ناشطون يشكون ملاحقات الجيوش الإلكترونية: هددونا بالتصفية وحرق البيوت

“تم تهديدي بحرق منزل والدتي في الموصل، وقتل شقيقي وتصفيتي”، بهذه العبارة يشكو أحد الناشطين البارزين في المدينة خطورة التهديدات التي يتعرض لها بعض الناشطين العراقيين عبر الجيوش الإلكترونية، بعد حملة تشهير ممنهجة تسبق التهديدات.

ويقول الناشط، الذي رفض الكشف عن هويته لدواع أمنية، أنّه “تم اتهامنا بالعمالة والتشهير بأسمائنا وذلك لإيجاد حجة قوية لتصفيتنا”. ومؤخرا، يواجه ناشطون وصحافيون في العراق حملة من الاتهامات والتهديدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات وهمية ومجهولة الهوية، تحمل صور شخصيات معروفة أو ميليشيات وفصائل منظوية تحت الحشد الشعبي.

ويضيف الناشط الموصلي لموقع الحرة، أن “غالبية الرسائل تصل عبر حسابات تحمل صورة القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أو لعلم كتائب حزب الله، فضلاً عن اتصالات نتلقاها لتبشيرنا بالقتل على حد قول المتصل”.

وتستفيد الفصائل المسلحة والأحزاب السياسية في العراق من “الجيوش الإلكترونية” أو كما يسميها البعض “الذباب الإلكتروني”، من أجل الدعاية والتسويق، وأيضاً توجيه الانتقادات وشنّ حملات ترهيب وتهديد بتكميم أفواه المعارضين.

ويقول الصحفي الاستقصائي، رياض الحمداني، إنّ “أول ظهور لفكرة الجيش الإلكتروني كان عام 2010 عبر موقع فيسبوك كونه الأكثر انتشاراً واستخداماً في العراق، وكانت نشأتها على يد الحزب الإسلامي وحزب الدعوة الذي كان يدير البلاد منذ عام 2003، وذلك بهدف تهديد الصحفيين بالتصفية أو القتل”.

أما الباحث بالشأن السياسي العراقي، غانم العابد، فاعتبر أنّه “قد يتصور البعض بأن موضوع الجيوش الإلكترونية في العراق تزامن مع تفجر الاحتجاجات الشعبية في البلاد، مطلع تشرين الاول عام 2019، أو أنها مرتبطة بميليشيا واحدة، ولكنها للحقيقة تعمل وفق إدارة وإشراف مباشر من قبل الحرس الثوري الايراني ويعود زمن تأسيسها إلى عام 2014 وتحديداً بعد سيطرة داعش على المحافظات الغربية والشمالية من العراق”.

ويضيف أنّه “في إطار الحرب مع داعش، قامت طهران بتأسيس منظومة جيوش إلكترونية تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر على كل مواقع التواصل الاجتماعي”.

ويلفت إلى أنّ “هذه الطريقة التي اعتمدتها إيران وميليشياتها في العراق على المنصات وأصبحت تعمل وفقاً لهذه الخطة، كما اعتمدت في تلك الفترة الجيوش الإلكترونية التي تديرها لتكذيب وطمس الجرائم والمجازر التي قامت بها ضد المدنيين والأبرياء”.

وبحسب خبير تقني عراقي، فإن كبرى الحسابات المؤثرة والموالية لإيران وميليشياتها في البلاد تدار عبر الجيوش الإلكترونية، وأوضح أن ما يحصل هو “توجيه الهاشتاغ الأساسي من القناة المؤثرة نفسها، بعد ذلك يأتي عمل مجموعات تحتوي على الآلاف من الأعضاء الافتراضيين (حسابات وهمية)، ويتم التداول بهذا الهاشتاغ عبر هذه الحسابات بكثرة، حيث لكل شخص فعلي 10 حسابات وهمية على الأقل ويقوم بنشر 10 تغريدات على الاقل بالساعة، وهكذا تكون هناك 100 تغريدة من قبل شخص واحد فقط خلال ساعة”.

ويؤكد العابد أن “هذه الجيوش تدار بشكل مؤسسي ومنظم، ويتجاوز عدد حساباتها الـ 20 ألفا تنشر أفكار وتوجيهات الميليشيات”.

وشدد الناشط والمدون، سيف الدين علي، على أنّ “جميع المسؤولين في القنوات والحسابات يتقاضون رواتب عالية جداً، علماً أنّ اجتماعات الجيوش الإلكترونية المهمة تتم في مقرات قنوات فضائية تابعة ومدارة من قبل فصائل مسلحة”.

ولفت علي إلى أنّ “غالبية الحسابات التي تحرض على القتل والطائفية تحمل صور زعماء وقادة شيعة أو تحمل اسم الحشد الشعبي، والعديد منها بأسماء تزعم أن سيدة وراء الحساب على سبيل المثال: بنات الحشد، بنات المقاومة، بنات الشايب”.

وعن تدريب عناصر الجيوش الإلكترونية، كشف الحمداني أنّ “الفصائل الموالية لإيران تعتمد على جيش منظم يضم مجموعة من الخبراء المدربين في لبنان، على يد حزب الله، لإنشاء محتوى وحملات منظمة هدفها فرض المزيد من السيطرة والحدّ من الأصوات المعارضة من خلال ترهيب وتهديد الناشطين”.

وأوضحت مصادر، أنّ “خبيرا تقنيا من حزب الله، قام بتدريب حوالي ألف شخص لمدة 8 شهور بين عامي 2017 و2018، في أحد القواعد العسكرية في بغداد، على إدارة الجيوش الإلكترونية وأطلق حينها على هذه المجموعة اسم جيش المقاومة الإلكتروني”.

وكان تحقيق أجرته صحيفة تلغراف البريطانية، في آب 2020، قد كشف عن قيام حزب الله اللبناني بتدريب الآلاف من ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي المدعومين من إيران، لإنشاء ما يسمى “الجيوش الإلكترونية” في جميع أنحاء المنطقة.

وأفادت الصحيفة أنه منذ عام 2012، يقوم حزب الله بتنظيم دورات لتعليم المشاركين كيفية التعامل مع الصور رقميًا، وادارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، وإنشاء مقاطع فيديو.

ونقلت الصحيفة عن محمد وهو شاب عراقي شارك في التدريبات، أن “مبنى التدريب من الخارج يبدو متهالكاً لكنه من الداخل مليء بأدوات التكنولوجيا المتقدمة”، مشيراً إلى أن “مدة الدورة استمرت 10 أيام وطلب منه عدم التحدث مع أحد، كما تمت مراقبة الطلاب بواسطة الكاميرات طوال فترة بقائهم في بيروت”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here