فرصة سانحة في بناء دولة ناجحة

فرصة سانحة في بناء دولة ناجحة

قد لا تكون حكومة ( الكاظمي ) هي الطموح و المبتغى النهائي في تحقيق آمال العراقيين في ابعاد التدخلات الخارجية في القرار السيادي العراقي و التخلص من هيمنة و سيطرة الميليشيات و الفصائل المسلحة على المسار السياسي و الأقتصادي و ارتهان السياسة الخارجية و الداخلية للبلاد وفق ارادات تلك المجاميع المسلحة و التي تقف خلفها اجندات خارجية مرتبطة بالحرس الثوري الأيراني و كذلك المؤسسات الرسمية الأيرانية الأخرى في ضبط اتجاه بوصلة السياسة العراقية بما يوافق المصالح الأيرانية و كذلك اعادة التوازن للعلاقات العراقية مع دول الأقليم العربي و الأجنبي و كذلك مع دول العالم الأخرى بما يتلائم مع المصالح العراقية اولآ و في حرية اختيار الأصدقاء و الحلفاء من الدول التي تكون الدولة العراقية في الحاجة الى مساعدتها الأقتصادية او العسكرية او السياسية بغض النظر عن الأعتراضات الأيرانية .

الملاحظ ان الحكومة الحالية ( الكاظمي ) تحاول و تجاهد من اجل فك الأرتباط القوي مع ايران و ذلك بتحجيم الفصائل الموالية لها ما امكن و كذلك عزل القادة الأمنيين و العسكريين و الذين يشك في ولائهم للعراق مثلهم مثل تلك المجاميع المسلحة التي تطلق على فصائلها تسمية ( الولائية ) تعبيرآ عن الولاء و الطاعة العمياء الى اوامر الولي الفقية ( خامنئي ) و هي بالتالي فقدت ولائها للوطن و الكيان العراقي حيث و من غير الممكن ازدواجية الولاء او الأنتماء و اصبحت هذه المجاميع المسلحة اشبه بالطابور الخامس لكنه بشكل علني وقح حين تكون العمالة مدعاة للتباهي و التفاخر .

لن تكون مهمة حكومة السيد ( الكاظمي ) في انجاز تلك المهام وغيرها سهلة و يسيرة خصوصآ و ان الأحزاب و الفصائل المرتبطة بأيران قد ناصبته العداء و هذه الأحزاب تتربص بكل خطوات الحكومة الحالية و تكيل الأتهامات حتى تلك الباطلة منها و تتصيد الهفوات و الأخطاء و تبدأ بتضخيمها و تكبيرها و تأليب الرأي العراقي في هدف احراج الحكومة واعادتها الى السكة ( الأيرانية ) و التي يحاول ( الكاظمي ) جاهدآ الخروج منها مع الأحتفاظ على علاقات مميزة و متينة مع الجارة ( ايران ) و مع باقي دول الجيران الأخرى وفق مبدأ احترام السيادة الوطنية و عدم التدخل في الشؤون الداخلية و فصم علاقة التابع التي تصر الفصائل الولائية على انتهاجها مع ( ايران ) و الأخذ بمبدأ علاقات الند للند مع كل دول العالم .

موقف الحكومة الحالي معقد و صعب للغاية في التعامل مع القضايا الساخنة و خصوصآ مع الأحزاب و الكتل المسيطرة فأن ارادت الحكومة نزع السلاح المنفلت و الذي تنادي به تلك الأحزاب نفاقآ انبرت فصائل تلك الأحزاب المسلحة في الهجوم على قرارات و قوات الحكومة حيث دخلت احدى الفصائل المسلحة بكامل العدة و العتاد الى المنطقة الخضراء ( الحكومية ) تحت تهديد السلاح ( المنفلت ) و اذا بدأت الحكومة في فتح ملفات الفساد تصدت تلك الكتل المنادية بمحاربة الفساد للأجراءآت الحكومية في هذا المجال بالأتهامات و الأشاعات و حين اقدمت الحكومة على حماية المنتج الوطني من المستورد و ذلك في خفض سعر الدينار امام الدولار توحدت كل القوى المتناقضة في صف المعارضة في التحريض على الحكومة و قرارها الأخير .

من يمتلك السلاح المنفلت و يستعرض قواته المدججة بالسلاح في الشوارع و يطلق الصواريخ و القذائف على المطار الدولي و القواعد العسكرية العراقية و السفارة الأمريكية هي الفصائل المسلحة الولائية و من سرق المليارات من الدولارات و فكك مصانع الدولة و باعها خردة الى الخارج و من صنع الشركات الوهمية بغية الأستحواذ على العقود و الصفقات هي الأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي و قادتها الذين تحولوا من ( زعماء سياسيين ) الى رؤساء عصابات و زعماء مافيات تتاجر و تبيع و تشتري بكل شيئ و تفرض الأتوات و تجبي الغرامات من اصحاب المهن و المتاجر و الويل لمن يتخلف عن السداد في الموعد المحدد فأن تفجير المحل و مكان الرزق بالعبوات الناسفة جاهزآ

امام هذا الوضع المتأزم و الصعب يجد ( الكاظمي ) نفسه وحيدآ في مواجهة هذه الكتل و الأحزاب و فصائلها المسلحة المنفلتة و الخارجة على القانون و النظام و هي تهدد و تنذر بالأنقلاب العسكري بالسلاح الكثيف الذي تمتلكه و تهدد بالنزول الى الشوارع و اسقاط الدولة .

على الحكومة الحالية و رئيسها مسؤولية مواجهة هذه التحديات و التصدي الحازم و القوي لكل القوى التي تعبث بالأمن و الأستقرار و تجرد الفصائل من السلاح بالأستعانة بالقوات العسكرية العراقية و كذلك الصديقة ان استدعت الضرورة ذلك حيث لا يمكن المجاملة و المهادنة مع أمن المواطن و حريته و استقرار البلد و وحدته و كشف الفاسدين و بالأسماء مهما كانت تسمياتهم و مناصبهم و اعادة الأموال المسروقة الى خزينة الدولة و ايداع اللصوص و السراق السجون و المعتقلات وفق احكام القانون و ما لم يتم ضبط السلاح و حصر المنفلت منه الذي يحمي الفساد و الفاسدين و مصادرته و ايقاع العقاب الصارم بالمسلحين الذين يرفضون تسليم اسلحتهم و غلق مقراتهم و معسكراتهم في حملة واسعة و شاملة و حقيقية في اجتثاث الفاسدين من كل مؤسسات الدولة و وزاراتها و الأيقاع بهم و ما لم يتم تطبيق هذان الأمران حرفيآ فلن تكون هناك دولة آمنة مستقرة و لا انتخابات نزيهة حرة و يبقى الحال على ما هو عليه و الى الله المشتكى .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here