ضابط عراقي آخر يميط اللثام عن عمليات التعريب التي جرت ضد الكورد في كركوك

ضابط عراقي آخر يميط اللثام عن عمليات التعريب التي جرت ضد الكورد في كركوك

محمد مندلاوي

بعد تلك القصص المروعة التي سردها رائد الأمن (صباح الحمداني) في برنامج “شهادات خاصة” مع المحاور الدكتور(حميد عبد الله)، ومن ثم في برنامجه الخاص على اليوتيوب “العراق في زمن صدام” وهو يميط اللثام عن الجرائم البشعة التي نفذتها أجهزة الأمن، والمخابرات، والجيش العراقي المجرم ضد الشعب الكوردي البريء، الأعزل. وتحدث الرائد (صباح الحمداني) وهو يتنهد ألماً وحزناً على العوائل الكوردية ضحايا سياسة التعريب العنصرية في كركوك المغتصبة، والإتيان بالعرب من جنوب وغرب العراق واستيطانهم في المدن والقرى الكوردية، الكوردستانية، وفي مقدمتها كركوك السليبة، مع منحهم -العرب- امتيازات جمة، منها قطعة أرض من أراضي الكورد المغتصبة، ومبلغ عشرة آلاف دينار عراقي من أموال الشعب العراقي المنهوب، وبما أن هؤلاء المستوطنين أناس بدائيون وغليظي القلب لا يتأثرون بشيء، وليس لديهم أية نوازع إنسانية، لذا وظفوهم في الدوائر الأمنية الإجرامية لكي يكونوا قساة مع الكورد تحديداً، ووظفوا بعضهم كعمال في شركة النفط، التي تنهب نفط الكورد منذ عام 1927، أو في مؤسسات الأخرى كعمال وفراشين لكنهم مرتبطون بأجهزة الأمن والمخابرات ويتجسسون على العمال والموظفين الكورد. ونتيجة للتخلف وهمجية هؤلاء… الذين جيء بهم من صحارى العراق إلى كركوك قبلوا برحابة صدر بالاستيطان في كركوك، وفرحوا وهللوا للإغراءات والامتيازات مادية وعينية التي قدمتها لهم سلطة حزب البعث المجرم. الطامة الكبرى، إنهم الآن يؤسسون منظمات عنصرية، ومجالس كالمجلس العربي في كركوك، ويزعمون دون خجل وحياء بأنهم كركوكيون، من أين يأتي الخجل والحياء إذا هم وافقوا منذ اليوم الأول على العروض والمغريات التي قدمتها لهم المجرم صدام حسين وحزبه العنصري الدموي على حساب الكورد أهل كركوك الأصلاء الذين لم يأتوا إليها لا مع قوات الدولة الصفوية؟ ولا مع الدولة العثمانية؟ ولا جاءت بهم السلطات العراقية المتعاقبة؟ بدءاً من اللعين فيصل الأول ومروراً بكل الحكومات العروبية العنصرية، وانتهاءً بحكم الأعاجم الشيعة، الذين جاءت بهم أمريكا عام 2003 إلى سدة الحكم. بل هم – الكورد- كما جاءت في المصادر المعتبرة أجدادهم الجوتيون (گوتیون) بنوها قبل أكثر من أربعة آلاف عام، التي لم يظهر بعد اسم العرب على مسرح التاريخ. وهكذا كان الأتراك والتركمان حينها في وطنهم الأم طوران، الذي يقع على حدود الصين، لم يخرجوا بعد نحو كوردستان. والساميون كانوا في ذلك التاريخ بدواً في شمال جزيرة العرب، لم يتوجهوا بعد صوب بلاد بين نهرين وكوردستان. هذه هي حقائق تاريخية، ومن لا يصدق ويزعم غير هذا؛ فليأتي لنا بالمصادر المعتبرة ومعتمدة يقول خلاف ما نقول. حقاً عجيب أمر هؤلاء…، في الوقت الذي تعيش البشرية قمة الحضارة والمدنية وحقوق الإنسان والديمقراطية وحماية حتى الحيوان المفترس من الصيد الجائر نجد في الشرق لا زال أناساً أوباش يستولون عنوة على أوطان الغير بالقوة ويضطهدون شعوبها ويحاولون بشتى الوسائل صهرهم في بوتقة قومياتهم العنيفة التي لا تعرف ألف باء حقوق الإنسان والإنسانية ؟؟؟!!!.
دعني عزيزي القارئ، ننتقل إلى ما قاله الضابط الآخر الذي كشف سياسة التعريب المقيتة ضد الكورد في كركوك السليبة، وهو اللواء (طارق متعب أحمد) مدير شرطة كركوك في ثمانينات القرن الماضي. لقد سرد بشيء من التفصيل عن تلك الجرائم التي يندى لها الجبين وذلك في برنامج “شهادات خاصة” الذي يقدمه الدكتور (حميد عبد الله)، قبل أن أدخل في صلب الموضوع، يجب أن أقول كلمة حق عن الدكتور حميد عبد الله، إنه كان بحق مهنياً في هذه الحلقة كما في حلقاته الأخرى إلا بعض الشطحات أثناء الاسترسال، ونحن الكورد نشكره على هذه المهنية التي أبداها في لقائه مع اللواء طارق متعب أحمد.
عزيزي القارئ الكريم، سأضع أمامك كلام اللواء (طارق متعب أحمد) كما تحدث به مع الدكتور (حميد عبد الله) دون أن أصوغه صياغة لغوية.
يسأله الصحفي الإقصائي الدكتور حميد: جابوا عرب -إلى كركوك- أعطوهم كل واحد عشرة آلاف دينار – عندما كان الدينار العراقي الواحد يساوي ثلاث دولارات وكم سَنت- وسكنوهم بالمدينة وبدؤوا يرحلون – الكورد- عملية تعريب.
ثم يرد اللواء طارق مدير شرطة كركوك آنذاك على سؤال الدكتور حميد: إن عملية الترحيل بدأت قبل ما أجي آني – أي قبل أن ينقل اللواء طارق إلى كركوك؟-.
قاطعه الدكتور حميد: نعم بالسبعينات.
ويستمر اللواء طارق: جئت في عام 1987 وكانت عمليات الترحيل جماعية، ويضيف: آني جيت أيضاً كان أكو ترحيل، ويستمر اللواء: كان الترحيل داخل المدينة – كركوك- وخارج المدينة، كان داخل المدينة أقل من خارج المدينة،أعني في القرى، كان أكو قرى كوردية وتركمانية رحلوا الأكراد والتركمان من هذه القرى وجاءوا بالعرب من الجنوب ومن غير مكانات وخلوهم – كأن سيد اللواء لا يريد يقول من أنبار وصلاح الدين-، ويستمر سيد اللواء في سرده:حتى هؤلاء الذين أجوا – يقصد العرب المستوطنون- كان يصير عليهم تعرض من المسلحين الأكراد، ويستمر: يعني واحد يطلعك من قريتك التي ولد أبوك وجدك بيه ويجيب واحد بمكانك.
ويسأل الدكتور حميد وهو متأثر من هذه العملية الدنيئة التي يسردها السيد اللواء: مو تعسف هذا.
يرد اللواء طارق: يعني واحد يطلع واحد من بيتو. ثم يستطرد: تجينا كتب رسمية من المحافظ وهو يجيله من الحزب – حزب البعث- يقول: رحلوا فلان وفلان وفلان ونحن كجهة تنفيذية نطلعهم خارج السيطرة، قبل هذا نبلغهم: إلك أسبوع تروح، تطلع خارج المدينة!!!، يعني هذا الذي كنا نعمله، وإذا ما طلع يجيب سيارة وأمامنا يطلع.
يسأل الدكتور حميد: أنت مقتنع بالإجراء.
يرد سيد اللواء طارق: لا؛ أنا ما مقتنع،ولازلت أقول: لا بالعالم ولا بالعراق ولا بأي مكان أي إجراء لترحيل الناس من مكانتهم هو إجراء عقيم وينتهي، ما ممكن يبقى أبداً يجب أن ترجع الحالة الصحيحة. ويضيف: أنا قلت في كتابي – يظهر إنه ألف كتاباً عن الأعوام التي قضاها في سلك الشرطة- إجراء عقيم – سيد اللواء هذا إجرام أي عقيم- أنا أجيب واحد أعطيه عشرة آلاف دينار وأقل له أنقل نفوسك سوف نخصص لك أرض تبني عليها، إهواية ناس تجي أنقل نفوسك وأعطيك وظيفة.
يقول الدكتور حميد: أدري التعريب إشلون يصير أحمر أخضر.
رد اللواء: هو هاي التعريب. إهوايه ناس إجت. – لا يأتي بمثل هذه الحالة إلا فاقد الذمة والضمير والشرف-.
يقول الدكتور حميد: زهير، المحافظ كان يريد يزيل قرية – كوردية- وأنت اعترضت، قلما مدير شرطة يعترض على المحافظ.
يرد اللواء طارق مدير شرطة كركوك: آني نصحتو، آني واجبي كمدير شرطة. ويستمر: فد يوم اتصل بي – المحافظ- قال: آني زهير. قلت له: تفضل سيدي. قال لي: باچر (غداً) تهيئ قوة ونجدة أكو قرية نريد نشيلها – أي نرحل أهلها-. يقول اللواء طارق: قلت له ممكن سيدي أجيك. قال لي: تعال. بس مو مرتاح. وصلت المحافظة وهو يهيم بالخروج ومعه نائب المحافظ، أديت له التحية، قلت له: سيدي تسمحلي بكلام، تره هذا مو من صلاحيتك. قال لي: إشلون مو من صلاحيتي. قلتو: مو من صلاحيتك. هو صفن، مسكني من يدي قال لي: تعال أتفضل ويايه فتنا – دخلنا- أنا وهو بالغرفة، قال لي: اشلون مو من صلاحيتي كلهم يعرفون، الأمن يعرف، الفيلق يعرف، كلهم يعرفون تجي بلدية باچر (بكره) الصبح. اللواء طارق يقول: تريد رأي: مو من صلاحيتك، أنا كمدير شرطة أهيئ لك – قوة- وأطلع معك بس تره الذي تطلعوا من بيتو يجوز يقاوم، يضربنه، آني انتظر أمر منك حتى أرد، يقول اللواء: صفن المحافظ، ما كان مقتنع. أشوف رأساً شال التليفون بدأ يخابر الفيلق، قال: هاي اتأجلت. بس هو كان ممتعض،مو چان (كان) راضي على هذا الذي قلته له، ويضيف اللواء: تبين فيما بعد آني كنت على الصواب وشكرني عليه المحافظ.
انتهى حديث اللواء (طارق متعب أحمد). نشكره ونشكر المحاور الدكتور (حميد عبد الله) على هذه الحلقة الناجحة والمثمرة كبقية حلقات برنامجيه (شهادات خاصة)، و(تلك الأيام). نقول للمستوطنين العرب في كركوك: هذا هو مدير شرطة كركوك طارق متعب أحمد يقول الحقيقة، ويفضحكم للعالم أجمع، كما فضحكم قبله الرائد صباح الحمداني وكشف عن استيطانكم في أرض الكورد عنوة في كركوك وغيرها في جنوب كوردستان.
في نهاية هذا المقال، نتساءل، متى يتشجع الضباط والجنود الآخرون ويظهرون على شاشات التلفزة ويكشفون جرائم نظام حزب البعث المجرم ورئيس العنصري صدام حسين عن ما اقترفوه ضد الشعب الكوردي المسالم من قتل وتهجير وتعريب في مدنه التالية: بدرة وزرباطية وجصان ومندلي وخانقين وشهربان وخسرو آباد وجلولاء وشنگاڵ (سنجار)الخ الخ الخ. لكي يغفر لكم الشعب والتاريخ على ما قمتم به من أعمال دنيئة ضد الشعب الكوردي الجريح. نظفوا ضمائركم مثل الرائد (صباح الحمداني) واللواء (طارق متعب أحمد) من أوزار ما علق بكم من تلك الأيام السوداء. رغم إنهم لا يقولون كل الذي حدث، كل الحقيقة المرة، لكن، لا بأس، أحسن من أن لا يقولوا أي شيء.
ملاحظة: الذي أريد أن أقوله للتاريخ، لكي يعرف العربي حقيقة وجوده على الأرض التي يقف عليها، أن أجداده هم المستوطنون الأوائل في أرض الكورد؟ أدعوا الرائد صباح الحمداني واللواء طارق متعب أن يقرؤوا التاريخ الذي دونه العرب وليس الكورد عن استيطان العرب في موصل التي يقيمون فيها، اقرؤوا البلاذري والمسعودي وابن كثير الخ الخ الخ وهم يتحدثون عن سنة 18 للهجرة حين غزت الجحافل العربية مدينة موصل يذكرون فيها الكورد ولم يكن فيها أية قبيلة عربية آنذاك. كان هذا للتذكير فقط، فذكر إن نفعت الذكرى.
” لابد للكشف عن الحق من اثنين: رجل يجهر به وآخر يفهمه”
01 02 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here