حياة العرب في العصر الجاهلي.(*) في 6ح ، انشرها السبت من كل اسبوع ح1

حياة العرب في العصر الجاهلي.(*) في 6ح ، انشرها السبت من كل اسبوع ح1
د. رضا العطار

هذه الدراسة التاريخية مقتبسة من كتاب (العرب في العصر الجاهلي)، لمؤلفه الدكتور ديزيره سقال، دار الصداقة العربية، الطبعة الاولى، بيروت 1995، تتناول مسائل حضارية من أثرية و اجتماعية واقتصادية ودينية للاقوام السامية القديمة التي عرفتها المنطقة عبر العصور.

بلاد العرب القديمة كبيرة جدا، شاسعة. مساحتها حوالي ربع مليون ميل مربع.
كانت هذه البلاد في الدور الجوراسي يفصلها عن بلاد فارس والهند، المحيط الهندي والخليج الفارسي العربي، ثم ما لبث ان فصلت عن شمال افريقيا عندما ظهر البحر الاحمر في الطور الثالث، فأرتفعت سلسلة الجبال التي تسمى جبال (السراة). وامتدت امام هذه السلسلة سهول (تهامة). اما القسم الثاني فيدعى (الحجاز).
وبقرب هذه المنطقة الجبلية تقع (الحرة) وهي ارض رسوبية احدثتها حمم البراكين.
ويبرز نتؤءان جبليان بأتجاه الشرق ينفذان الى سهول شمال المدينة ويدعيان جبلا (أجا) و (سلمى). واسمهما اليوم جبل (شمًر) وهو يخترق بادية الشام حتى مستنقعات دجلة شرقا والنجاد الكلسية غربا ويؤلفان جنوبا النجاد الصحراوية الكبرى (كارل بروكلمان).

يفصل نجد عن آكام عُمان (الربع الخالي) وهو صحراء قاحلة شاسعة جدا قليلة الاودية، واهم اوديتها وادي (الدواسير) جنوبا. وتقع فيها بعض الابار التي تساعد على زراعة النخيل. بينما المنطقة الجنوبية هي المنطقة الوحيدة التي تصلح للزراعة الرابحة في مواسم الرياح الصحراوية العاتية. اما المناطق الشمالية – بأستثناء الواحات – فلا تكاد تقدم للسكان شيئا يذكر – – تسمى هذه البلاد (شبه الجزيرة العربية) وذلك لان المياه تحيط بها من جوانبها الثلاث الا الشمال.

اما جغرافيو الرومان فقد قسموها الى ثلاثة اقسام :
1 – العربية الصحراوية : وهي البادية الشمالية وتقع مملكة تدمر في شمالها.
2 – العربية الصخرية : وتشمل شبه جزيرة (سيناء) ومرتفعات شمال الحجاز المتصلة بها، وشمال البحر الميت وهنا اقيمت مملكة الانباط.
3 – العربية السعيدة : وهي تشمل جنوب جزيرة العرب وبطنها وهنا اقيمت مملكة عرب الجنوب اليمنين – مملكة المعينيين والسبئيين والحميرين وغيرها من ممالك القحطانيين العرب.

لقد عرف العرب انواعا متعددة من الحيوات كالاسد والضبع والذئب والفهد والثعلب والنمر والضب وغيرها من الحيوانات المفترسة. وعرفوا القردة، وما زال كثير منها في اليمن حتى ايامنا هذا والطيور والكواسر وغيرها من الطير كالهدهد والعندليب والحمام.
واعتمدوا كثيرا على الحيوانات الداجنة كالحمير والبغال والكلاب. ويعتقد ان البغال ادخلت الى جزيرة العرب من مصر بعد الهجرة. ولعل اهم هذه الحيوانات الداجنة كلها الجمال، فهي سفينة الصحراء وعصب الحياة بالنسبة الى العربي، لانها تستطيع السير بسهولة في رمال الصحراء وقيظها وتحمل الجفاف.
وقد انقرض معظم هذه الكائنات المفترسة بفعل الزمن، خاصة بعد تغيير مناخ المنطقة في العصر الجليدي قبل عشرة آلاف سنة، ولا ننسى ما كان في فتح قناة السويس عام 1869 وقطع امتداد العمق الافريقي عن الجزيرة العربية من اثر حاسم في ذلك.

اما الخيل فقد نُقل اليها من سوريا، ويعتبر الكحيلان من احسن الخيول العربية. اما اقتناء هذه الخيول فقد كان مقتصرا على الاثرياء نظرا لما تحتاج اليه هذه الحيوانات من الطعام و العناية الفائقة.
كما كان الكلب من الحيوانات المهمة بالنسبة الى العربي ولا سيما كلب الحراسة. وللجاحظ فصولا كثيرة في عيوبه ومقالبه وشؤونه.

وهذا الوصف لأمرؤ القيس يمتدح جواده :

درير كخذروف الوليد أمره * * * تتابع كفيًه بخيط موصلِ

له ايطلا ظبي وساقا نعامة * * * وارخاء سرحانِ وتقريبُ تَتفُل

العرب واصلهم: لقد اجمع اكثر المؤرخين بان صلة العرب بالساميين عرف من الروايات التي جائت في التوراة عن اصل العرب كونهم منحدريين من سلالة نوح والتي تؤكد انهم من شبه جزيرة العرب فهي موطنهم الأصلي رغم ان البعض يدعي انهم جاؤا من ارمينيا او من قارة افريقيا او من جزيرة سيلان. وان الباحث فون كريمر اعتقد ان العرب بالأصل من بابل، بدليل الجمل والزراعة الا ان الباحث فولدكر يرفض هذا الأعتقاد ويقول ان بابل حضاري ليس له علاقة بالصحراء .
لقد حدثت الهجرات العربية القديمة في التاريخ بأتجاه الشمال بعدما تغير مناخ المنطقة في العصر الجليدي قبل اكثر من عشرة الاف سنه مما سبب الجفاف وحول معظم بلاد العرب الى مناطق صحراوية قاحلة.

المعروف ان اولى الهجرات التي نزح فيها العرب الى العراق القديم ومصر كانت 4000 سنه قبل الميلاد اما الهجرات الثانية كانت الى الهلال الخصيب والمغرب العربي حصلت حوالي 2500 ق م , ويبدو من خلال الدراسات التاريخية والأثرية المتعددة انه نتيجة لهذه الهجرات حصل استقرار البداوة في تلك المناطق وظهرت مدنيات نتيجة التمازج الحضاري بعد هذا التحرك السكاني, والظاهر ان العرب ظهروا اول مرة في مناطق نجد والعروض واليمن والحجاز. ويبدو ان ثمة صفات مشتركة تميز بها سكان هذه المناطق كالبيئة واللغة والعادات الأجتماعية وطرق المعيشة والعقائد، هذا التشابه جعل الباحثين يعتقدون ان العرب منحدرون من اصل واحد سموه بالجنس السامي.
لكن المستشرق الفرنسي ارنست رينان يقول – ان العرب منحدرون من اصل واحد يشتركون في لغة واحدة وبتركيب عقليتهم ونظرتهم الجزئية للأشياء وتأثرهم بالغيبيات وميلهم الى البساطة في التفكير والوحدانية في الدين – لكن المؤرخون العرب لم يأخذوا بهذا الرائ كونه استعماري النزعة.
اما المناطق التي استقر فيها العرب بعد هجرتهم فكانت البادية الشمالية، حيث نشأت مملكة تدمر والغساسنة اما في مرتفعاتها فظهرت مملكة الأنباط وفي الجنوب ظهرت ممالك اليمن والمعينين والسبئيين حوالي عام 1300 ق . م .

لقد اختلط الأكديون اقدم القبائل المهاجرة الى العراق القديم بالسومريين وكونوا شعب بابل، الذي قدم للحضارة الأنسانية الكثير من ميراثها الثقافي, ثم هاجر اليه الأشوريون في الألف الثالث ق . م . ثم تبعهم العموريون حتى وصلوا مدينة تيماء عندها تفرقوا. فقسم واصل السير ودخل وادي الرافدين. واخرون عرجوا غربا ودخلوا وادي النيل وفي الألف الثاني ق م . ثم هاجر الأراميون واستقروا في الفرات الأوسط . لكن قسم منهم توقف وسط الطريق واستقر في سهل البقاع, اما الكنعانيون فقد استقر قسم منهم في فلسطين بعد الهجرة. والقسم الأخر سكن السواحل الشرقية للبحر المتوسط وسمو بالفنيقيين.
ينقسم اصل العرب الى ثلاثة اقسام : العرب البائدة والعرب العاربة والعرب المستعربة لكن ابن خلدون اضاف في مقدمته، العرب المستعجمة.
اما العرب البائدة فكانت تضم سبعة قبائل :

1- قبائل عاد الذين سكنوا اليمن زمن نبي الله هود الذي جاء ذكره في القرأن في سورة الفجر – الم ترى كيف فعل ربك بعاد ارم ذات العماد – .
2- ثمود سكنوا الحجاز زمن نبي الله صالح .
3- طسم سكنوا عمان .
4- ثقيف سكنوا الطائف .
5- جاسم سكنوا مكة .
6- وبار سكنوا اليمن .
7- جديس سكنوا اليمامة … يعتقد ان هذه القبائل هم من ذرية سام ابن نوح.
وقد انقرضت هذه القبائل وتاريخها مجهول والمتتبعات في شأنها متضاربة.
اما العرب العاربة فهم عرب الجنوب ويدعون بالقحطانيين نسبة الى يعرب بن قحطان ولغتهم لغة سامية قديمة جدا يعتقد انها تطورت الى اللغة العربية لاحقا (4) وقد ساعد الموقع الجغرافي لعرب الجنوب على الأشتغال بالتجارة البحرية والبرية فكانت سفنهم تجوب بين بلاد السند ومصر وبابل (5).
اما الزراعة عندهم فكانت رائجة لكثرة الأنهار والسدود. وكان سد مأرب اشهر السدود في اليمن.

العرب واصلهم: لقد اجمع اكثر المؤرخين بان صلة العرب بالساميين عرف من الروايات التي جائت في التوراة عن اصل العرب كونهم منحدريين من سلالة نوح والتي تؤكد انهم من شبه جزيرة العرب فهي موطنهم الأصلي رغم ان البعض يدعي انهم جاؤا من ارمينيا او من قارة افريقيا او من جزيرة سيلان. وان الباحث فون كريمر اعتقد ان العرب بالأصل من بابل، بدليل الجمل والزراعة الا ان الباحث فولدكر يرفض هذا الأعتقاد ويقول ان بابل حضاري ليس له علاقة بالصحراء .
لقد حدثت الهجرات العربية القديمة في التاريخ بأتجاه الشمال بعدما تغير مناخ المنطقة في العصر الجليدي قبل اكثر من عشرة الاف سنه مما سبب الجفاف وحول معظم بلاد العرب الى مناطق صحراوية قاحلة.

المعروف ان اولى الهجرات التي نزح فيها العرب الى العراق القديم ومصر كانت 4000 سنه قبل الميلاد اما الهجرات الثانية كانت الى الهلال الخصيب والمغرب العربي حصلت حوالي 2500 ق م , ويبدو من خلال الدراسات التاريخية والأثرية المتعددة انه نتيجة لهذه الهجرات حصل استقرار البداوة في تلك المناطق وظهرت مدنيات نتيجة التمازج الحضاري بعد هذا التحرك السكاني, والظاهر ان العرب ظهروا اول مرة في مناطق نجد والعروض واليمن والحجاز. ويبدو ان ثمة صفات مشتركة تميز بها سكان هذه المناطق كالبيئة واللغة والعادات الأجتماعية وطرق المعيشة والعقائد، هذا التشابه جعل الباحثين يعتقدون ان العرب منحدرون من اصل واحد سموه بالجنس السامي.
لكن المستشرق الفرنسي ارنست رينان يقول – ان العرب منحدرون من اصل واحد يشتركون في لغة واحدة وبتركيب عقليتهم ونظرتهم الجزئية للأشياء وتأثرهم بالغيبيات وميلهم الى البساطة في التفكير والوحدانية في الدين – لكن المؤرخون العرب لم يأخذوا بهذا الرائ كونه استعماري النزعة.
اما المناطق التي استقر فيها العرب بعد هجرتهم فكانت البادية الشمالية، حيث نشأت مملكة تدمر والغساسنة اما في مرتفعاتها فظهرت مملكة الأنباط وفي الجنوب ظهرت ممالك اليمن والمعينين والسبئيين حوالي عام 1300 ق . م .
لقد اختلط الأكديون اقدم القبائل المهاجرة الى العراق القديم بالسومريين وكونوا شعب بابل، الذي قدم للحضارة الأنسانية الكثير من ميراثها الثقافي, ثم هاجر اليه الأشوريون في الألف الثالث ق . م . ثم تبعهم العموريون حتى وصلوا مدينة تيماء عندها تفرقوا. فقسم واصل السير ودخل وادي الرافدين. واخرون عرجوا غربا ودخلوا وادي النيل وفي الألف الثاني ق م . ثم هاجر الأراميون واستقروا في الفرات الأوسط . لكن قسم منهم توقف وسط الطريق واستقر في سهل البقاع, اما الكنعانيون فقد استقر قسم منهم في فلسطين بعد الهجرة. والقسم الأخر سكن السواحل الشرقية للبحر المتوسط وسمو بالفنيقيين.
اما الزراعة عندهم فكانت رائجة لكثرة الأنهار والسدود. وكان سد مأرب اشهر السدود في اليمن.
اما ديانتهم فكانت وثنية وتمسكوا بالثالوث. القمر ورمزه الحية والشمس ورمزها اللات والزهرة ورمزها العزى. وكان البابليون يعبدون الشمس ويدعونها شاماس. كما عبدوا الهة الخصب ودعوها عشتار. وكانوا يقيمون لها احتفالات سنوية اسوة بأسلافهم السومريين. وان آلهة بلدان الشرق الأوسط كانت متشابهة في الشكل مما يدل انها كانت مرتبطة بعلاقات تجارية مع بعضها.

اما ديانتهم فكانت وثنية وتمسكوا بالثالوث. القمر ورمزه الحية والشمس ورمزها اللات والزهرة ورمزها العزى. وكان البابليون يعبدون الشمس ويدعونها شاماس. كما عبدوا الهة الخصب ودعوها عشتار. وكانوا يقيمون لها احتفالات سنوية اسوة بأسلافهم السومريين. وان آلهة بلدان الشرق الأوسط كانت متشابهة في الشكل مما يدل انها كانت مرتبطة بعلاقات تجارية مع بعضها.
ذهب فيليب حتي في كتابه تاريخ العرب الى ان العرب ساميو الاصل، وهم – استنادا الى خريطتهم اللغوية – أكاديون (بابليون نسبوا الى عاصمتهم أكاد)، احتلوا وادي الرافدين عام 2500 قبل الميلاد، ثم آشوريون وكلدان. ثم سكن المنطقة التي تدعى الشام الاموريون والكنعانيون. ولما كان عام 1500 ق. م. استقر الاراميون في الشام والعبرانيون في فلسطين، تربطهم اواصر قربى شديدة ومن اهمها اواصر قربى لغوية.
وكانت هجرات الشعوب منذ حوالي عام 3500 ق. م. نحو الشمال.
فاستقر بعض الساميين مع الحاميين بمصر، فظهر الفراعنة، ومن يسمون (هيكسوس) اي الملوك الرعاة.

ثم هاجرت موجة اخرى واستقرت في وادي الرافدين حوالي الالف الرابع قبل الميلاد. فأختلطوا مع السومريين وظهر نتيجة اختلاطهم الشعب البابلي.
ثم في الالف الثالث ق. م. كانت هجرة اخرى للاموريين نحو الهلال الخصيب، فظهر الكنعانيون ولا سيما في فلسطين، وسمًي الاغريق سكان ساحل المتوسط منهم الفينيقيين، وكذلك على اسم المدن الساحلية البحرية التي استوطنوها في سورية.
ثم تسرب العبرانيون الى جنوب الشام والاراميون الى سهل البقاع، وكانوا اول الدعاة الى التوحيد الديني. (وحدانية الله)

ثم نزل الانباط حوالي 500 ق. م. شمال شبه جزيرة سيناء، وتأثرت حضارتهم بالرومان – – – وفي القرن السابع الميلادي بدأت الهجرات الاسلامية.
وكان للاراميين اهمية تجارية كبيرة، إذ ان قوافلهم بلغت الشام وما بين النهرين، وآسيا الصغرى، ملتقية بقوافل اليمن والثموديين من الحجازيين، واتخذوا من الفنيقيين حروفهم الهجائية – – وفي القرن الثاني ق. م. نزحت موجة الاحباش الى الشمال واعتنق حكامها المسيحية.

كانت لهؤلاء العرب ممالك وامم امتدت الى الشام، وكانت لهم مدن و قصور وابنية مختلفة، ومعظمهم شماليون، سكنوا في بوادي جزيرة العرب، مخيمين. الى ان غلب عليهم بنو يعرب بن قحطان. وكان هؤلاء العرب قسمين، الاول من نسل لاوذ بن سام وهو اخو إرم، راس الاراميين، والباقون من نسل إرم، منهم آراميون من ابناء إرم بن سام، وقد قيل ان هؤلاء ملكوا العراق (بابل) ومنها نزحوا الى جزيرة العرب.
وتؤكد النقوش التي عُثر عليها، هذه الحقيقة.

العمالقة: هؤلاء هم قدماء العرب من اهالي سكان الحجاز. وهذا الاسم يدعى بالبابلية (ماليق)، ثم اضاف اليه اليهود لفظة (عم) اي شعب – فاصبحت (عم ماليق) ولبثت اللفظة ان صارت مع الزمن (عماليق) و (عمالقة) واطلقت على طائفة كبار العرب.
وانطلاقا من نسب العمالقة إلى لاوذ أخي إرم نشأت مملكتين لهما : مملكتهم في العراق القديم، ومملكتهم في مصر.

1 – مملكتهم في العراق : لعل اول من ذكر ملك العرب في العراق بروسوس اليوناني في القرن الرابع ق. م. فقد وضع هذا العلامة جدولا للدول التي حكمت بلاد الرافدين بالتتالي، وفيما يلي هذا الجدول :
اسم الدولة و عدد ملوكها

دول قبل الطوفان 10
دول بعد الطوفان 86
دولة بادي 8
دول اخرى ضاعت ارقامها
دولة الكلدان 49
دولة العرب 9
دولة الاشوريين 45
اما الدولتان الاوليان، فرفضهما المؤرخونواعتبروا الدول الاخرى تاريخية حقا.
فإن نحن نظرنا الى (دولة العرب) التي ذكرها بروسوس، وقارناها بالدولة البابلية الاولى – اي دولة حمورابي، رجحنا انها هي المعنية، ونتوقف قليلا عند هذه الدولة.

قلنا ان الساميين نزحوا الى بلاد ما بين النهرين واختلطوا بالسومريين. وما لبثت الحروب ان نشبت بينهما في الالف الثاني ق. م. وما هي إلا ان استولى الساميون بقيادة سرجون الاول على مقاليد الحكم. ثم ثارت عليه شعوب مختلفة فدحرها.
واستمر نارام – سين على سياسة ابيه سرجون، ولكن المملكة ما لبثت ان تفسخت، وكانت لارسا آخر الممالك، إلا انها ما انفكت حتى انهارت تحت ضربات حمورابي.
وفي ما يلي جدول بالملوك البابليين ومدة حكمهم.
اسم الملك مدة حكمه
ساموابي 31
شاموليلو 15
زابزم 45
اميل سين 18
ينموبليت 30
حمورابي 55
شمسو ايلونا 35
ابيشوع 25
عمى ديتانا 25
عمى صادوقا 34
شمسو ديتانا 31
وهنا لا بد لنا من ان نشير الى ان التواريخ المذكورة، وقد نقلها جرجي زيدان، تختلف عن تواريخ، نقلها سواه من الاشخاص.

2 – مملكة العمالقة في مصر : لقد نزح الساميون الى مصر منذ العصر الحديدي، وقد سمى المصريون هؤلاء اهل البادية (شاسو) وهي تسمية بابلية. وكان لهم سيادة في سيناء، وكان الشاسو من الغزاة، يسرقون المصريين، فخافوهم، ولما تدهورت امور مصر، اغتنم العمالقة الفرصة وانقضوا على مصر السفلى، واقتبسوا الحضارة المصرية وصار ملوكهم فراعنة.

يقول ابن خلدون : ( ان بعض ملوك القبط استنصر ملك العمالقة في الشام واسمه الوليد بن دومغ، جاء الى مصر واستعبد القبط، منهم فرعون ابراهيم، وفرعون يوسف وهو الريان بن الوليد، وفرعون موسى وهو الوليد بن مصعب – – وان الريان بن الوليد يسميه القبط نقراشي وان وزيره كان اطفير وهو العزيز، صاحب قصة يوسف.
لقد تفرق العمالقة بعد ان خرجوا من العراق ومصر، واسسوا دولا في جزيرة العرب كالانباط وسكان تدمر.

دولة حمورابي: اقتبست دولة بابل حضارتها من تمدن السومريين. واستعملت لغتهم في اول الامر، ثم اهملتها حتى غلبت فيها اللغة السامية. وزاد البابليون في الاحرف السومرية، وكانت هذه اللغة هيروغلوفية، اي صورية. وقد كان للسومريين قانون بلغتهم وضعه (او- نامو) مؤسس سلالتهم.
اما قوانين حمورابي التي تعتبر أسً الدولة البابلية في التشريع فلم تكن الا نوعا من العقلنة لأنظمة قديمة سبقتها. وقد وردت قبلها انظمة لبيت اشتار ملك ايسين من سلالة بابل الاولى. وعلى اي حال، لن نتوسع في تاريخ الدولة البابلية الاولى، لكننا سنبين انها عربية، ونعني بهذا انها تَمُت بصلة الى العرق العربي.

يقول مصطفى صادق الرافعي (مات1937) : وقد اختلف الباحثون في منشأ تلك الشعوب الذي امتهدته وتفرقت منه، فذهب بعضهم الى ان مهد الساميين الحبشة في افريقيا وقال آخرون بان مهدهم جزيرة العرب. ولهم في ذلك اراء اخرى متنوعة الادلة ولكن مما لا يمترون فيه ان العربية كانت ابعد آفاق التاريخ التي اضاء فيها كوكب الحضارة المشرق. وقد تحققوا ذلك بما اكتشفوه سنة 1901 في بلاد السوس من آثار دولة حمورابي وهي المسلة التي دونت عليها الشريعة البابلية في 282 نصا، وما لبث لهم ان هذه الدولة عربية، وهي تبتدئ سنة 2460 ق. م. وواضح في قوله هنا ان دولة حمورابي عربية. والادلة على ذلك :

1- اورد بروسوس اسم (دولة العرب) في هذا السياق
2- 2 – عُرف سكن البادية قديما باسم (عمورو) ثم (عريبي) واسم العمالقة (عريب) كما يذهب الطبري.
3- المشابهة التي بين لغة الدولة البابلية وبين اللغة العربية لا نجدها بينها وبين سائر اللغات السامية إلا من كان ناطقوها من بقايا العمالقة. فاللغتان تتقاربان في صيغ الافعال و في اعتمادهما التنوين، وفي علاقة الجمع، وفي غير ذلك.
4- تركيب الاسماء البابلية – اسماء الملوك – عربي.
5- التشابه في الألهة واسمائها بين البابليين وعرب اليمن.

* مقتبس من كتاب العرب في العهد الجاهلي لديزيرة سقال !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here