أمور مرسومة وأقوال ملغومة!!

ما يتحقق في المنطقة العربية يجري وفقا لخطط ومبرامج ومشاريع ذات منطلقات ستراتيجية تخدم مصالح القوى المهيمنة عليها , فحكوماتها منزوعة الإرادة وتنفذ ما يُطلب منها بإندفاعية مذهلة , وقوة فائقة تدهش الذين يخططون ويرسمون ويهندسون الأحداث , مما يشجعهم على الإبداع والإبتكار الفوضوي والدموي المروع.

فالمنطقة بقبضة أسيادها ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى , ولم تتحرر من هذه القبضة الفولاذية , التي تزداد قوة وشراسة وعنفوانا وإطباقا على البلدان وأهلها , وما أوجدت قادة بقدرات وطنية وإدراكية وفكرية تقارع وتنتصر , وتتخلص من ثقل القبض على وجودها ومصادرة إرادتها , فأي مولود ينشأ حاملا رسالة الإنفلات من الأصفاد القبضوية , يتم تأليب الآخرين من حوله عليه حتى يفقد بوصلة إرادته , ويندحر في صيرورات قبضوية أشد قوة وقسوة.

حصل ذلك في مصر والعراق وليبيا ويجري في دول أخرى , فحالما تتحسس القِوى القابضة بوجود نبض حياة تفعّل قدراتها لتمحق الإرادات الصاعدة , وهذا ما يفسر ما إنتهت إليه الثورات العربية , فهي ثورات حقيقية وذات منطلقات إنسانية ووطنية , لكنها زعزعت القبضة الفولاذية , فتم الإنقضاض عليها وإسقاطها في منزلقات إتلافية تدميرية ماحقة أدت إلى النتائج المعروفة التي نراها اليوم.

ولهذا فالقول بأن ما يتوالد من أحداث وتطورات مرهون بإرادة الشعب نوع من الجعجعة , والقول المخادع الملغوم بالنتائج المدمرة لأبسط معاني ومعايير الحياة.

فالذي يتم العمل بموجبه في الخفاء غير الذي يتم الكلام عنه في الجلاء , فالخطاب والإعلام والتصريح مخادع وكاذب ومضلل , والفعل هو الذي يتكلم بلغة فصيحة وصريحة , والذين يهرولون وراء الأخبار والتصريحات , هم أدوات لتنفيذ المشاريع والمخططات المطلوب إنجازها , بعدما تحوّل الهدف إلى قوة هائلة لتدمير ذاته وموضوعه وفقا لحسابات ومنطلقات مستهدفيه.

فالمنطقة أخطأ مَن قسّمها سياسيا في بداية القرن العشرين , ولم يستثمر العرب في ذلك الخطأ , واليوم يُراد تصحيح الخطأ والتقسيم بالدم , حتى تتحول كل دولة إلى مناطق صغيرة تابعة لقوة ذات مصلحة ومشروع , فالتقسيمات الجديدة ستكون وفقا للمصالح المعاصرة ورغبات القوى المتمكنة والتي إزداد عددها , وعدد الإنقسامات المطلوبة سيتناسب طرديا مع عدد الدول المتنافسة والساعية لتأكيد مصالحها وإراداتها الإفتراسية.

فكل شيئ مرسوم فلا يغرنكم الكلام الملغوم فهو العسل المطعم بالسم والزقوم!!

فهل من وعي وتفاعل وطني مجتمعي مصلحي يا أمةً أنكرت مصالحها , وجافت عقلها؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here