أكثر من 5 آلاف جثة ما تزال تحت أنقاض الموصل

بغداد/ تميم الحسن

لا تقف مشكلة الجثث المدفونة تحت أنقاض الموصل عند معضلة العثور عليها فقط، وانما في تحديد هوية من بقي تحت الركام بعد أكثـر من 3 سنوات على تحرير المدينة. واتبع “داعش” في اواخر ايامه في الموصل، أسلوبا جعل فيما بعد من الصعوبة التعرف على تلك الجثث، كما استبدل السكان الأصليين بآخرين عدة مرات.

وتقع جثث ما تبقى من حرب الـ9 اشهر في الموصل ضد “داعش”، في مربع تصل مساحته الى 10 كيلومترات، وبداخله اكثر من 10 آلاف منزل اصبح اثراً بعد عين.

ولا يعرف بالتحديد عدد المدفونين تحت تلك الانقاض، لكن المعارك في الموصل كانت قد خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، نصفهم تقريبا لم يعثر عليهم بعد.

بين الصواريخ و”داعش”

ويقول مصدر مطلع في الموصل لـ(المدى) انه في “الايام الاخيرة من تحرير المدينة استخدمت القوات المحررة الصواريخ بشكل كثيف، فيما كان داعش قد تحصن بالمدنيين”.

واستطاع “داعش” ان يؤخر عملية تحرير الجانب الايمن من الموصل لـ3 اشهر، بعدما منع نحو 100 الف نسمة من الخروج من المدينة القديمة.

ويضيف المصدر الذي كان قريبا اثناء عمليات تحرير الموصل :”تسببت الحرب والعمليات الانتقامية التي نفذها داعش ضد المدنيين بمقتل نحو 25 الف شخص في الموصل”.

وهدمت المعارك في الموصل القديمة فقط، التي بدأت في نيسان حتى تموز 2017، نحو 15 منزلا.

ويتابع المصدر :”يقدر نصف عدد القتلى بانهم مازالوا تحت الانقاض او مدفونين في مناطق نائية، او سجون غير معروفة”. وقدرت الامم المتحدة حجم الانقاض التي سقطت في الموصل بنحو 7 ملايين طن، وهو ما يعادل 3 اضعاف حجم هرم الجيزة الاكبر في مصر.

هوية الضحايا

ويشير المصدر الى ان العقدة الاكبر في قضية الجثث المدفونة تحت الركام، تتعلق بـ”هوية المدفونين”.

وفي الاشهر الثلاثة الاخيرة من عمر “داعش” في الموصل، كان قد جمع اغلب مستمسكات السكان ومستمسكات عناصره وعوائل التنظيم لخلط الاوراق.

ويقول المصدر: “اغلب الجثث التي تم العثور عليها هي بدون مستمسكات، كما كان داعش قد جلب عددا من مؤيديه من خارج الموصل”.

وجر التنظيم مع انسحابه (بعد خسارته) من جرف الصخر مرورا بديالى وتكريت، اغلب العوائل واسكنهم في الموصل، حيث كان آخر معاقله.

وكان “داعش” قد منع سكان المدينة القديمة، من اقفال ابواب المنازل اثناء الانسحاب، حيث من الممكن ان يكون القتلى تحت الانقاض هم “دواعش”.

رفع الأنقاض

ويقدر المصدر ان “10 احياء ضمن محيط يصل الى اكثر من 8 كم مربع في المدينة القديمة مازالت مدمرة بالكامل، وقد تحتوي تحتها جثثا”.

وكانت الحكومة قد عثرت على اقل من 5 آلاف جثة في عمليات البحث عن الجثث في الموصل القديمة.

وأعلن الدفاع المدني قبل ايام، عن انتشال 93 جثة من تحت الأنقاض في أحياء وأزقة متفرقة داخل مدينة الموصل القديمة.

ويقول حسين حاجم، وهو القائممقام السابق للموصل لـ(المدى) ان “عملية اخلاء الانقاض والبحث عن الجثث تحتاج الى اموال هائلة”.

وكانت 100 مليار دينار قد اعطيت بعد تحرير الموصل لرفع الانقاض، واغلبها كان “اعمالا على الورق”، بحسب المسؤول السابق.

وسلمت تلك المبالغ حينها الى المحافظ السابق نوفل العاكوب، الذي تسربت معلومات العام الماضي، عن اعتقاله بعد إدانته باختلاس 64 مليون دولار من أموال الإعمار ومساعدات النازحين في نينوى. ويضيف حاجم :”بعض حملات رفع الأنقاض كانت وهمية، والمبلغ الكلي لإزالة تلك الانقاض يحتاج الى 500 مليار دينار”.

وأكد محافظ نينوى، نجم الجبوري، ان المبالغ المخصصة لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب في المحافظة تفوق تكاليفها الحصة السنوية من الموازنة بأكثر من 30 ضعفاً.

واضاف الجبوري في تصريحات صحفية ان “الخبراء قدروا حجم الضرر بـ 15 مليار دولار كحد أدنى، لكن ميزانية نينوى تصل في أحسن الأحوال إلى نصف مليار أو يزيد قليلاً”.

أسرار الخسفة

وقد تزداد تلك المبالغ إذا اكتشفنا ان في “الخسفة” وهو منخفض طبيعي في جنوب الموصل، هناك نحو 3 آلاف شخص، دفنهم “داعش” بشكل معقد.

وقال عرفان الجبوري، وهو اسم مستعار لشاهد على ماجرى في الخسفة ان “داعش جلب 14 كرفانا ورماهم بشكل افقي وعمودي في الخسفة فوق المدنيين الاحياء”.

ويبلغ عمق الخسفة 300 متر وقطر الفتحة نحو 40 مترا، وتقع نحو 8 كم جنوب الموصل، وقد حفرت، بحسب اعتقاد الاهالي، بشكل طبيعي بعد سقوط نيزك في المكان.

ويضيف الجبوري الذي كان يعمل في (الحاروقات) وهي تسمية شعبية لعملية حرق النفط وتحويله الى بانزين، اثناء ازمة الوقود في الحرب مع “داعش”، ان التنظيم “كان يوميا يجلب سيارات كوستر تضم نساء واطفالا ورجالا الى الخسفة، ولانستطيع ان نتكلم خوفا من القتل”.

وبحسب دراسة أكاديمية أجرتها “جامعة الموصل” قبل سنوات، أشارت إلى وجود “الخسفة” في منطقة شبه صحراوية تضم رمالاً متراكمة تسحب أي جسم ثقيل إلى داخلها.

وبعد التحرير، يقول المصدر القريب من الحكومة المحلية ان “داعش فخخ الحفرة، وسقط عدد من الضحايا اثناء محاولة التقريب من الخسفة”.

واضاف المصدر ان عملية “فتح الخسفة تحتاج الى جهد حكومي ودولي والى مبالغ اضافية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here