المأزق العراقي والحل الشرعي

::المأزق العراقي والحل الشرعي

بقلم الدكتور نجم الدليمي

اولا.. ان القضية العراقية، قضية معقدة ومتشابكة ، وتم التشابك والتعقيد بفعل العامل الاقليمي والدولي، وبالتالي اصبحت قضية مدولة بامتياز ، وان الشعب العراقي منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم يدور في حلقة مفرغة لن يستطيع اجراء التغيير الشعبي المطلوب، لان القضية العراقية اصبحت تحمل طابعاً اقليميا ودولياً وفيها تشابك، تنافس بين القوى الاقليمية والدولية وبالتالي اصبح الشعب العراقي ضحية هذا التنافس بين القوى الاقليمية والدولية.

ثانيا.. ان العراق في مازق خطير وحقيقي منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم، وان جميع الحكومات العراقية المتعاقبة قد فشلت فشلاً ذريعا في حل ومعالجة اي مشكلة اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية، بل ان هذه الحكومات قد افرزت نتائج سلبية وكارثية في آن واحد ومنها :: تنامي معدلات البطالة والفقر والبؤس والمجاعة والجريمة المنظمة والمخدرات والانتحار والقتل المتعمد وخاصة وسط الشباب وتخريب منظم للقطاع الصناعي والزراعي والتعليم والصحة وتعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية لصالح النخبة المافيوية الحاكمة وتنامي معدلات المديونية الداخلية والخارجية وتشديد التبعية والتخلف للقوى الاقليمية والدولية والمؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية . ون الاستمرار في هذا النهج ((الاصلاحي)) او النهج ((النيوليبرالي)) المفرط في وحشيته سيؤدي بالعراق والشعب العراقي نحو الكارثة الإنسانية المحدقة على شعبنا العراقي، وسيؤدي هذا النهج الخطير الى الافلاس، ومن مؤشرات ذلك، ان مشروع الميزانية لعام 2021 هي ميزانية افقار واذلال وتجويع وقهر وبؤس للغالبية العظمى من الشعب العراقي، فهي تعمل على بيع و تقسيم العراق الى دويلات،والى اقاليم مصطنعة ومفتعلة وخطيرة على الشعب العراقي ويكمن هذا الخطر في اشعال الحرب الأهلية في العراق سواء كانت تحمل الطابع الطائفي \ القومي او النزاع حول الثروات الطبيعية، اوحول تحديد الحدود بين الاقاليم بشكل عام وبين كل محافظة ومحافظة اخرى في حالة تنفيذ هذا المشروع الاسود.

ثالثاً.. لقد اثبت الواقع الموضوعي وبالملموس فشل التجربة البرلمانية في العراق وفشل اسلوب الانتخابات البرلمانية منذ عام 2005 ولغاية اليوم ، فقادة الاحزاب والكتل والتيارات السياسية المتنفذة اليوم في الحكم من المكونات الطائفية الثلاثة تعيد نفسها بنفسها ، وتتميز هذه الانتخابات البرلمانية بعدم الشفافية والنزاهة، بل ان من يملك المال والسلطة والاعلام والمليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والتابعة للأحزاب السياسية المتنفذة اليوم في الحكم هو من يحقق الفوز في الانتخابات البرلمانية، فيتم شراء ذمم المواطنين ووعود وهمية وتزوير وتلاعب بالنتائج، ومفوضوية غير مستقلة، وان غياب قانون الاحزاب، ونظام الانتخابات البرلمانية يتغير باستمرار وفق مصلحة الاحزاب السياسية المتنفذة في السلطة اليوم من المكونات الطائفية الثلاثة. ومما يؤسف له اصبح الوصول للبرلمان ليس لخدمة الشعب العراقي بل اصبح الوصول للسلطة التشريعية هو من اجل الاثراء على حساب الشعب العراقي الفقير ، فالغالبية العظمى من اعضاء البرلمان اصبحوا مليونيرية ومليارديرية وبالدولار الاميركي وهرّبوا اموالهم المسروقة خارج العراق وتم شراء العقارات، ونسبة غير قليلة من النواب يمارسون الضغوطات السياسية….. ، على الوزراء من اجل الحصول على نسبة معينة من هذا المشروع او ذاك، ويتم ايضاً ممارسة ضغوطات على بعض الشركات التي ترغب العمل في العراق، مشروع الفاو انموذجا حيا وملموسا،
رابعاً.. يلاحظ منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم ان عدد غير قليل من اعضاء السلطة التنفيذية والتشريعية قد تشابكت مصالحهم الخاصة، فيما يتعلق بالمشاريع الخدمية، والمشاريع الوهمية، والفضائيين ومزدوجي المرتبات، والتعيينات في دوائر الدولة وخاصة في كلية الشرطة والكلية العسكرية والامن الوطني…. وتهريب النفط،وعقود التسلح،و تهريب العملة الصعبة وعبر منفذ بيع العملة الاجنبية للمصارف الاهلية ولمصارف محددة تخدم مصالح شخصية ودول اقليمية وغياب الرقابة الحكومية على المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية والاستيراد الغير منظم والغير صالح للاستهلاك الآدمي….
خامساً.. ان ماتم ذكره اعلاه ليس الا شيء قليل جدا من ممارسة السلطة الحاكمة منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم فان قادة الاحزاب السياسية والكتل والتيارات السياسية المتنفذة اليوم في الحكم ليس لديهم الرغبة الجادة والحقيقة في وضع معالجات وحلول جذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية….التي تواجه شعبنا العراقي ، وفي مقدمتها تنامي معدلات البطالة والفقر والبؤس والمجاعة والجريمة المنظمة والمخدرات والانتحار والقتل المتعمد وخاصة وسط الشباب، ناهيك عن تخريب منظم للقطاعات الانتاجية والخدمية وحولو العراق الى سوق لتصريف بضائع الدول الاقليمية والدولية الغير صالحة في معظمها للاستهلاك الآدمي وبدون رقابة حكومية وخاصة من قبل الجهات المعنية،وكما ليس لديهم الرغبة في سيطرة الحكومة العراقية على المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية ومعالجة تهريب النفط والمخدرات ومشكلة السجون، بل الهم الوحيد لديهم هو الاستحواذ على ثروات الشعب العراقي وتحت غطاء ما يسمى بمشروع الخصخصة السيئة الصيت في شكلها ومضمونها بهدف شراء اصول الدولة وبثمن بخس ويتم تحويل الغالبية العظمى من الشعب العراقي الى عبيد لهم فيصبح النفط والغاز والمعامل والمصانع والبنى التحتية……. ملكية خاصة لهم والاخطر من ذلك ان من يتبنى الخصخصة ينوي العمل على بيع الارض وهذا يعني بيع العراق بالكامل للنخبة الحاكمة والتي تمثل 1 بالمئة وهي تملك 99بالمئة من ثروة الشعب العراقي وان 99بالمئة من الشعب يمكن ان يحصل على 1 بالمئة من الثروة.ان مشكلة العراق والشعب العراقي هي انه بلد غني في ثرواته الطبيعية والبشرية فكل شيء موجود النفط والغاز والفوسفات والحديد واليورانيوم والذهب…… وغيرها من الموارد الطبيعية الاخرى ومن هنا ينبع التنافس بين القوى الاقليمية والدولية على العراق ارضا وثروةّ
سادساً.. منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم الشعب العراقي وقادة الاحزاب والكتل والتيارات السياسية المتنفذة اليوم في الحكم. تدور في حلقة مفرغة وبشكل مخطط وواعي وبدقة، وكما يلاحظ ان الغالبية العظمى من الشعب العراقي في جهة او عالم اخر يعيش فيه، عالم خاص به وقادة الاحزاب والكتل والتيارات السياسية المتنفذة والبرجوازية الادارية والبيروقراطية وقوى اقتصاد الظل المافيوي يعيشون في عالمهم الخاص بهم عالم الحفاظ على السلطة وبأي وسيلة وثمن كان، والاستحواذ على ثروة الشعب العراقي وتحويلها للخارج، التنافس فيما بينهما حول السلطة وتقاسم كعكة السلطة، اما الشعب فليذهب الى الجحيم و.
ان ما يسمى بالانتخابات البرلمانية من عام 2005 ولغاية اليوم كانت ولا تزال وسيلة للبقاء في السلطة من قبل الطغمة المالية المافيوية الحاكمة وهي ضحك على الشعب العراقي. وان من يعتقد، او يراهن على الانتخابات البرلمانية في وجود نظام المحاصصة السياسي والطائفي والقومي المقيت والفاشل بامتياز فهو على وهم كبير، وان الركض وراء السراب رهان خاسر !فمن الضروري أن يدرك الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية والتقدمية واليسارية هذه الحقيقة الموضوعية الحية.

سابعاً.. ما العمل؟
نعتقد من اجل كسر الحلقة المفرغة التي عاشها ويعيشها الشعب العراقي هو الاتي::

**العمل على تشكيل حكومة انتقالية لمرحلة محددة مابين 2-3 سنوات وتحت اشراف دولي، مجلس الامن الدولي بعيداً من كل الاحزاب السياسية التي حكمت العراق منذ الاحتلال الامريكي للعراق ولغاية اليوم اي تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المخلصة والمتخصصة،تتميز بالنزاهة والاخلاص والمبدئية والعمل لمصلحة الوطن والشعب العراقي.

**العمل على الغاء نظام المحاصصة المقيت لانه اس المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية…. في العراق. والعمل على حل،الغاء، جميع الاحزاب الطائفية من الساحة السياسية العراقية وكما يتطلب العمل على فصل الدين عن الدولة.

**كتابة دستور جديد للشعب العراقي و بايادي عراقية متخصصة في الميدان القانوني والاقتصادي والسياسي …..،

**تشريع قانون واضح وصريح من قبل الحكومة الانتقالية، قانون من اين لك هذا.

**حل جميع الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة في السلطة وغير التابعة للاحزاب والمدعومة من قبل قوي اقليمية، ومعالجة ذلك وفق ضوابط تحددها وزارة الدفاع والداخلية والامن الوطني من اجل قبول الشباب من المليشيات المسلحة والقسم الاخر يعود الى عمله السابق، والقسم الاخر يحال على التقاعد وفق ضوابط دقيقة وعادلة ويجب ابعاد حالات الدمج من الجيش والشرطة والامن الوطني والمخابرات والاستخبارات العراقية ووفق ضوابط دقيقة وعادلة، اما تقاعد، او الرجوع إلى عمله السابق.
**تشكيل محكمة دولية محايدة تحقق في الاجرام الذي حدث ضد المتظاهرين السلميين، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
**العمل الجاد على استرجاع الاموال المسروقة وارجاعها للشعب العراقي والتي تتراوح مابين850-ترليون دولار ويتم توظيفها في الاقتصاد الوطني.

**الاقرار بتعدد الأنماط الاقتصادية في الاقتصاد الوطني العراقي والعمل على تعزيز دور ومكانة الدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمالية وتعزيز الرقابة الشعبية، وينبغي أن يلعب قطاع الدولة دوراً أساسياً ومهما في توجيه الأنماط الاقتصادية الاخرى.

**العمل الجاد على فصل عمل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفي عمل هذه السلطات من قبل أي جهة كانت حزباً او شخصية سياسية.
**على الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية والتقدمية واليسارية من ان ترفض مشروع مايسمى بالخصخصة السيئة الصيت في شكلها ومضمونها، لانها تعني بيع العراق بالتفصيخ واشاعة البطالة والفقر والبؤس والمجاعة والجريمة المنظمة وغيرها في المجتمع العراقي.

ثامناً.. بعد انتهاء مرحلة الانتقال يتم استفتاء شعبي ديمقراطي على طبيعة النظام السياسي اللاحق رئاسي، ام برلماني والشعب هو صاحب القرار النهائي في ذلك ويتم ذلك تحت اشراف الامم المتحدة.

تاسعا.. نعتقد، ان هذه الاجراءات وغيرها ستوفر الارضية القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمالية والامنية والعسكرية لبناء دولة مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنيا لما فيه الخير لشعبنا العراقي والحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعباً وثروةً.
27\1\2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here