أين مجلس الاتحاد؟

أين مجلس الاتحاد؟
علي علي

مامن مؤسسة أنشئت في دول العالم إلا وأنشئ معها في الرحم ذاته لجنة او قسم او هيئة رقابية، ولأهمية هذا الركن في بناء دولة المؤسسات، فقد أولته الجهات التشريعية علّية في القرارات والتوصيات التي يرفعها الى أصحاب الشأن ومن يهمهم الأمر وفق التشكيل الهرمي للمؤسسات، وجعلها مسموعة ومعمولا بها في الجهات القانونية والقضائية. ومن المؤسسات التي تمثل أعلى جهة رقابية في الدولة هو المجلس النيابي، فوظيفته تشريعية ورقابية، ودرءًا لفتح ثغرات قد تنفذ منها الخروقات والتجاوزات، فقد عملت كل دساتير البلدان المتحضرة على إنشاء مجلس مرادف لمجلس النواب، يعمل على مراقبة الرقيب فـ «كلنا خطاؤون».
«الدستور».. هي عبارة أصلها فارسي مكونة من مفردتين (دَسْت) وتعني القاعدة، و (وَر) وتعني صاحب، وبذا يكون المعنى صاحب القاعدة. ودأبت الأمم والحضارات منذ بدايات نشوئها على اعتماده أساسا لابديل عنه في إصدار القرارات، بشكل يصب في مصلحة البلد العامة ومراعاة مصلحة أفراده من دون تفويت صغيرة وكبيرة، او شاردة وواردة. كذلك الرجوع الى بنوده ومواده وفقراته حين الاختلاف على أمر، او استحداث آخر في الساحة.
في عراقنا العريق الذي أطلق عليه بعد عام 2003 (العراق الجديد) هناك في الدستور المقر والمعتمد حاليا المادة (48) الباب الثاني الفصل الأول، تنص بوضوح كوضوح شمس تموز في كبد السماء، على ما يلي: « تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد». وها نحن نرى الأول سرعان ما أسس وصارت له الأولوية والحضور في إصدار القرارات التي ينام ويصحو المواطن على أمل البت فيها والعمل بها. وهذا شيء رائع في العراق الـ (جديد) الذي جثم على صدره عقودا خلت، نظام قمعي دكتاتوري، دستوره كيفي، قراراته مزاجية، قوانينه مطاطية كما قالها رئيسه حينها.
هنا، سؤال طرح نفسه منذ الوهلة الأولى لتأسيس الدولة العراقية الجديدة، ومازال مطروحا، سؤال يتعمد كثيرون إرجاء الإجابة عنه بشتى الطرق والسبل، وقطعا لغايات وأهداف أول ما يقال عنها أنها ضد مصلحة المواطن، السؤال هو: أين الشق الثاني من المادة (48) من الدستور؟ أين مجلس الاتحاد؟ وماذا حل بمشروع إنشائه؟ وهل هو كما يراه البعض (زايد خير) أم هو (حديدة عن الطنطل) مثل مايحب ان يصوره آخرون للرأي العام!.
مالاشك فيه ان الساعين في عرقلة تأسيس مجلس الاتحاد طيلة هذه السنوات، لهم مآرب يكاد يفقهها تلميذ الابتدائية، والجاهل والأمي، إذ الجميع يعلم أن أشد مايخشاه الـ (حرامي) هو الرقيب، ودور مجلس الاتحاد لو قُدر له ان يؤسَّس، سيكون العين المبصرة لأي (قارش وارش) وقطعا كلما اتسعت صلاحيات الرقيب، انكمشت فرص اللصوص في السرقات، وضاق عليهم الخناق لممارسة نخاستهم ومبيعاتهم المشبوهة.
كذلك لم يفت المغرضين ان يتحججوا بالاسباب التي تؤخر تشكيل هذا المجلس، وهذا يبدو جليا من خلال إصرار بعض الكتل على اختيار أعضاء مجلس الاتحاد بالتعيين وليس عن طريق الانتخاب، أي أنهم يريدون ضمان الرقيب وهذا أمر طبيعي! فالجميع يخشى الرقيب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here