طاعة الله وطاعة الرسول (ص)

طاعة الله وطاعة الرسول (ص)، الدكتور صالح الورداني
————–
ربط القرآن طاعة الله بطاعة الرسول (ص)..
وهو ما يظهر لنا من خلال ثلاث آيات جاءت بلفظ (وأطيعوا الله ورسوله)
في سورة الأنفال والمجادلة..
وآية بلفظ (وأطيعوا الله والرسول) في سورة آل عمران..
وآياتان بلفظ (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) في سورة المائدة والتغابن..
كذلك جاءت الآيات بلفظ ( ومن يطع الله ورسوله) خمس مرات في سورة النساء والنور والأحزاب والفتح..
وربط طاعة الله بطاعة الرسول تعني أن طاعة الرسول هى امتداد لطاعة الله سبحانه..
والرسول هو الممثل لله في الأرض والمبلغ عنه..
من هنا فإن طاعته هى طاعة الله..
(ومن يطع الرسول فقد أطاع الله )
ولا يمكن بأي حال فهم طاعة الرسول بصورة منفصلة عن طاعة الله..
بمعنى أن الله له طاعة تتمثل في كتابه..
والرسول له طاعة تتمثل في سنته..
وذلك لكون الكتاب معصوم والسنة غير معصومة..
وهو ما سوف يؤدي بالطبع الى التصادم بين طاعة الله وطاعة الرسول..
وتبني مثل هذا التصور يقود إلى الشرك بالله..
والتصور الصحيح هو أن طاعة الرسول تعني الامتثال والانقياد لما يبلغ ويبين عن الله..
ولا يمكن للرسول أن يبلغ أو يبين ما يتناقض مع كلام الله..
ولا يمكن له أن يضيف على كلام الله أو يبدله..
( تنزيل من رب العالمين ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين )
وكيف إذن أن ينسب لرسول الله ذلك الكم من الخرافات والأكاذيب..
والأحكام والتشريعات التي تتناقض مع القرآن مثل حكم رجم الزاني وقتل المرتد ومفارق الجماعة..
وحكاياته مع النساء..
هل تقول الرسول كل ذلك..؟
ولماذا لم يمنعه الوحي..؟
وهل يشوه الرسول نفسه بنفسه..؟
إن دور الرسل ورسولنا خاصة (ًص) هو البلاغ والتبيين وليس الإضافة أو التشريع..
وهو ما يقودنا لفهم قوله تعالى :
( وما آتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا )
فهو لا يأمر ولا ينهى إلا بأمر الله..
إلا ان أقوال الفقهاء لا تقود لهذا الفهم..
قال الشيرازي في تفسيره الأمثل : وبالرغم من أنّ هذا القسم من الآية نزل بشأن غنائم بني النضير..
إلاّ أنّ محتواها حكم عام في كلّ المجالات، ومدرك واضح على حجيّة سنّة الرّسول(ص)..
وطبقاً لهذا الأصل فإنّ جميع المسلمين ملزمون بإتّباع التعاليم المحمّدية، وإطاعة أوامر رسول الله ، وإجتناب ما نهى عنه، سواء في مجال المسائل المرتبطة بالحكومة الإسلامية أو الإقتصادية أو العبادية..
وقال السيوطي في الإكليل في إستنباط التنزيل قال تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ )
وقال ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ )
وقال (ص) : ستكون فتنة..
قيل : وما المخرج منها؟
قال : كتب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم..
وقال : من أراد العلم فعليه بالقرآن . فإن فيه خبر الأولين والآخرين..
وجاء في الوسيط لشيخ الأزهر الراحل طنطاوي : وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا }
روى مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله (ص) قال : لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها..
وقد قيل : إن تحريم الجمع بين المرأة وعمتها – أو خالتها – فى معنى الجمع بين الأختين..
أو لأن الخالة فى معنى الوالدة والعمة فى معنى الوالد والصحيح الأول : لأن الكتاب والسنة كالشئ الواحد..
فكأنه قال : أحللت لكم ما وراء من ذكرنا فى الكتاب وما وراء ما أكملت به البيان على لسان محمد (ص)..
وقالوا : طاعة الرسول واجبة في حياته وبعد وفاته، لأن بعد وفاته يلزم إتباع سنته..
وجاء في تفسير القرطبي : قوله تعالى : { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } يعني الكتاب والسنة..
قال تعالى : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر : 7
وقالت فرقة : هذا أمر يعم النبي (ص) وأمته..
والظاهر أنه أمر لجميع الناس دونه أي اتبعوا ملة الإسلام والقرآن وأحلوا حلاله وحرموا حرامه
امتثلوا أمره واجتنبوا نهيه ودلت الآية على ترك اتباع الآراء مع وجود النص..
والتناقض ظاهر بوضوح بين هذه الأقوال..
فهى تؤكد على أن ما أتى به الرسول هو يدور في محيط الكتاب..
وتؤكد من جهة اخرى على أن الرسول أتى بما هو فوق الكتاب..
ولا حل هنا سوى الحسم..
الأمر أمر الله..
وليس هناك أمر لله وأمر للرسول..
والحرام ما حرمه الله..
وليس هناك ما حرم الله وحرم الرسول..؟
وبالتالي الطاعة هى لله وحده..
وما الرسول سوى طائع لله..
(تلك حدود الله فلا تقربوها)
(تلك حدود الله فلا تعتدوها)
(وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here