العمى العقائدي!!

العمى العقائدي!!

إضطراب إدراكي وخيم يتسبب بتداعيات خطيرة , تصيب الأفراد والمجتمعات والأمم , وهو نوع من الوهم الذي يتسيّد على الرؤى والتصورات , ويسوّغ السلوكيات المتصلة به.
ويصيب الأحزاب والمجموعات والفئات والحركات العقائدية , ويؤدي إلى موتها ودمارها , فالحزب الشيوعي الروسي قضى عليه العمى العقائدي , وكذلك أحزاب أخرى , لكن الحزب الشيوعي الصيني نجا , لأنه مال للواقعية أكثر منه إلى العقائدية , فكانت خطواته وقراراته مبنية على دراسات وأبحاث وإستنتاجات عملية واضحة.
والعمى العقائدي يتأكد في الأحزاب والفئات المؤدينة ويجعلها أخطر الحركات , ويدفعها لإرتكاب أبشع الجرائم والآثام لأنها عمياء , وتحسب فعلها الأفضل والمعبر الأصدق عن عقائدها مهما كان نوعها.
فالأحزاب المؤدينة والعقائدية لا ترى جرائمها ضد الإنسانية على أنها سلوك خاطئ , وإنما عقائدها تبررها , ولهذا تاتي بما يتنافى مع أبسط القيم والمعايير والمبادئ , التي تنطق بها وتنادي بإتّباعها , فتقوم بأعمال وحشية لا مثيل لها , لأن فيها التعبير الأمثل عن عقيدتها.
فلا يمكن مواجهة الأعمى عقائديا بما يفعله , لأنه يحسبه واجبا وفرضا , ولهذا تجدنا أمام سلوكيات شنيعة حمقاء في هذه الأحزاب والحركات.
فهي صاحبة الحق الأوحد والحقيقة المطلقة , وغيرها على خطأ وهو الآثم والمجرم , وهي التي تقيم العدل وتصنع الحياة الحرة الكريمة الصالحة , وتنفذ أمر ربها بخلقه الفاسدين , والآخرون الذين يعارضونها يريدون حياة ذات آثام وخطايا ومَظالم.
وهو منطق جنكيز خان وهولاكو , والقِوى التي فتكت بالبشرية على مر العصور.
فجرائم الإبادة الجماعية لا تُعتبر جرائم في نظرها , والإعتداء على حقوق الآخرين , تبرره بما عندها من هذيانات وأوهام.
وهذا ينطبق على الدول العقائدية , التي لا ترى أي سوءٍ فيما تقترفه في غير بلادها , بل تعبيرا صحيحا عن عقيدتها , فلا يمكن أن تواجهها بما فعلت , لأنها تبرره بقوة بخطابات وتصريحات وفتاوى عقائدية صرفة , ولهذا فأن الذي يعترض على سلوكها يُعتبَر عدوا لها.
ووفقا لمعطيات التأريخ فأن العمى العقائدي يُردي أصحابه , ويأخذهم إلى نهايات وخيمة , لأنهم يحاربون أعداءً وهميين ويهملون الواقع , كما حصل للأنظمة العقائدية , التي تهاوت على عروشها في لحظة حامية من الزمن.
فهل من واقعية بدلا من العقائدية؟!!
د-صادق السامرائي
25\8\2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here