بين ..الدين .. والتدين ..ومحنة الانسانية ..جدلية..

د.عبد الجبار العبيدي

———————————-

الدين أصل آلهي ، والتدين تنوع أنساني .الدين جوهر الأعتقاد ، والتدين هو انتاج الاجتهاد..الدين عقيدة شمولية ، والتدين أراءُ ورغبة قناعة انفرادية ..لكن كليهما يختلفون في الحنيفية والحدود.

ويبقى شيء بينهما مفقود ..الاول يؤمن بقانون صيرورة التغييرفي الوجود ، والثاني يؤمن بنفسه دون تغيير. الاول وجود.. والثاني اعتقاد وهمي بلا وجود.

الاول .. هومنهج للانسانية جديد لتلافي تجاوزخطأ آدم وحواء في الوجود ،والثاني .. بلا اصول ولا حتى بينات الوجود.

الاول يؤمن بحرية التعبير في الرأي”لكم دينكم ولي دين” والثاني لا اساس له في الرأي المختلف والتعبير..الاول حقيقة .. والثاني وَهَم .

الأول عقيدة ربانية من آله مقتدر..والثاني ابتكار أنساني يلفه الغموض أملته سياسة المصالح الشخصية في الوجود..فالتعارض بينهما موجود..لعدم اعتراف الاول بالثاني ولا بمن ابتكره في الوجود.اذن فكيف يصبح الثاني مذاهب متناحرة وهو دين الوجود..وهو لم يذكره الله في كتبه السماوية حتى بلفظة وجود؟ .اذن لماذا الفقهاء اصحاب العمائم ،من مخربي الاديان هم اصحاب الوجود..؟

الانسان في الأصل رافقه الخطأ..فقد ولد من روح ميتة تجاه الله فهي من آدم الذي عصى أمر الله فأنزله من عليائه النقية ..ليسكنه الأرض الخراب..لذا اصبحنا خطئاً قبل ان نولد من نسلهِ في الوجود.. فظلت طبيعة أنفسنا أمارة بالسوء ..فتولد معنا منذ الخليقة “الكذب والغضب والاعتداء والسرقة والخيانة والفساد وحب الذات ..كلها ناتجة من طبيعتنا حتى

أصبحت فينا وجود…انزل الله الوصايا العشرمع كل رسله بآيات حدية لا تقبل الخَرق فأخترقناها نتيجة طبيعتنا الخطأ الأمارة باالسوء ..لذا بقي الخطأ يلازمنا في الوجود.

اختصت الوصايا الآلهية العشر بالحق والعدل واليقين والأمان والا ستقامة في القبول..دستور ما كتبه احد في العالمين..وهو يعلم انه من الصعب على الانسان المولود في الخطأ ان يطبق ما يحيا به على الصحيح . لذا انزل التوراة والانجيل والقرآن مدرسة ومنهجاً للعالمين ليتعلموا الاستقامة والابتعاد عن الخطأ في الوجود..لكن حتى كتب السماء أدخل فيها الانسان عند التدوين الخطأ والتناقض و التزوير..ليبرروا ما شاء لهم من تزوير..وظلم الأخرين في الوجود.

للأنسان حواسُ خمس تجعلة اداة واحدة في التنفيذ.. منها النفس التي تعبر عن العقل والأرادة واحساس الضمير او ما نسميه بسلطان الضمير..يعلمنا كيف يجب ان نكون..فهو يتعذب دوما لأننا جئنا من الخطأ الأزلي البعيد..أما الروح فتلك هي سر الوجود التي لم يستطع الانسان ولا حتى الانبياء من الاهتداء اليها فبقيت سرا من اسرار الخالق للوجود” ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي..فلا تخونوها ..فالخيانة والفساد أقبح ما في الوجود..

الحق والعدل اساس الوجود..المسلمون منهم من يعتقد بعدل عمر(رض) ..ومنهم من يعتقد بعدل علي(ع)..لكنه لا يدري ان الأثنين قد اخترق عدلهما كل الوجود..الأول قال : “متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا في الوجود .. وقال الثاني :” ان الحق القديم لا يبطله شيء والعقل مضطر لقبول الحق..اذن ان العدل هو القانون الموضوعي الناظم للوجود..لكننا نحن الذين خُنا العدل في الوجود وكذبنا على الانسان في الوجود ..في الحياة قضاءُ وقَدر..فالقدر هو الوجود الحتمي للحدث قبل وقوعه خارج الوعي الأنساني..اما القضاء هو حركة أنسانية واعية تحدث بين النفي

والأثبات ضمن الوجود..لذا فالقدر من نَعم الله على البشر لعدم ادراكه وقوعه. فالقدر حدي ملزم.. والقضاء خيار غير ملزم..فهل طبقناهما في الوجود.

القرآن يهدي للتي هي أقوم ..والرسل تنصح وتزيد..حباً ورحمة وعدلاً في الوجود..لكن هل فهم الأنسان نظرية الوجود..؟ ألم يجعل الله لكل منا شرعة ومنهاجا..ولكن هل أتبعنا نحن شريعة الله حقا وتطبيقاً في الوجود..القرآن يقول :”انا خلقناكم من نفسٍ واحدة”اذن علامه التفرقة في الحقوق والوجود..هل كان للأنبياء والرسل رجال دين يفرقون..مثلما اليوم رجال الدين يفرقون ويُفسدون..ويتحزبون؟ والقرآن يقول:”لقد أنزلنا اليكم كتاباً فيه ذكركم لعلكم تعقلون”..لكنهم كانوا وما زالوا لا يعقلون كما قال القرآن تأكيدا انهم لا يعقلون:”ما يأتيهم من ذكرمن ربهم مُحدث الا أستمعوه وهم يلعبون”..

جاءت الأديان الى العالم لتخلص الانسان من دينونة الخطيئة التي لحقت به من خطيئة آدم ابو الأنسنة وليست أحتكارا وظلما عليه..جاءت الاديان لتنصره على عمل الشيطان وتهدية للأستقامة والحقوق والعرفان..فهل اهتدوا اصحاب الديانات اليوم بما أمرتهم به الكتب الآلهية المقدسة..قليل منهم اهتدى والكثرة منهم يرفضون ؟.هل ذكر القرآن سيد ومرجع ..ام علمُ يتعلمه في مدرسة الأجيال..؟ لا ندري من اين جاءت مراجع الدين لتُقدَس بأسرارها الوهم لتضعه في سجنها الرهيب الذي ادخلوه العقول..والقرآن يرفض كتم الاسرار على الناس :”ان الذين يكتمون ما انزل الله من الكتاب….أولئك ما يأكلون في بطونهم الا النار…..ولهم عذاب أليم،البقرة 174″.

ان اديان السماء هي اكثر من مجرد حالة في الفكر والحياة..والخلاص من عذابات الازمان ..انها مكان اعداد الاخلاق والحكمة ليلائم سكن الانسان حين يعي الله والحق والعدل والرحمن….من اجل مجموعة القيم جاءت

الاديان .لا من اجل ان تنتج طبقة الآكليروس التي تستغل الانسان بالاديان…كما نراهم اليوم معاذ الله منهم ..لا ماهكذا ولا من اجل الباطل والظلم والخيانة والسرقة والفساد والتزوير جاءت الاديان..كما يفهما اليوم رعاة الباطل في هذا الزمان..الذي صبغهم بصبغة من لا يستحق التقدير والاحترام..

دولة الاسلام بعد الرسول(ص) نشأت منذ البداية لتواجه مشكلة لا تعرف لها حلاً..هي حاجتها الى دستور شرعي لا يعترف بشرعيتها اليوم..لأحتكارها السلطة والمال وأرادة الأنسان ..والقرآن وهو يطلب تطبيق الشورى…لاأحتكار السلطة والثروةعلى الأنسان.

ولا أحتكارالحقوق دون الناس وهو يقول :”..والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم… ، واحتكار المعرفة من قبل وكلائهم رجال الدين البهتان..والقرآن لا يعترف برجال الدين ،ولا يخولهم حق الفتوى نيابة عن الناس ،فلا جهاد كفائي ولا فرض عين ..هذه من ابتكاراتهم للسيطرة على عقل الأنسان..،ولا مرجعيات اديان فالعدل واضح في القرآن..ولا يميزهم بلباس معين كما فعل رجال العهد القديم في الأزمان….ويحتكرون قوة السلاح والمال عصب الحياة ويفرقون بين الانسان..رجل وأمرأة ..وعبد وحر..وفقير وغني .. من قِبل رجالهم الذين لا يعرفون من الدين الا اسمه ومن القرآن الا رسمه ليقتلوا باسم الدين الأنسان ؟ بهذا الباطل الكبير من خلفهم يحكم السلطان خلافاً لأرادة القرآن.

أعلم اخي المواطن..ان اهتمام السماء هو اهتمام المطلق الذي يقول ان البشرنسبيون محصورون في آنية وأينية وأنانية..بينما الشريعة تعطي امتداد الزمان لشرعية تشمل كل الآنام ..ليس مطلوبا منا غير حركة الوعي المستوعب للحالة التي نحن فيها اليوم وفهم تآويل القرآن ..

حتى لا نتجاوز عدل السماء..فالقرآن هوخاتمة كلمة السماء الى الارض.الحق والعدل والاستقامة ، والشرعية اساس العدل فلا

تخترقوها..فتحل بكم النقمة كما حلت بعاد وثمودٍ في الأحقاف..وبقوم نوح حين اغرقهم في اليَم ولم يبقِ لهم من بقية في الأزمان..ويبقى الوعي بين الناس هو خير المعاد للأنسان ..فلا تسمع منهم الا ما تقرأهُ في التوراة والانجيل والقرآن..غالبة رجال الدين كذابون منافقون دوما ولشعورهم بالنقص يسمون أنفسهم بأهل المعرفة والعرفان….ولكثرت ما يقولون على الخالي والمليان لم يعد الناس يميلون لسماعهم في الأديان..

لا يهمهم الا حينما يستغلوا بالدين الأنسان ..فلا تسمعوهم..ولا تطيعوهم..انهم مفسدة حياة الأنسان..ويبقى العدل في القانون هو حياة الأنسان..وهم محنة أنسانية الأنسان.

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here