الفقر والعمالة في تربية الجاموس وصيد الأسماك تحرم أطفال الأهوار من طفولتهم

ذي قار / حسين العامل

في بيئة طبيعية خلابة باتت قبلة للسياح بعد إدراجها ضمن لائحة التراث العالمي، يواجه أطفال الأهوار في جنوبي العراق جملة من التحديات تتمثل بزجهم مبكراً في الأعمال التي يزاولها السكان المحليين كتربية الجاموس وصيد الأسماك وقص القصب والبردي وأعمال البناء والصناعات الحرفية، ناهيك عن حرمانهم من التعليم والخدمات الأساسية ووسائل التسلية والترفيه التي تتناسب مع براءة طفولتهم.

وعن معاناة سكان الأهوار وبؤس الطفولة في تلك المناطق تحدث المدير الاقليمي لمنظمة طبيعة العراق المهندس جاسم الأسدي لـ(المدى) إن” الأهوار تحتضن مجتمعات بشرية تمتد جذورها الى الحضارة السومرية والأكدية ، والجزيرة العربية حيث ابتدأت من هناك هجرات الأجداد الى العراق والهلال الخصيب”، مبيناً أن” عرب الأهوار حافظوا على هويتهم التاريخية والثقافية رغم التغيرات الهائلة التي حدثت في نظم الاستيطان”.

واستدرك الأسدي” لكن ما هو مؤلم أن أطفالهم لم يبصروا ما أبصره آبائهم في سبعينات القرن الماضي من حملات محو أمية ، ومدارس ابتدائية ، ومراكز صحية حتى في مناطق نائية من الأهوار كمناطق ايشان كبه والصحين والصيكل ، والحمارة ، وحلاب وغيرها”، لافتاً الى أن ” حقوق الطفل غائبة مثلما غائبة حقوق البالغين والبالغات ، فلا مدارس في قلب الأهوار أو ما حولها ولا مراكز أو بيوت صحية ، ولا توعية بتنمية البيئة وديمومتها”.

وأردف المدير الاقليمي لمنظمة طبيعة العراق” أما غياب وسائل التسلية فهذه مساحة معتمة ، لم يقف عندها مسؤول أو صانع قرار”، منوهاً الى أن أطفال الأهوار والذين اختزلت سنوات طفولتهم كثيراً أكتفوا بما وفرته لهم الطبيعة والمحيط السكني كالسباحة واللعب مع الجاموس ، وعمل التماثيل والدمى من الطين، وقيادة الزوارق ومراقبة الطيور والمحيط البيئي”.

وتابع الأسدي ” كما أنهم يشاركون العائلة بنشاطات متعددة منها رعاية الجاموس وحصاد الحشائش الخضراء لاستخدامها كأعلاف، ولديهم شغف بتربية الحيوانات والطيور”، لافتاً الى أن” أطفال الأهوار لازالوا يتشوقون لما يسر وينتظرون مُعلماً يمنحهم نعمة القراءة والكتابة”.

ومن جانبه يرى رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب أن ” أطفال الأهوار يتعرضون لشتى المعاناة فهم يواجهون تحديات الحياة منذ الولادة نتيجة الفقر والعوز “، مبيناً في حديث للمدى أن ” الأطفال يواجهون بيئة صعبة تضطر أسرهم الى زجهم بصورة مبكرة في ميادين العمل لغرض مساعدتهم في توفير لقمة العيش ومواجهة قسوة الحياة”.

وأوضح حبيب أن ” الأطفال الفقراء في مناطق الأهوار يبدون في حالة بائسة فهم بثياب رثة ودون أحذية “، لافتاً الى أن ” شريحة الأطفال تعاني كبقية سكان الأهوار من نقص الخدمات البلدية والصحية ناهيك عن بعد المدارس عن مناطق سكناهم”.

وأكد رئيس منظمة الجبايش أن ” عمالة الأطفال وزجهم بالعمل ضمن النشاطات السكانية المتمثلة بتربية الجاموس وصيد الأسماك والأعمال الحرفية الأخرى أبعدت الأطفال عن مقاعد الدراسة “، مؤكداً ” ارتفاع معدلات الأمّية والمتسربين من مقاعد الدراسة بين أطفال الأهوار”.

وأشار حبيب الى أن ” معاناة الأهوار باتت مشكلة أزلية كون الأموال التي جرى تخصيصها لإعادة إعمار الأهوار على مدى 17 عاماً ذهبت لأيادٍ غير أمينة”، متهماً ” مافيات الفساد وبعض الأحزاب والمنظمات بتبديد ونهب الأموال وسوء إدارتها وهو ما تسبب بحرمان سكان الأهوار من أبسط الخدمات الأساسية”.

وأكد رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية أن ” مناطق الأهوار أصبحت بوجود الفاسدين ساحة لاختلاس الأموال واستغلال طيبة السكان البسطاء “، منوهاً الى أن ” معظم سكان الأهوار غير راضين عن تنفيذ أغلب المشاريع التي أنشئت في مناطقهم ومن بينها نصب الأهوار الذي انفقت عليه الحكومة الاتحادية نحو 20 مليار دينار وشيدته في منطقة تفتقر لأبسط الخدمات الأساسية التي يحتاجها سكان الأهوار”.

وتعد مهن صيد الأسماك وتربية قطعان الجاموس وتصنيع منتجات الألبان والصناعات الحرفية الأخرى المصدر الاقتصادي الرئيس لسكان الأهوار ، وغالباً ما يتعرض العاملون في هذه المهن الى التهديد بمصادر رزقهم والبطالة إثر كل موسم جفاف تمر به مناطق الأهوار.

وتواجه مناطق أهوار الجنوب التي وضع سكانها الآمال على انضمامها الى لائحة التراث العالمي جملة من المشاكل أخذت تتفاقم مع استشراء الفساد وتداعيات الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here