سليماني من القيادة الى الإستشهاد

سليماني من القيادة الى الإستشهاد
الثالثُ من يناير كانون الثاني هو الذكرى الأولى لإستشهادِ قائدَين عظيمَين عزيزَين على أمتِنا، قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس اللذين عمِلا معا لنصرةِ الشعوب المُتضررة بالغطرسة والتسلط والإحتلال، وكان القدس الشريف قبلتيهِما في الكفاح.
أيقونةُ هذه المسيرة التي بدأت في ثمانينات القرن الماضي وحتى الإستشهاد هو الرجلُ العنيد والقائدُ قاسم سليماني الذي سطر ملاحما في مسيرته الكفاحية قلّ مثيلُها باتخاذ بأيَّةِ خطوة كان قد خطاها تصب في صالح وطنه وقضايا الأمة الراهنة لتحريرِ القدس وكلّ فلسطين، ولطردِ القوات الأمريكية من العراق، ودفاعا عن اليمن وسورية ولبنان، وعبرَ بهمتهِ حدودَ بوليفيا وكوبا وفنزويلا.
ما يُميِّزُ هذا القائد في مسيرته تلك هو العالمية، والسرية في العمل، والقدرة على التفكير الناجح مشفوعة بالحكمة والإصرار. كل هذه تطغى عليها صفة الدين بتواضعه، وإخلاصه، وشجاعته. فكان بحق رائعا في تفكيرهِ وخططهِ وجرأته.
قاسم سليماني الذي تبنى المسؤوليةَ الأكبرَ كسفيرٍ فوق العادة لمحور المقاومة كان فاعلا أساسيّا فيه، فعَمِلَ على تنشيطه بكلِّ فصائلهِ دونَ تمييزٍ ولا تغييب، وقد حرصَ أن يجعلَ قطاعَ غزه قلعةً لتخزين السلاح الفردي والإستراتيجي الذي يعالج مهام الردع والدفاع. فكان جل اهتمامه هو التدريب والتسليح، وتطوير القدرات. هذا اللون من المسؤولية القيادية صارت هاجسا مرِوِّعا في صميم المصالحِ الأمريكية وفي عمق تفكير المنظومة الصهيونية العالمية مما أرعب حكومة الكيان الإسرائيلي وحلفائها والمنافقين على مستوى المنطقة.
حاولَ الإسرائيليون الظهورَ بعظمةِ الرابح وعدم اكتراث من خطرِ عملِ محورِ المُقاومة، لكن التباهي ظل محصورا بقناعتِهم وخبثِهم أمامَ تطوير القدراتِ المتسارعة التي حظي بها المقاومون وكما أسلفنا كان قاسم سليماني عنصرُها الفاعل والناجح.
ومن بديهيات العمل المقاوم أن تكون له مساحة وحاضنة، فكان القطر العربي السوري هو تلك المساحة والحاضنة التي احتفظت بموقع المواجهة منذ عهد قائدها الراحل حافظ الأسد وحتى يومنا هذا الذي فيه تطورت القدراتُ وتعاظمَ الإسنادُ وكبُرت المسؤولية. في هذه المرحلة ليس بمقدور الإدارة الأمريكية ولا الإسرائيلية تقديم أية خطوة من شأنها تعطيل حركة سفير محور المقاومة قاسم سليماني وحركة رفيقه أبو مهدي المهندس سوى الحل الأوفر باغتيالهما على الساحة العراقية لما فيها من ثغرات أمنية وسياسية وعسكرية تسمح للمخطَّط الأمريكي أن يدخلَ منها بقوة بلا عناء ولا توجّس، وقد تحقق ذلك باغتيال هذين القائدين حال خروجهما من مطار بغداد بطائرةٍ أمريكية مسيرةٍ إنطلقت من دولةٍ اقليميةٍ لهذا الغرض. فلو بحثنا في نتائج البحث الإستخباري الأمريكي عن الشهيدين قبل اغتيالهما سنتعرف أيضا على نتائج البحث الإسرائيلي عن حركة واغتيال الشهيدين الحاج عماد مغنية، وسمير القنطار وغيرهما من الشهداء الذين قَضُوا غدرا بسبب تلك الثغرات.
الذي خسِرتهُ الأمة من شهداء عظام قد لا يُعوَّض إلا بعطاءٍ الهي، وتصحيحِ الخلل، وسدِّ كلَّ الثغرات، وتنضيدِ مسؤولياتِ الحماية بخطط ناعمةٍ تتناسبُ وفكرِ المؤسسة العميقة في أمريكا ما قبلَ الحارسِ والرشّاش. هذا العمل هو رَدٌّ نوعيٌّ على تلك الجريمة الأمريكية التي ارتُكِبَت بغير حقٍ وفي غيابِ احترامِ سيادةِ الدولة العراقية.
بهذا الواقع المُؤلِم الذي نعيشه اليوم فإن أمتَنا ستنهض على خطى الشهيدين السعيدين الى واقعٍ جديدٍ يفنِّدُ حالاتِ التطبيعِ والهرولة والخنوع، وتتعدّى بإنجازاتِها حدودَ وموانعَ المشروع الأمريكي الذي يستهدف منطقتنا دون استثناء.
أمتُنا مازالت بخير رغم كل النكبات مادام فيها المخلصون من أصحاب الكفائات والعاملون على أوسع مساحاتِها. أن محورَ المقاومة في العراق واليمن ولبنان وفلسطين وسورية وباقي الشعب العربي بخير. إسرائيل التي أرعبها ظلُّ سليماني والمهندس ستبقى مرعوبة ما بعد إستشهادِهما، فهي تخشى ميراثَ الشهداء في العقيدة والكفاح مثلما تتوجَّس من ضَعف قدرتِها على المواجهة والتحديات التي تحيطُ بها وهي تعلم جيدا معنى سعة صدر محور المقاومة، وصلابة المواقف لتحقيق الحلم العربي والإسلامي في تحرير كامل تراب فلسطين والجولان ولبنان، وطرد الهيمنة الأمريكية من المنطقة. كل هذه القدرات المعنوية واللوجستية جائت معبرةً عن مواقف ونصائح وتوجهات كان قد أسَّس لها القائدُ العظيم الراحل الإمام الخميني، فأطلق صرختَه بوجوبِ تحرير القدس الشريف وحين قال.. إسرائيل الى زوال.
رَحِمَ اللهُ شهدائَنا الذين سقطوا برصاص الغدر الصهيوني على دروب الكفاح، وفي ميدان التطوير العلمي والتقني.
قاسم محمد الكفائي Twitter…….Qasim4canada

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here