تغير الخطاب الإسلامي

تغير الخطاب الإسلامي، الدكتور صالح الورداني
———————-
يتضح للقارئ من خلال ما نعرضه من مقالات أننا نسعى الى تغيير الخطاب الإسلامي المعاصر لا تجديده..
والفرق كبير بين التجديد والتغيير..
التجديد ينادي به الجميع حتى المؤسسات الدينية سبب أزمة هذا الخطاب..
ينادون به على أساس التمسك بفكرة الكتاب والسنة..
وعدم المساس بهما..
وهو ما يعني عدم التجديد من الأصل..
لكون أزمة الخطاب الإسلامي تكمن في الروايات والموروث لا في القرآن..
وهم بهذه الدعوى يريدون حماية الروايات والحفاظ عليها عن طريق ربطها بالقرآن..
وربط الروايات بالقرآن دعوى باطلة ناقشناها في مقال سابق..
وفي مواجهة الحوادث والمتغيرات المعاصرة التي فرضت نفسها على واقع المسلمين أصبحت الحاجة ملحة لتغيير الخطاب الإسلامي، والعمل على إبراز الصورة الحقة للإسلام نقية صافية من شوائب الماضي،
وبصمات السياسة وتأثيرات المذاهب، والتأكيد على هوية الإسلام وأهدافه..
إن هناك العديد من التساؤلات تقف بانتظار الخطاب الإسلامي المعاصر :
هل جاء الإسلام ليقيم مجتمعاً من العبّاد والمترهبنين..؟
أم جاء ليكون قوة دافعة للنهوض والتقدم..؟
هل جاء لينصر العقل ويدعم الفكر والرأي..؟
أم جاء ليدعم التقليد والجمود ويحيى الخرافة..؟
هل جاء ليحقق العدل والأمن والسلام ويكون رحمة للعالمين..؟
أم جاء ليعلن الحرب ويهدد السلم ويرفض الآخر..؟
هل الروايات وأقوال الرجال هى مصدر هذا الخطاب..؟
أم أن القرآن هو المصدر الوحيد له..؟
والإجابة على هذه التساؤلات وغيرها تتطلب حدوث تغييرات في بنية الخطاب ومقوماته..
وتغيير لهجته المعادية للواقع المنفرة للآخر..
ونبذ العقل الروائي والتسلح بالعقل القرآني..
والتوقف عن حالة الإغراق في الطقوس والشعائر..
وتبني نظرية للنهوض والتقدم..
وهذا كله يفرض تغيير هذا الخطاب لا تجديده..
وهو ما يجعل الخطاب الإسلامي المعاصر يقف بين أمرين:
الأول: قبول تغيير الأطر والمفاهيم..
الثاني: الاستسلام لحالة الجمود والتعصب..
وهو باختياره الأمر الأول سوف يواكب الواقع ويحقق الفاعلية والتأثير ويؤكد أن دوافع التغيير هى دوافع داخلية بعيدة عن ضغوط الحكومات والمؤسسات..
وباختيار الأمر الثاني يكون قد دفع بنفسه إلى الوراء ليلحق بصور الخطاب القديمة التي أصبحت في ذمة التأريخ..
وعلى مستوى الخطاب السني والشيعي هناك العديد من المعتقدات التي تبدو مصادمة للعقل وغير ملائمة للواقع..
وكم من الخرافات على رأسها فكرة صكوك الغفران..
كذلك هناك صور من التضخيم غير المبرر لدى الخطابين لأمور ومفاهيم على حساب جوهر الدين وأساسياته.
إن الواجب يفرض علينا القيام بعملية تشريح للخطاب الإسلامي بجناحيه السني والشيعي..
وبصوره المختلفة المتعددة والمتنافرة..
هذه العملية التي تعد مقدمة ضرورية للوصول إلى أسباب فشله وتراجعه..
وهي مقدمة ضرورية أيضاً لميلاد خطاب جديد..
وتصحيح صورة الإسلام..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here