على ذقن من تضحكون أيها المغفلون ؟

على ذقن من تضحكون أيها المغفلون ؟

بقلم مهدي قاسم

لفتت نظري فقرات من خبر “صفقة الكاظمي لمصدر “مطلع ” أدلى بمعلومات لمراسل جريدة” المدى ” على صعيد إرجاع الأموال العراقية المسروقة إلى خزينة الدولة في مقابل إطلاق سراح المتهمين أوالإعفاء عنهم حيث جاء في تلك الفقرات : (

( إن “الصفقة استثنت المتورطين بتهريب الأموال الكبيرة إلى الخارج وقاموا باستثمارها، وبالتالي من الصعوبة إرجاعها للحكومة مرة أخرى بسبب القوانين الجارية في تلك الدول التي تمنع إعادة الاموال أو إرجاعها بعد تغيير جنس الأموال المهربة ” ) ..

حيث يفهم من سياق هذه الفقرات أو المعلومات أنه لا يمكن إرجاع المبالغ الكبيرة بذريعة تغيير هويتها في البلد الذي جرت عملية استثمارها ، لنقول إن هذه المعلومات تفتقر إلى الدقة ، أن لتكن غير صحيحة إطلاقا وذلك للأسباب التالية :

أولا : توجد في معظم دول العالم ضمن وزارة الداخلية ، دائرة خاصة تسمى بدائرة مكافحة عمليات غسيل المال أو شيء من هذا القبيل والقريب ( وأنا هنا لا اتكلم عن ايران وتركيا كوريا الشمالية ولبنان مثلا وليس حصريا ) ومهام هذا الدائرة تكمن في ملاحقة الأموال غير الشرعية ، إنما أتحدث عن بلدان قائمة على مؤسسات قانونية قوية حيث يُحاسب حتى رئيس الجمهورية أو الملك في حالة تورطه بالفساد.

ثانيا : بمجرد الكشف الجنائي عن مصدر المال المستثمَر بأنه صادر أو ناتج عن عمليات أو نشاطات غير مشروعة مثل سرقات ومخدرات وتهريب بشر أو بضائع غير مدفوعة ضرائب و عن تميل عمليات إرهابية وغير ذلك ، نقول بمجرد الكشف عن الطابع الجنائي لتلك الأموال المستثمرة فأنه سيفقد طابعه الشرعي والقانوني الاستثماري ، ويُحجر عليه فورا محجوزا من قبل السلطات الجنائية أو القضائية ، لحين البت في مصيره قضائيا ، أي إما مصادرته أو إرجاعه إلى مصدره الأصلي والمحق قانونا ..

ثالثا: إن عمليات الاستثمار تجري ضمن تأسيس شركات بمواصفات أنظمة قانونية عدة وحسب أنظمة وقوانين بلد معين ، وتحمل أسماء شركات ، وليس على شكل جنسيات كمواطنين ، إذ من المعروف أن العمليات الاستثمارية عابرة للقارات عموما وفي أي بلد ممكنة عملية استثمار ، باستثناء ما تبقى من بلدان اشتراكية التي هي الأخرى أخذت تميل مؤخرا نحو الاستثمار الأجنبي المحدود..

لهذا نسأل : على ذقن مَن تضحكون أيها المغفلون بهذه المعلومات الخادعة والمضللة بخصوص جنسيات الأموال المسروقة والمستثمرة لكبار اللصوص في المنطقة الخضراء وحكاية استحالة استرجاعها .؟

ألم يسترجع محمد مخاتيير مئات مليارات دولارات هربها رئيس الحكومة الماليزية الاسبق ــ على سبيل المثال وليس الحصر ــ وهي كانت مستثمرة أيضا في بلدان عديدة..؟

أم المسألة تتعلق بمحاسبة الأسماك الصغيرة وترك الحيتان الكبيرة تسرح وتمرح بالأموال الطائلة المسروقة وتنعم مرفهة ؟!..

أن مجرد علم الحكومة بوجود هذه الاموال الكبيرة المسروقة وأسماء القائمين بها وعدم تحريك قضية جنائية بحق اللصوص هؤلاء هو بحد بذاته يُعد سلوكا جنائيا من قبل الحكومة نفسها ..

هامش ذات صلة :

( أكبر صفقة سياسية لاسترجاع 150 مليار دولار إلى خزينة الدولة

بغداد/ محمد صباح – المدى

في واحدة من اكبر الصفقات السياسية، اتفق رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مع رؤساء الكتل السياسية على إصدار أوامر قبض بحق (22) مسؤولا حكوميا متورطين بسرقة وتهريب أموال تقدر بأكثـر من 150 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تكشف لجنة مكافحة الفساد الحكومية المكلفة بالتحقيقات في ملفات الفساد والجرائم الاستثنائية، عن أسماء المتورطين بعمليات نهب وغسيل أموال، من بينهم وزراء سابقين، ووزير حالي، ووكيل وزير ورئيس هيئة مستقلة.

الصفقة السياسية اشترطت أيضا ان تقوم الحكومة بإطلاق سراح المتهمين بعد إلقاء القبض عليهم مقابل تسديد الأموال التي نهبوها وإرجاعها إلى خزينة الدولة، التي تعاني من ضائقة مالية حادة بعد تراجع أسعار النفط جراء تداعيات جائحة كورنا.

وزراء حاليين وسابقين

وكشف مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ(المدى) أن “لجنة مكافحة الفساد التي يقودها أبو رغيف استكملت التحقيقات مع عدد من المسؤولين الحكوميين، وستصدر قريبا أوامر قبض بحق (22) مسؤولا بين وزير سابق، وحالي، ووكيل وزارة، ومدير عام، ورئيس هيئة مستقلة”.

وفي نهاية شهر آب الماضي شكل رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة دائمة للتحقيق في قضايا وعمليات الفساد برئاسة الفريق أحمد أبو رغيف، بعد أن كلف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ القرارات الصادرة عن اللجنة.

ويضيف المصدر المطلع أن المتهمين المتورطين “بملفات فساد كبيرة”، سوف “يطاح” بهم أمام القضاء في القريب العاجل.

وفي الثالث عشر من شهر آب الماضي كشفت (المدى) عن “خطة حكومية لمطاردة الفاسدين ومنعهم من السفر من خلال تفعيل مئات من مذكرات القبض الصادرة في الفترات السابقة بحق العديد من الفاسدين والمتورطين بهدر المال العام”.

صفقة سياسية

ويكشف المصدر المطلع تفاصيل عديدة من التحقيقات التي تجريها الحكومة مع كبار الفاسدين قائلاً: إن “الكاظمي ورؤساء الكتل السياسية اتفقوا على تفعيل ملف الفساد من خلال اللجنة الحكومية المكلفة لهذا الغرض”، مشددا على أن “الحكومة باتت مستعدة أكثر من أي وقت لمواجهة الفاسدين وما يرافق مهمتها تلك من ردود فعل”.

ويتابع أن “الاتفاق اشترط إطلاق سراح المتهمين أو المتورطين بسرقة الأموال مقابل إرجاعها لخزينة الدولة”، موضحا أن الأحكام التي ستصدر قريبا بحق المتهمين ستكون “أحكام مع إيقاف التنفيذ” حتى يتمكن المتورطون بالسرقة من إعادة الأموال إلى خزينة الدولة.

وينقل المصدر عن الاتفاق قائلاً إن “الصفقة استثنت المتورطين بتهريب الأموال الكبيرة إلى الخارج وقاموا باستثمارها، وبالتالي من الصعوبة إرجاعها للحكومة مرة أخرى بسبب القوانين الجارية في تلك الدول التي تمنع إعادة الاموال أو إرجاعها بعد تغيير جنس الأموال المهربة”.

ويضيف ان الـ”22″ شخصية لديهم ثقل مالي كبير بسبب عمليات الفساد التي قاموا بها على مدار السنوات الماضية، متوقعا ان تعيد الصفقة قرابة 150 مليار دولار تقريبا إلى خزينة الدولة.

فساد سياسي

من جانبه يقول سعيد ياسين موسى الناشط في مكافحة الفساد في تصريح لـ(المدى) إن محاربة الفساد تتوقف على الآليات والظروف السياسية والأمنية التي يمر بها العراق، متسائلا “هل الظروف الحالية مهيأة أمام الكاظمي لمحاسبة كل المتهمين بسرقة المال العراقي؟”.

وقبل أكثر من خمسة أيام توعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بملاحقة جميع الفاسدين من اجل تحقيق الإصلاحات المالية التي دعا لها، مشددا على أن حكومته ستكشف في العام 2021 عن “حقائق كبرى” بشأن الفساد.

وأعلنت الحكومة عن حملة لمطاردة المتورطين بعمليات فساد كبرى بعد أن أصدر المرجع الديني علي السيستاني قبل أشهر مجموعة من التوجيهات طالب فيها الحكومة باتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين بقضايا القتل والاغتيال.

ومازالت الارادة السياسية غير متوفرة ولا موجودة لا في مجلس النواب ولا حتى لدى الحكومة لتنفيذ حملة لمكافحة الفساد واستئصال جذوره، استنادا إلى موسى الذي شدد على أن الفساد المستشري في العراقي “هو فساد سياسي”.

ويضيف أن المعطيات المتوفرة لدينا “نحن كناشطين في مجال مكافحة الفساد، بأن المناصب الحكومية في مختلف الوزارات تباع وتشترى”، معتبرا أن هذه التصرفات توحي وتؤكد على أن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة سياسي.

ابتزاز جنسي

ويعتقد ياسين أن “الدولة العراقية لا تمتلك سياسة وطنية ولا ستراتيجية واضحة ومعتمدة لمكافحة الفساد، بعد إلغاء مكاتب المفتشين العموميين من قبل مجلس النواب”، كاشفا عن انتشار الرشى الجنسية في الكثير من مؤسسات الدولة.

ويلفت إلى أن “ظاهرة انتشار الفساد الجنسي اكتشفت منذ العام 2015 ومازالت موجودة بكثرة في مؤسسات الدولة في أماكن مخجلة وهيئات هشة”، موضحا أن “الرشوة في مؤسساتنا الحكومية تطورت وتنامت إلى أن وصلت إلى الرشى الجنسية”. ويشير إلى أن “الأجهزة والمؤسسات الحكومية المعنية بالتحقيق ومتابعة عمليات الفساد تتعمد في عدم الكشف عن المعلومات والتحقيقات التي تجريها مع كبار الفاسدين”، مشددا على أن “اللجنة الحكومية لا نعلم شيئا عن إجراءتها”.

أحكام غيابية

ويشير ياسين إلى أن “غالبية الأحكام القضائية الصادرة في هذه الفترة ضد الفاسدين هي غيابية، أي أن المتهمين غير موجودين”، مضيفا أن “قيمة المبالغ المنهوبة والمهربة على مدار السنوات التي تلت العام 2006 وحتى هذه اللحظة تقدر بـ360 مليار دولار”.

وأكد رئيس الجمهورية برهم صالح في شهر كانون الأول الماضي أهمية الحفاظ على أموال الدولة وغلق منافذ الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وإيقاف الهدر العام، مشيدا بالدور الذي تضطلع به هيئة النزاهة والادعاء العام في مكافحة الفساد وغسيل الأموال واسترداد الأموال العراقية المهربة ـ نقلا عن صحيفة صوت العراق ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here