إلى من هتفوا “وين وين الملايين؟”

إلى من هتفوا “وين وين الملايين؟”
عبد الكاظم حسن الجابري
“وين وين وين الملايين كلها جذب تلطم عل حسين” هذا الشعار اطلقته فتاة ملثمة في نفق ساحة التحرير, وهي تقود مسيرة من الشباب والشابات خلال تظاهرات تشرين عام 2020.
كانت الفتاة تهتف بحرقة, ويردد خلفها قطيعا من الصبية, تنوعت اغراضهم بين مؤدلج وطائفي وناعق, واخر مأخوذ بالعقل الجمعي, لا يدري ما يفعل او يقول انما يردد ما يقوله الاخرون.
لا اعرف حقيقةً ما ربط هذا الهتاف بتظاهرات تشرين التي يدعي منظريها انها ثورة ضد الظلم والفساد وغياب العدالة الاجتماعية؟ ولا اعرف ما علاقة اللطم على الحسين عليه السلام بما يطلبه المتظاهرون من حقوق – حسب ما يدعون؟.
لن ادخل بتساؤلات كثيرة حول حشر هذا الهتاف في تظاهرة مطلبية, فمجرد التمعن في تلك التساؤلات ستجد الجواب واضحا, وهو ان من اطلقها معادِ للحسين عليه السلام ولشعائره ولاتباعه, ولا علاقة له من قريب او بعيد بالخدمات وغيرها, لذا سأكتفي بذكر ما فعله اللاطمون على الحسين عليه السلام وما قدموه للوطن وللمجتمع.
اللاطمون عل الحسين عليه السلام قدموا خدمات جليلة للمجتمع, فهم الذين تكاتفوا لدعم العوائل الفقيرة والمتعففة, دون ضجة اعلامية ودون ترويج او اهدار لكرامة الناس وكشف ما يعانوه من ضر وشظف.
اللاطمون على الحسين عليه السلام بنوا مؤسسة العين ومؤسسة اليتيم الخيرية واللتان تعنيان برعاية اليتامى, وما يحتاجونه من تجهيز دور واثاث وملابس ومأكل ودراسة, حيث تكفلت مؤسسة العين لوحدها بدفع اعانات شهرية لأكثر من 63 الف يتيم, وبمبلغ شهري يفوق الخمسة مليارات دينار, اضافة لمشروع حكايتي ومشاريع المجمعات السكنية للأيتام ورعاية المتفوقين منهم.
اللاطمون على الحسين عليه السلام بنوا مستشفيات ومؤسسات وخصوصا في النجف وكربلاء, واستقدموا خبراء وقدموا الرعاية الطبية للفقراء وللجرحى بمختلف صنوفهم ومنهم جرحى التظاهرات مجانا.
اللاطمون على الحسين عليه السلام قدموا كل ما يملكونه للنازحين الذين طردهم تنظيم داعش من بيوتهم, ففتح اللاطمون بيوتهم للعوائل الوافدة واغدقوا عليهم بكل ما يحتاجونه لشؤون حياتهم.
اللاطمون على الحسين عليه السلام حينما دخل داعش واهلك الحرث والنسل هبوا لصد هذه الهجمة البربرية, والتصدي لأعتى تنظيم وحشي, بعد ان فرت القوات الامنية بسبب تخاذل قادتها, فكان الحشد الغرة البيضاء في سماء الوطن, يدافع عن العراقيين بمختلف اطيافهم, يحرر ارض السنة والايزيدين والكورد والمسيحيين والشبك والتركمان.
اللاطمون على الحسين عليه السلام شكلوا مواكب الدعم اللوجستي التي كانت الشريان المغذي للمعركة والاستمرار فيها.
اللاطمون على الحسين عليه السلام هم من قدم ونصب مواكب الخدمة لدعم التظاهرات والمتظاهرين وكانت العتبات المقدسة في مقدمة هؤلاء اللاطمين.
واخيرا وليس اخرا! حينما داهمنا وباء الكورونا قدم اللاطمون على الحسين عليه السلام اروع صور في خدمة العراق والعراقيين, فكانت العتبات المقدسة سباقة في بناء مراكز الشفاء ومعامل تجهيز الاوكسجين, بعد ان اتضح ان البنية التحتية للصحة لا تستوعب الوباء, كما وشكل أهل المواكب وال”المتدينين” مواكب ومجاميع لتجهيز السلات الغذائية للعوائل التي اصابها الضر جراء توقف سوق العمل نتيجة للوباء.
مواقف اللاطمين على الحسين عليه السلام لاتعد ولا تحصى, ولكن ما رُفِعَ من شعار كان واضح الاهداف والغايات, وهو نكران جميل لما قدمه اللاطمون لهؤلاء الهاتفين من دعم.
سيبقى اللاطمون على الحسين غرة بيضاء في جبين التاريخ والانسانية, وسيبقى اللاطمون على الحسين عليه السلام غصة في حلق كل معتدٍ, وكل من يريد بالعراق سوءً, وسيبقون الضوء الذي ينير عتمة سماءنا, والنفس النقي الذي نستنشقه في ظل التلوث الذي نعيشه.
20/1/2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here