2020.. بدأت بغارة المطار وانتهت بمواجهة بين الحكومة والفصائل

بغداد/ تميم الحسن

كما بدأت صاخبة انتهت أيضا، سنة 2020 دشنت اول مواجهة مباشرة بين القوات الاميركية والحكومة العراقية من جهة والفصائل المسلحة من جهة اخرى، واغلقت على تهديدات بتجدد الاشتباك. وعاد خلال العام الاطول من حيث الاحداث بعد 2003، ماتبقى من تنظيم داعش الى شن هجمات في المدن المحررة، ونفذ سلسلة اغتيالات ضد “اصدقاء القوات الامنية”.

آخر 3 ايام في 2020، كانت الاكثر توترا مع تبادل التهديدات بين واشنطن وطهران والفصائل المسلحة في العراق للرد على حادثة المطار التي افتتحت بعد ذلك “حرب الكاتيوشا”.

وفي تشييع ابو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق وقاسم سليماني قائد فيلق القدس، اللذان اغتيلا قرب مطار بغداد بطائرة مسيرة أميركية، ظهر قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق، وهو يضرب عنقه في اشارة الى الانتقام.

حينها كانت اجواء التشييع الرمزي التي جرت في منطقة الجادرية، وسط بغداد، تحيطها اجراءات امنية مشددة من الفصائل، التي كانت تحذر من هجمة اميركية اخرى. على اثر ذلك تلقت معسكرات في عدة مدن والمنطقة الخضراء ومطار بغداد، نحو 100 صاروخ “كاتيوشا” منذ بداية العام، حتى الهدنة الشهيرة التي جرت في تشرين الاول الماضي، والتي خرقت بعد ذلك.

طرد القوات الأميركية

وقبل ان تشتعل “معارك الكاتيوشا”، مرر البرلمان قراراً يطالب فيه الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد. وصُوت على القرار وسط مقاطعة القوى السنية والكرد، وهددت الأولى حينها بـ”اعلان الاقليم”، في حال “تفرد الشيعة” بذلك القرار، حيث تخشى المدن المحررة من تهديدات داعش الذي لايزال ينفذ هجمات.

وبعد 3 ايام من القرار نفذت طهران اول ضربة عسكرية بعد حرب الثمانينيات، ضد معسكرات عراقية تستضيف قوات اميركية، بحسب وصف الحكومة العراقية لتلك المواقع.

وأعلنت إيران في 8 كانون الاول الماضي، أنها قصفت بصواريخ بالستية قاعدتين أميركيتين في العراق ردا على مقتل سليماني.

وقال الحرس الثوري الايراني، في بيان إنه أطلق “عشرات الصواريخ أرض – أرض على القاعدة الجوية المحتلة من الجيش الإرهابي الأميركي المعروفة باسم عين الأسد” بمحافظة الأنبار.

بالمقابل قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب الهجوم، في تغريدة على “تويتر”: “كل شيء على ما يرام”.

لم ترد الحكومة العراقية على الحادث، بينما قال عبد الكريم خلف، الناطق العسكري باسم الحكومة حينها، ان بغداد علمت بالهجوم من طهران بـ”رسالة شفوية” قبل وقت قصير من تنفيذه، مؤكدة عدم وجود خسائر بشرية بين القوات العراقية والاجنبية.

وشنت بالتزامن مع تلك الاحداث، جماعات مسلحة “مجهولة” عدة هجمات ضد ساحات الاحتجاجات، بسبب اتهامات طالت بعض المتظاهرين بـ”الاحتفال” بمقتل سليماني.

غلق السفارة

بموازاة ذلك بدأت بعض القوى السياسية باطلاق تحذيرات من عودة العراق الى “العقوبات الاقتصادية” في حال اصرت القوى الشيعية على قرار طرد القوات الاميركية.

وهدد ترامب مطلع العام، بفرض عقوبات “شديدة” على العراق في حال أرغمت قوات بلاده على مغادرة أراضيه. واستعجلت بالمقابل “جماعات الكاتيوشا” الحرب والعقوبات، حيث قصفت السفارة الاميركية في بغداد بخمسة صواريخ، تسببت باحراق المطعم داخل السفارة، بحسب ما قاله وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري.

وجاء الهجوم، بعد ايام من اعلان مجموعة اطلقت على نفسها “محور المقاومة” بايقاف العمل العسكري ضد القوات الاجنبية، وانتظار اجراءات الحكومة لاخراج الاميركان.

وتقاطرت بعد الهجمة بيانات لقادة في الحشد الشعبي التي وصفت العمل بـ”التخريبي”، كما قال حينها عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء السابق في بيان ليلة الهجوم، ان استمرار هذا التصرف “الانفرادي اللامسؤول” سيجعل العراق “ساحة حرب”.

وتسببت هجمات “الكاتيوشا” بتوقف طيران طائرات الـ”اف 16″، حيث غادر المشغلون والمدربون قاعدة بلد، بسبب الهجمات. وتعد تلك الطائرة “سلاحا ستراتيجيا” بحسب لجنة الامن في البرلمان، وتوقف الطائرات كان يهدد بتوسع هجمات داعش في المدن المحررة.

وبالفعل زادت هجمات التنظيم بشكل ملحوظ منذ مطلع العام بعدما اوشك على نهايته، حتى وصلت في شهري ايار ونيسان الماضيين، الى 250 هجوما.

الشهر الأطول بالأحداث

في حزيران 2020، كان مليئا بالحوادث الامنية، حيث بدأت تركيا بتنفيذ حملة عسكرية برية (مخلب النمر) لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني (pkk)، في شمالي البلاد.

بالمقابل ادخلت الفصائل المسلحة في حزيران، اهداف جديدة في سلسلة الهجمات على القوات الاجنبية، حيث بدأت باستهداف قوافل الدعم اللوجستي لقوات التحالف، بالعبوات الناسفة. وظهرت حينها تشكيلات مثل “اصحاب الكهف”، و”قاصم الجبارين”، و”قبضة الهدى”، واعلنت مسؤوليتها عن تلك الهجمات.

وقبل ان ينتهي الشهر المثير، اعتقلت القوات الامنية خلية في الدورة جنوبي بغداد، قالت انهم مسؤولون عن قصف السفارة الاميركية بالصواريخ.

ودخلت البلاد في منعطف جديد، حيث اعلنت تلك الجماعات التي كانت تنتمي الى كتائب حزب الله- احد فصائل الحشد- الحرب على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي كان قد استلم منصبه للتو.

وعملت تلك الفصائل على خطين: خط استمرت فيه بمهاجمة المعسكرات وقافلات الدعم اللوجستي على الطرق الخارجية، وخط آخر باغتيال الناشطين في التظاهرات.

وتمكنت تلك الجماعات من قتل متظاهرين بارزين في البصرة، وهم تحسين الشحماني، ثم ريهام يعقوب، واضطر بعد ذلك نحو 60 ناشطا الى مغادرة بغداد ومدن الجنوب الى كردستان.

ضبط السلاح

وفي نهاية آب، اطلقت الحكومة باشارات من مرجعية النجف التي طالبت بضبط السلاح المنفلت، حملة لـ”حصر السلاح” في بغداد والجنوب.

ورغم ان الحملة لم تكن واضحة جدا في بغداد وميسان، حيث شهدت كل منهما عملية واحدة يتيمة، كانت اوضح في البصرة، حيث صادر الامن اكثر من 3 آلاف مطلوب وقطعة سلاح.

ومطلع شهر ايلول كان تنظيم “داعش” قد قتل وجرح نحو 70 شخصا بينهم ضباط برتب رفيعة، في هجمات متعددة في ديالى، والانبار، والطارمية شمال بغداد، استخدم فيها اسلحة قناصة، كما كان قد فجر انتحاريان نفسيهما في كركوك، بعد 5 اشهر من آخر هجوم انتحاري في المدينة.

وقبل ان ينتهي الشهر، كان 7 اشخاص من عائلة واحدة قد قتلوا وجرحوا بعد سقوط صواريخ “كاتيوشا” على منزلهم في الرضوانية القريبة من مطار بغداد.

ودخلت القوى الشيعية في سباقات لاستنكار الحدث، فيما اعلنت الحكومة حينها انها اعتقلت الفاعلين، الذين تبين بعد ذلك ان احد المعتقلين هو وسام الزريجاوي، المنتمي الى عصائب اهل الحق. خلال الانتخابات الاميركية التي بدأت في تشرين الاول الماضي، دخلت الجماعات التي تطلق على نفسها “محور المقاومة” هدنة مشروطة مع الولايات المتحدة، مقابل انسحابها من العراق.

وتوقفت الهجمات حينها، وتراجعت خطوات اغلاق السفارة الاميركية في بغداد بعدما كانت قد تسارعت في ذلك الوقت، والتي هددت بوضع العراق في خانة الدول المعزولة.

بالمقابل نشط في ذلك الوقت داعش، وشن هجمات مسلحة، لاحقت جماعات “الصحوة” والحشد العشائري، ومصادر محلية للقوات الامنية في المدن المحررة.

نهاية الهدنة

لكن هدنة الفصائل لم تدم اكثر من شهر، حتى عادوا لمهاجمة السفارة الاميركية في تشرين الثاني، ردا على اعتقال الحكومة 3 عناصر من “اصحاب الكهف” غرب بغداد.

وسقطت بعض الصواريخ على مدنيين حيث قتلت طفلة حينها، ومثل كل مرة عادت القوى الشيعية لاستنكار ماحدث!

وزار على خلفية تلك الحوادث، اسماعيل قاآني خليفة سليماني، بغداد مرتين في محاولة لـ”لتحجيم الفصائل” التي عادت لتخرق الهدنة للمرة ثانية، بهجوم كبير في كانون الاول أصاب منازل مدنيين.

ودفع الهجوم الاخير على السفارة، الى ان يرسل الكاظمي ابو جهاد الهاشمي- المدير السابق لمكتب عبد المهدي- الى طهران لايقاف تصعيد الفصائل والتوقف عن احراج حكومته التي تستعد لانتخابات مبكرة.

وقبل ان ينتهي العام، قامت فصائل مسلحة بتغيير اسم طريق مطار بغداد، الى “الشهيد المهندس”، في يافطات نشرت على الطريق.

بالمقابل اعلنت السفارة الامريكية في بغداد، تزويد القوات العراقية بـ”انظمة ابراج” لحماية القواعد العسكرية، و”30 مصفحة” لتأمين المنطقة الخضراء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here