الاعلام أخطر أسلحة الشارع

حين تتعرض البلاد للازمات الخطيرة، يجب أن يتصدى لحلها السياسيون، باعتماد الحوار الوطني الرصين والانضباط الاعلامي المتزن، لان ذلك في صلب مهامهم، لتحاشي الصدامات التي تشعل الشارع المحتقن اصلاً بالطائفية والارهاب، لكن ما حصل ويحصل في كل ازمة، هو اطلاق العنان للتصريحات النارية المتقاطعة والمنفلته، لتازيم الوضع العام ودفعه لحافات الانهيار.

لقد قدم الشعب ملاحم من التضحيات تجاوزت الحسابات والتصورات، فيما تراجع اداء السلطات الى مستويات تفشي الفساد والفوضى واراقة الدماء ونهب الثروات طوال السنين الماضية، ولم يتعظ اصحاب القرار من النتائج المرعبة لجولات الصراع السابقة، التي أكلت نيرانها الاخضر واليابس، واطاحت بآمال وأحلام العراقيين بالعيش الآمن الكريم والمستقبل المضمون، كما تحلم كل الشعوب .

قد يقول قائل أن ذلك أحد أسس الديمقراطية، لكن الديمقراطية لاتشيع الفوضى والخراب ولاتسترخص الدماء، وحين يخرج علينا يوميا عشرات ممن تسميهم وسائل الاعلام ( قياديون ) يطلقون التصريحات النارية، لتنتقل ذات القنوات الى الطرف الاخر لتحفيزه على الرد من أجل مشروعها الاعلامي المسموم، تكون النتائج مزيدا من الفرقة وحمامات الدم، التي يدفع فقراء الشعب فواتيرها، لانهم وحدهم أهدافاً للارهاب في العاصمة وخواصرالمدن ومراكزها .

لاشك أن الأطراف المسيطرة على القرار في العراق تواجه مازقاً نوعياً خطيراً، يتمثل في خروج الاحداث عن سياقاتها المرسومة، بعد تغيير الموازين في الشارع نتيجة انتفاضة تشرين، التي كشفت الكثير من المستور، وجوبهت بقسوة دموية غير مسبوقة، ترتبت عليها استحقاقات ملزمة التنفيذ، اهمها الانتخابات المبكرة وفتح ملفات القتل والخطف والتغييب، الذي تعرض له الناشطون، والموثقة بالصوت والصورة وشهود العيان، اضافة الى ملفات الفساد المغلقة منذ سنين بالتوافق والاتفاق، لانها شاملة لكل الاطراف، ومعلومة التفاصيل والتوقيتات والارقام .

من هنا تأتي خطورة التحريض الاعلامي لجولة جديدة من الصراع الدموي في الشارع العراقي، التي افتتحت بتفجيرات ساحة الطيران وسط بغداد، تزامناً مع التحضير للانتخابات القادمة، لانه يوفر للبعض سبل التوافق على سيناريوهات ضمان البقاء في السلطة دون تغيير في المراكز والمكاسب والتوازنات، على حساب مطالب الشعب وضحاياه الابرياء .

ان المسؤولية الوطنية في هذا الظرف العصيب تستدعي من كل الاطراف السياسية وقوى المجتمع المؤثرة، ضرورة ادراك خطورة التحريض الاعلامي غير المسؤول على الساحة العراقية، ممايستوجب الالتزام بخطاب اعلامي وطني مسؤول، يحمي المواطن والوطن من شرور الانقسام والتطرف والارهاب، ويهيئ الظروف لانتخابات نزيهه وعادلة ونظيفة من التلاعب والتزوير، لتكون بداية أمل للعراقيين نحو الصفاء المجتمعي والوحدة الوطنية .

علي فهد ياسين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here