تصاعد الشكوك حول تنفيذ اتفاق شنگال .. واتهامات لميليشيات الحشد وPKK بعرقلته

تستمر مأساة آلاف العائلات النازحة من قضاء شنگال (سنجار ) شمال غرب العراق، مع ازدياد العراقيل أمام تنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع في القضاء التي أبرمت منتصف تشرين أول الماضي بين حكومتي المركز وإقليم كوردستان.

الاتفاق الذي وصف في حينه بـ «التاريخي»، تتراجع أهميته لدى الأهالي النازحين الذين باتوا يتخوفون من أن يبقى الاتفاق «حبراً على ورق».

خديده خلف، أحد النازحين من شنگال والمقيم في مخيم شاريا الخاص بالنازحين الإيزيديين في محافظة دهوك بإقليم كوردستان، يراوده القلق والخوف من عدم الالتزام بتنفيذ الاتفاق كما تم الإعلان عنه.

وقال في حديث  إن «النازحين في المخيمات استبشروا خيرا بالاتفاق ووجدوا فيه المنفذ الوحيد للعودة وانهاء مأساة النزوح».

خديده، الرجل الخمسيني، يأمل أن تشهد المرحلة المقبلة تنفيذا حقيقا للاتفاق وضمان انسحاب جميع الفصائل المسلحة لضمان الأمن وعودة النازحين وبدء عملية إعادة الإعمار في القضاء.

وينص اتفاق شنگال على انسحاب كامل للميليشيات المسلحة من القضاء وتسليم الملف الأمني داخل مركز شنگال لقوات الشرطة المحلية والتي يتم تشكيلها من أبناء شنگال، فيما تتولى حماية أطراف القضاء قوات الشرطة الاتحادية والبيشمركة.

كما ينص على اختيار قائمقام جديد للقضاء، والنظر بالمواقع الإدارية الأخرى من قبل اللجنة المشتركة المشكلة من بغداد وأربيل.

كما يتضمن الاتفاق إعادة الإعمار وتشكيل لجنة مشتركة من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان لإعادة إعمار القضاء بالتنسيق مع الإدارة المحلية في نينوى، وتحديد مستواها وتفاصيل مهامها من قبل رئيس مجلس الوزراء الاتحادي ورئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان، إلى جانب تشكيل لجنة ميدانية مشتركة لمتابعة تنفيذ سير ما جاء في الاتفاق.

اتهامات لميليشيات الحشد

قائممقام شنگال محما خليل اتهم بشكل مباشر ميليشيات في الحشد الشعبي بعرقلة تنفيذ الاتفاق، وتسهيل بقاء مقاتلي حزب العمال الكوردستاني PKK في القضاء.

وقال خليل في حديث لـ (باسنيوز)، إن «اتفاق سنجار ما يزال لغاية اليوم اتفاقا شكليا، ولم يطبق على أرض الواقع»، مؤكداً أن «حزب العمال والميليشيات المسلحة تتواجد لغاية اليوم في العديد من مناطق شنگال وتسيطر على جبل سنجار فضلا عن العديد من المقرات الأمنية، وهو ما يخالف الاتفاق الخاص بالقضاء».

ودعا خليل حكومة بغداد إلى تحمل المسؤولية وفرض سيادة الدولة العراقية في شنگال، كونها ما تزال منتهكة لغاية اليوم.

وأضاف أن «بعض الميليشيات المنخرطة في الحشد الشعبي هي التي تعرقل تنفيذ اتفاق سنجار وتسعى للبقاء في القضاء المشاركة في إدارته أمنيا وإداريا، من خلال محاولة تفريغ الاتفاقية من محتواها وحرفها عن مسارها وجعل تنفيذها يقتصر على الدعاية الإعلامية فقط».

وانتقد خليل دور الأمم المتحدة في مراقبة تنفيذ اتفاق شنگال قائلاً، إن «على البعثة الأممية في العراق أن يخجلوا من أنفسهم وأن لا يتملصون من تنفيذ الاتفاق الذي حضرته وباركته المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت».

تشكيك بتنفيذ اتفاق شنگال

الرأي ذاته يتفق معه النائب السابق ماجد شنگالي والذي ينحدر من قضاء شنگال، حيث حمل الحكومات الاتحادية المتعاقبة المسؤولية عن ما وصلت إليه الأمور في القضاء.

وفي تصريح لـ (باسنيوز)، أكد شنگالي أن «بعض الفصائل في الحشد الشعبي تسعى لعدم تنفيذ أي اتفاق لصالح حسم قضية سنجار»، مبيناً أن «حزب العمال الكوردستاني والفصائل الموالية له، بالتعاون مع بعض فصائل الحشد هي التي تعرقل فرض سلطة الدولة العراقية في سنجار».

وشكك شنگالي بالقدرة على تنفيذ اتفاقية شنگال حتى في المرحلة المقبلة، وذلك كون الحكومة العراقية غير قادرة على تنفيذ الاتفاق لغاية اليوم، مشيراً إلى أن القوات الاتحادية التي أتت إلى شنگال أغلبها من منظمة بدر والميليشيات التي دمجت في القوات العراقية، وهو ما يجعل تنفيذ الاتفاق أمراً مشكوكاً فيه.

الاتفاق سيتم تنفيذه

لكن المحلل السياسي عماد باجلان يرى أن الاتفاق سيتم تطبيقه في المرحلة المقبلة على الرغم من أن ميليشيات في الحشد تعرقل تنفيذ اتفاق شنگال المبرم بين حكومتي بغداد وأربيل.

قال باجلان في حديث لـ (باسنيوز)، إن «المشاكل الأخيرة بين حكومتي المركز والإقليم أخرت تنفيذ الاتفاق الذي ينص على انسحاب جميع الفصائل المسلحة من داخل القضاء».

وأضاف أن «الاتفاق سيطبق في المرحلة المقبلة، لأن المجتمع الدولي يرغب بتنفيذه، لكن بعض الأحزاب والميليشيات تحاول عرقلة ذلك»، مؤكداً ضرورة التزام فصائل الحشد بالاتفاق لأنها في القانون تتبع هيئة الحشد الشعبي وبالتالي فهي يجب أن تخضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة.

 تحذيرات من عمليات مسلحة

الصحفي والباحث في الشأن العراقي عمر الجنابي حذر من تداعيات خطيرة لعدم انسحاب العمال الكوردستاني PKK والفصائل القريبة منه ومنها بعض الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي من شنگال.

وقال الجنابي في حديث لـ (باسنيوز)، إن «حكومتي بغداد وأربيل تحاولان تنفيذ الاتفاق بشكل جاد لكن المشكلة تكمن في رفض المسلحين التابعين لحزب العمال والميليشيات المتحالفة معها والتي تنتمي رسميا للحشد الشعبي والذي يمنحها الإطار القانوني للبقاء في سنجار كونها قوة رسمية تابعة لهيئة الحشد».

وأضاف أنه «حتى الآن لا توجد بوادر حقيقية لحسم موضوع الفصائل المسلحة غير الرسمية والأجنبية في سنجار، وهذا يأتي في ظل سعي بعض الأطراف لإعاقة تنفيذ الاتفاق».

وأكد الجنابي أن تلك الميليشيات لن تسمح بتنفيذ الاتفاق بسهولة كما ترغب بغداد وأربيل وأنقرة، وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة عمليات مسلحة وخروقات أمنية يقف ورائها العمال وفصائله المسلحة.

وبعد مرور أسابيع من الإعلان على تنفيذ اتفاق شنگال، ما تزال الفصائل المسلحة غير ملتزمة بالانسحاب، وبينما يبدو موقف الحكومة الاتحادية أقرب للضعف، تسود المخاوف من أن يكون اتفاق شنگال واخراج الميليشيات والعمال الكوردستاني منها أقرب إلى الحملة الاعلامية التي تحدثت عنها حكومة الكاظمي بشأن نزع سلاح الميليشيات وملاحقة خلايا الكاتيوشا والتي لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع لغاية اليوم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here