الانتاج الفكري …العوامل والمعطيات

الانتاج الفكري …العوامل والمعطيات

التقارب الفكري من أهم مستلزمات الوقوف في وجه الصراعت باعتباره الأرضية والقاعدة التي ترتكز عليها الكثير من الامور وخاصة اذا اقتربت من الحقيقة دون رتوش والوان وهذا الموضوع يزداد أهمية عندما ننظر الى الظروف العالمية وطبيعة الصراع القائم على المستوى الحضاري في ظل انتشار الوسائل الحديثة من وسائل التواصل بين أبناء البشر مهما اختلفت مُعتقداتهم وقومياتهم ومذاهبهم ولغاتهم وهي الوسيلة الاهم التي ينمو وتتعاظم فيه القيمة النوعية للإنتاج الفكري الذي يعتبر من أهم مقومات نجاح المجتمعات وتطورها، وارتقاء الفرد ونموه، كيف لا وهو نتاج حضارة مجتمعه ومنتج لها في الوقت ذاته، حيث تتفرد العلاقات الاجتماعية بطابع خاص في موضوع الإنتاج الفكري، فتكثيف العلاقات الاجتماعية ، وترسخ مكوناته وتنقله إلى صورة للتطبيق العملي الذي يجد في المؤسسات فرصته الأكبر بما يحقق لها قيمة تنافسية في التقدم ألاكثر وتحسن من مستوى خدماتها المقدمة للمواطن بشكل أفضل، وهي معادلة تؤسس لقناعة واضحة كلما اتجهت المجتمعات إلى التناغم الفكري والتعايش المعرفي وتأطير أنموذج الخطاب الواعي فيما بين و على حد سواء اذا التزمت فيها بمعايير إدارة المشاعر والثقة والشراكة والاعتراف بالكفاءة واستقطبت الخبرات والتجارب الوطنية في ظل وجود عناصر قابل للتنازل في اللحظة المناسبة وآخر جاهز للارتقاء وعقلاء يبتكرون السبل لحل الخلافات والانتصار على الخلافات باعتباره فلسفة من العلاقات وجغرافية وتاريخ عريق شكل التفاهم العمود الفقري له على مر التاريخ لتمكنه من التصدي للدخلاء وسيفاً للحد من اذكاء الاختلافات التعصبية واعتقاد الوجدان البشري أنه وحده يمتلك الحقيقة. وتعلي من شأنه في واقع الإنجاز وتقترب من صناعة القرار والمشاركة فيه لتعكس ذلك على المنتج الحاصل في رصانته واستدامته وكفاءته بما تقدمه المجتمعات في سماوات التميز وأراضين ، العطاء والإنجاز.

ان غياب الانتاج الفكري المشترك هو أصل كل الخلافات ، وتكريس هذا المفهوم ونشره يتطلب جهداً قانونياً ورقياً ثقافياً، والعالم اليوم فى أمس الحاجة إليه ، وهو صورة من الصور الرقي بين مكونات المجتمع وفئاته المتعددة للابتعاد عن شريعة الغاب ، وتحويله الى حقيقة راسخة وثابتة، انسانية عظيمة ملتزمة بالثوابت القيمية ومن اصول مبادئ التقارب الراسخ، وبها نتمكن من حماية الاواصر ومكاسب، للعمل على تنمية الواقع في كل الحقول والمجالات.

أن التعايش السياسي الفاشل حالياً لكي يكون ناجحاً يتطلب الاستثمار في التعايش الفكري وترسخه على مستوى المجتمع المحلي اولاً ” للجمع بين الخبرات والطاقات من مجموعة متنوعة من مواطن الحركة الأساسية في بناء مناهج متعدد الأوجه لتقوية التعايش فيما بيننا في مجتمعنا والتعايش بين المذاهب هي قضية جوهرية مصيرية تُلامس الحياة الفعلية”و ثانياً “يتطلبه واقعنا في ضل التنوع المذهبي وفي خضم الصراعات المُتشابكة بين أبناء وطننا بأطيافه المختلفة ولها أبعاد واسعة المدى من حيث الاختلاط والتشاور والابتعاد عن حالة العُزلة والتقوقع والتعصب للمذهب والتي تصيب الإنسان الذي يُعاني مرضاً أو تهرباً من الواقع أو القانون”.

لهذا السبب او ذلك نرى ان الثقافة في مجتمعاتنا تتخبط أمام الجديد من تحديات ثقافة العولمة والانفتاح العالمي وثورة المعلومات في عصر المعرفة، يحصل هذا ولم تزل قضايا العقود الماضية مثل الحرية والعدالة والمساواة على حالها في أحسن تقدير. وللأسف فإن الكثير من قادة الفكر والرأي لا يسعفون مجتمعاتهم في مواجهة هذا الظرف، بالالتزام بالوقوف الى جانب قيم المعرفة والعدل والحرية والتنمية وحل مشاكل المجتمع الحقيقية، ويفضلون العمل اجراء لدى الأقدر على الدفع، ليصبح أكثر الانتاج الفكري عبارة عن سلع أو خدمات تقدم باحترافية لمن لديه القدرة على الدفع دون التفكير بالعطاء المخلص للمجتمع .

إن في عملية الإنتاج الفكري المبدع والمؤثر” يستبدل مفهوم النزعة من الفردية إلى الجماعية ليكون اكثر اهمية ، فمتى ما يبدأ الفرد في ابتكار آليات جديدة لتطوير المجتمع من حوله، فبلا شك يساهم بشكل جذري في تغيير الإطار النمطي الذي يحاصره، حيث يقوم بردم كل ما هو بال وإعمار كل ما هو رائع، مرتقيًا بمجتمعه أولاً وذاته ثانيًا. إلى ذلك، والملاحظة المهمة هي ان كل تلك المعطيات والعوامل ليست بمعزل على أن يطور الفرد نفسه بنفسه، وأن يحفز قوته الروحية بالإرادة نحو الأفضل على الدوام، مهما كان حلمه ويعد العامل الاقتصادي إلى أي بيئة، عاملا خلاقا في مسيرة التنمية الفكرية، فبدون توافر الماديات ” المناسبة التي تؤهل أي فكرة للنجاح لا يمكن أن يؤسس لتقدم نهضوي للمجتمع إلأ بضرورة تعزيز الحوارات الوطنية في كافة القضايا المهمة، وكذلك الحوارات بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة في المجتمع ، ولا بد أن تكون الحوارات فعالة بحيثُ ترتكز على المشترك الذي يجمع الطيف الوطني؛ وهو المصلحة العليا للوطن ووحدة قيمه ويؤدي الى استقرار الاوضاع الامنية والاقتصادية والثقافية والفكرية على احسن وجه في البلد والمطلوب من الجميع من أبناء شعبنا الاصلاء إلا ان نتمسك بتطبيق القيم الانسانية المنبثقة من الدين للعمل على إزالة أسباب الانقسام والعمل على نشر فكرة التعايش السلمي وإعادة التماسك الاجتماعي ورفع قيم التسامح والصفح بين أبناء الوطن وبكل أطيافهم ومذاهبهم ودياناتهم وحيث الابتعاد عنه من أكبر الأسباب التي تؤدي الى إستمرار الإنقسام والصراع والاختلاف ورفض الآخر و الفشل في فهم وقبول ثقافة التعايش السلمي والتسامح فضيلة إنسانية حثت عليها الديانات السماوية وغرستها في النفوس والضمائر البشرية من أجل التخلي عن المشاكل الاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية كالكراهية والحقد والضرب والعنف والقلق التي تترك اثاراً هامه في حياة الافراد داخل المجتمع والتي هي من الأسس والركائز المهمة في العقائد السمحاء.

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here