ترامب في قفص العدالة

ترامب في قفص العدالة

المحامي / محمد العطار

لا شك أن عام 2020 كان عاما فريدا في نوعه , تضمن أحداثا ومفاجئات جمة قل نظيرها في السنوات الأخرى بالنسبة للعالم أسره بصورة عامة و بالنسبة للعراق بصورة خاصة حيث ما أن أستقبل هذا البلد عام 2020 حتى أصطدم بحادثة أليمة نالت من سيادته و رموزه ألا وهي إستشهاد قادة النصر كما وصفتهم حقا المرجعية الرشيدة وألذين سطروا بدمائهم الزكية أزكى وأروع ملاحم الإباء و العز وصيانة البلاد والعباد ممن براثن أعدائه الذين كانوا ولايزالوا يتربصون به الدوائر و يخططون له الشر و البلاء . لقد تكاثرت في هذه الأيام إقامة مجالس تأبينية لذكرى إستشهادهم و الإحتفاء بسيرتهم العطرة المفعمة بالعطاء والجهاد و لكن ينبغي أن لا يتم الوقوف على هذا الحد بل لابد من السير قدما والمضي على خطاهم و ما كانوا ينشدونه دوما من كسر شوكة العدو المحتل و أذنابه وطردهم من العراق و أن أول خطوة في هذا المسار هو الإقتصاص منه على جريمته النكراء بحق قادته النبلاء و لكن نرى أنه لا يزال العدو الذي تبجح علنا بإقترافه هذه الجريمة لا تناله يد العدالة . صحيح أن مجلس القضاء الأعلى في العراق أعلن أنه سوف يعلن قريبا عن أحكام قضائية بشأن المتورطين بهذه القضية ولكن يجب أن يتسع الدورالقضائي في هذا المضمار ويستعان بقواعد القانون الدولي لملاحقة من أعلن رسميا مسئوليته عن تنفيذ هذه الجريمة . فلقد أعلن الرئيس الأمريكي ( ترامب ) و غيره من المسوليين الأمريكيين بأنفسهم بأنهم قاموا بهذه الخطوة الجبانة . لا شك أنهم أرتكبوا بذلك جريمة العدوان المحرمة دوليا على سيادة العراق و نقضوا بذلك قواعد القانون الدولي المسلم بها حيث تم تصريح في عدة من وثائق القانون الدولي ومنها المادة 2 ( أولا و رابعا ) من النظام الأساس للأمم المتحدة من أن دول الأعضاء يتمتعون بحق متساوق في السيادة و من عدم جواز إستعمال العنف فيما بينهم . أما ما يتذرعون به ساسة الأمريكان من أن خطوتهم هذا كانت في إطار الدفاع الشرعي فواضح الوهن والبطلان حيث أن ما يسمونه بالدفاع الشرعي الإستباقي و الإحترازي مختلف عليهما في القانون الدولي و لم تذهب إليه أكثرية الإتجاهات في هذا القانون بخلاف الدفاع الشرعي بشكله التقليدي و ألذي يأتي حصرا ردا على هجوما عسكريا فعليا على الدولة التي تقوم بالدفاع عن نفسها وفقا للمادة 51 من النظام الأساس للأمم المتحدة . ناهيك من أنه حتى بالنسبة للأنماط الجديدة للدفاع الشرعي التي تتذرع به الولايات المتحدة في السنين الأخيرة كحربة لتوسيع سلطاتها و تدخلاتها في العالم وإرساء أهوائها السياسية الغاشمة , فإنها لم تستطع أن تقدم دليلا واضحا لما تزعمه من تورط قادة النصر في النيل من قواتها في العراق بل الأمر على العكس تماما و هو أن ما يشهده العراق من إنفلات أمني ليس إلا نتيجة للسياسات الأمريكية و أجندتها حيث فتحوا أبواب الأرهاب على مصراعيه على هذا البلد و لولا جهود المجاهدين الأبرار و على رأسهم قادة النصر الذين لم يألوا جهدا لصيانة هذا البلد لأنجرف العراق إلى تيه

الضلال ومستقبل مجهول أسوء بكثير مما هو عليه حاليا . فهل هذا كان مكافأة هولاء الأفذاذ وضيوفه الكرام الذين حلوا عليه بطلب من حكومته ليعضدوه لدرء ما حل به من ويلات وقد أبلوا بلاء حسنا في ذلك مما أقض مضاجع قوى الشر و بدد خطتهم الغاشمة ؟ إذا كان ترامب يتمتع بصيانة بصفته رئيسا للجمهورية إبان رئاسته فهو سيفقد وفقا للقانون الدولي صيانته الشخصية للأعمال الشخصية وغير مسموح له قانونيا إبان رئاسته بعد تركه للمنصب و هو وان كان سيحتفظ بصيانته الرسمية للأعمال الرسمية التي قام بها بصفته رئيسا للجمهورية فترة حكومته وضمن صلاحياته القانونية و لكن لا يمكن عد جريمة العدوان المحرمة دوليا من جملة الأعمال الرسمية والقانونية التي يمكن إنتسابها لدولة من الدول و ضمن أعمالها الإعتيادية الملقاة على عاتقها لممارسة مهامها . فعليه فان ما قام بها ترامب و غيره من زملائه في الإدارة الأمريكية في إقترافهم لهذه الجريمة هو في نطاق أعمالهم الشخصية وغير القانونية ليس إلا و التي سيفقدون صيانتهم لها بعد تركهم لمواقعهم فيمكن حينئذ ملاحقتهم عليها . صحيح أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته الخامسة اشترط مضيه في ملاحقة مرتكبي جريمة العدوان و معاقبتهم على توفر بعض الشروط المذكورة فيه اولا و لكن عدم ملاحقة هذه الجريمة من قبل هذه المحكمة حاليا لا يمنع غيرها من المحاكم و منها المحاكم العراقية من ملاحقة مقترفي هذه الجريمة من ترامب ومساعديه وإن كان لم يتبلوربعد عرف قطعي في القانون الدولي على ملاحقة زعماء الدول بعد تنحيهم من قبل محاكم الدول الأخرى و لكن هذا لا يعني عدم جوازه بل أن الحاجة الماسة العالمية لصيانة حقوق الأنسان ومعاقبة من ينالوا من هذه الحقوق تجعله أمرا ضروريا و ذلك ( مبررات ملاحقة ترامب و زملائه من قبل المحاكم العراقية بل أولويتها بذلك ) لأنه أولا أن جريمة العدوان هي من الجرائم الدولية التي تدخل ضمن الإختصاص العالمي لكل المحاكم في العالم حيث أن هذه الجريمة تتنافى مع الأهداف و الأصول الأساسية المنشودة لنظام الأمم المتحدة كالمادة 2( أولا و رابعا ) من إحترام سيادة الدول وعدم جواز إستعمال العنف و… ثانيا: إن المادة الخامسة من نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية جعلت جريمة العدوان في عداد الجرائم الأخرى الأشد خطورة و ضراوة على المجتمع البشري و هي الإبادة الجماعية , جرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب وثالثا : أن هذه الجريمة وقعت ضمن الأراضي العراقية فعليه فإن المحاكم العراقية تكون أولى من غيرها لملاحقة مقترفي هذه الجريمة و على وجه الخصوص لأرتكابهم جريمة الأرهاب بذلك وفقا لقانون مكافحة الأرهاب رقم 13 لعام 2005. هذا و يجدر بالسلطات الدبلوماسية العراقية أن تستمر في مساعيها الدولية عن كثب و عبر مجلس الأمن الدولي متابعة إنتهاك سيادة وأمن العراق من قبل القوات الأمريكية جنبا إلى ماتقوم به السلطات القضايية العراقية في ذلك و كذلك بالنسبة للخسائر التي لحقت و تلحق العراق من جراء هكذا إعتداءات و مناوشات كالأضرار التي لحقت بمنشآت مطار كربلاء الدولي , يستطيع العراق أن يطالب بها من الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق إقامة دعاوى في محكمة العدل الدولية .

أما بالنسبة لمن يثبت إدانتهم من المواطنيين العراقيين في تعاونهم مع الولايات المتحدة الأمريكية لأقترافهم هذه الجريمة و تسهيلها و تمكينها , لوجستيا , مخابراتيا و…. فينبغي إضافة لأتهامهم بالأرهاب , توجيه إتهامهم بالخيانة العظمى وفقا للمادة 158 من قانون العقوبات العراقي المرقم

إضافة لتهمة الأرهاب , توجيه تهمة الخيانة العظمى لهم أيضا وفقا للمادة 158 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 حيث أنه أي أرهاب و خيانة أعظم من التعاون مع العدو الأجنبي للنيل من قادة نصر هذا البلد و رموز إبائه و تحرره و شموخه ؟!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here