اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا

اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا

العاقل والحكيم من يفهم توازنات التوفيق بين العمل الصالح في الدنيا والاخرة فلا افراط ولا تفريط في هذا الجانب على حساب الاخر. لو مارس المرء ورتب اولاوياته ضمن هذا المفهوم فاز في الدارين. السؤال المطروح على الدوام هو هل ان عمل الدنيا يكون بمعزل عن عمل الاخرة. ام هل يكون اهتمامنا منصب نحو هموم الاخرة كالعبادات وتاديتها سواء الفرائض او النوافل. ام ان النية قبل اي عمل دنيوي او ديني هي الفيصل للتوافق بين جنس العملين.
ان عمل الدنيا الذي يشمل المصالح الشخصية والعامة وعمل الاخرة المتعلق بالعبادات على انواعها. يمكن ان يكون العملين كمرشد نجاة في الجنة او سائق شوم الى النار. اما الاجر والثواب او العقاب والحساب فالله يحكم بين العباد بالعدل والقسط ولا يظلم احد. ان عمل الخير او الشر مناط بالنية والعزيمة ثم الجهد المبذول في اي اتجاه.لكن من المؤكد ان القران الكريم وسنة رسوله العظيم توكد بان القاعدة الاساسية في الاسلام هي خلق التوازن في صلاح الدنيا والاخرة في ان واحد وفق مفهوم عنوان مقالنا هذا.
لقد اكد حديث محوري لرسول الله هذا المفهوم يقول في مطلعه انما الاعمال بالنيات. لكن تكملة الحديث تفصل نوع النية فان كانت صالحة لعمل الخير يقودنا ذلك العمل الى جنات النعيم سواء كان ذلك العمل عباديا او مصلحيا. وان كانت طالحة لعمل الشر فتقودنا بالتاكيد الى النار. كما ان النية التي تهدف الى الرياء او الانانية او الجاه لن يقبلها الله حتى لو ادت الى عمل الصالحات لانها لا تبتغي وجه الله. مثلها مثل العبادات حتى لو كثرت فلا اهمية لها ان كانت نيتها فاسدة. يحاسب المرء ايضا على نيته المؤكدة سواء انجز عملها ام لم ينجز ما لم يتب.
ان عنوان المقال تؤكده الاية القرانية القائلة “قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين”. فلو ربح شخص ما صفقة تجارية او درس في الجامعة او عمل لمساعدة الغير فيمكن ان تودي تلك المنافع الى الفوز بالاخرة اذا تحرى ذلك الشخص الحلال وابتعد عن الغش والاحتكار ونوى بعمله المادي ان يودي حقوق ماله من زكاة ومساعدات لذوي الحاجة.
ان الايمان بالله لا يذكر في القران الا ويذكر معه عمل الصالحات مما يعني ان الايمان لا فائدة منه ما لم يصدقه العمل. وجاء في سنة المصطفى ان اعرابي جاء يوما الى رسول الله فقال له عندي ولدين اثنين احدهما معي يساعدني ويعمل بزراعة الارض ولا يودي الا الفرائض وعندي ولد اخر ذهب الى الجبل ويتعبد ليل نهار. قال له رسول الله ابنك الذي معك خير عند الله ورسوله من ذلك المتعبد الذي لا يعمل.
اخيرا ولتحقيق وترجمة هذا الشعار على حياتنا العملية سواء المصالح الدنيوية او العبادات الدينية. ينبغي سلوك طريق يسير وواضح وهو العمل لطلب رضى الله. ان رضى الله سينجي المرء من الوقوع في الانانية والرياء والبخل وطلب رضى الناس ومدارات هذا او ذاك لان رضى الناس غاية لا تدرك. ان الله اذا رضى على عبد فسوف يشيع حبه لدى الناس هكذا فوز بالدنيا والاخرة. الفوز اذن في الدارين يتحقق وفق العمل لرضى الله والطلب منه لا سواه “ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here