانت هذه الصور والتماثيل الصامتة تضاهي خلق الله، فكيف الحال بالصور الناطقة والمتحركة..؟
أليست مثل هذه الصور هى الأولى بالتحريم لمضاهاتها خلق الله..؟
وهل يمكن قبول مثل هذه الروايات في هذا العصر الذي بلغ فيه الإنسان من العلم ما يفوق قضية التماثيل بكثير كصناعة الرجل الآلي مثلاً الذي يقوم بنفس مهام الإنسان؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here