جرائم وحشية طارئة على المجتمع العراقي تحت ظل سلطة الإسلاميين

جرائم وحشية طارئة على المجتمع العراقي تحت ظل سلطة الإسلاميين

بقلم مهدي قاسم

بالرغم من وحشية النظام السابق وفاشيته المفرطة بحق كل من كان يعارضه فكرا أو فعلا تنظيميا ، إلا أن الثوابت والقيم الاجتماعية التقليدية العامة و المتجسدة بشيء من مشاعر عطف ورحمة واحترام وتقدير الوالدين والزوجة والأطفال والجيران بُقيت محتفظة بطابعها العام ــ ولو بحدها الأدنى ــ بين صفوف المجتمع وشرائحه وفئاته المختلفة ، رغم الحروب أساليب القمع و ظروف الحصار الصعبة ، ولكن بعد سقوط النظام السابق والتغييرات السياسية والاجتماعية الهجينة والمشوّهة التي طرأت على المجتمع العراقي ، وما رافق ذلك من فلتان أمني وحرب أهلية وعمليات إرهابية وفساد إداري ومالي وسقوط ما تبقى من هيبة الدولة وتكوين دويلات ميليشاوية وداعشية إرهابية ، مع اشتداد مظاهر فقر وبطالة وسوء خدمات لفترة طويلة جدا ضمن مراوحة في مكان واحد حتى الآن ، مما خلقت شعورا بيأس وإحباط ، جنبا إلى جنب مع ممارسة ضغوط نفسية على المواطن وحرمانه من وسائل ترفيه و تسليات ، حيث أغُلقت دور السينما والنوادي الاجتماعية وأُهملت المسارح ، طبعا ، ماعدا زيارة عتبات ومراقد ” مقدسة ” والتردد إلى الجوامع والحسينيات كالطريقة الوحيدة المتوفرة فقط أما المواطن للتنفيس ، فبدأنا نتفاجئ بحدوث جرائم وحشية كانت غريبة على المجتمع العراقي ، من قبيل اقدام أم برمي أطفالها إلى النهر ، أو زوج بحرق زوجته ، بينما زوجة تقوم بقتل زوجها ب” البلوكة ” وهو في حالة نوم عميق ، إقدام الابن على قتل والده أوشقيقه (أما مسألة قتل الشقيقات على الشبهة فحدث ولا حرج ) و بالعكس أيضا ، أي قتل الأب لابنه ، فضلا إلى القيام الزوجة برمي زوجها واطفالها إلى الشارع وبالعكس أيضا أي طرد الزوج لزوجته وأطفاله إلى الشارع بدون رحمة أو وازع ضمير ، كما لو كانوا عبارةعن أثاث مستهلك فائض عن الحاجة !! ، مع بروز ظاهرة بيع أطفال من قبل أهاليهم ،إلى جانب تصاعد نسبة المنتحرات والمنتحرين إلى درجة مقلقة ، تُكاد أن تأخذ طابعا شبه يومي من عمليات و نوايا انتحارية عن سابق تصميم وإصرار ، وما ترافق كل ذلك زيادة مضطردة في نسبة المدمنين على المخدرات وكثرة عصابات الإجرام المنظم وشبكات الدعارة غير الرسمية ..

إلا أن هذه المشاكل والأزمات الاجتماعية لا تكمن فقط في فظاعة هذا الجرائم وطابعها الوحشي و الشاذ والغريب على المجتمع العراقي ، والتي يمكن أن تتحدث في أي مجتمع آخر ، إنما في تكرارها يوما بعد يوم وعلى نطاق واسع ..

في مقابل ذلك رأينا أنه قد جرت عملية أسلمة المجتمع العراقي ومذهبنته من قبل أحزاب إسلامية وطائفية ، حتى في دوائر ومؤسسات الدولة ، وذلك بتشديد خانق وإجباري غير مباشر ، وبشكل لا يختلف كثيرا عن عملية التبعيث القسري سابقا ، فتدّين كثير من الناس شكليا ، أي بتدّين آلي ، مجرد تظاهر بتديّن فحسب ، مثلما أصبحوا بعثيين شكليا أيضا ، تحت ظل النظام السابق ، بحيث باتت فئات و شرائح واسعة من المجتمع العراقي لا يتحدث إلا بعبارات ومصطلحات وألقاب دينية ومذهبية على مدار اليوم ، بل أخذت تلوكها حتى أفواه أولئك البغاة الذين أفسدوا في أرض العراق فسادا كبيرا وطغوا طغيانا شديدا ..

وهكذا نرى كيف أن سياسة أحزاب دينية ومذهبية وطائفية قائمة على دجل ونفاق وكذب وفساد ولصوصية قد شوّهت القيم والثوابت الاجتماعية الأصيلة ، والتي في أغلبها كانت نابعة عن فطرة إنسانية مزروعة أو مكتسبة جناتيا، عبر قرون طويلة من تطور قيم اجتماعية ذات طابع إنساني وبعيد عن تلقينيات عقائدية أو أيديولوجيات قسرية..

وأخيرا أمل أن تكون هذه السطور حوافز و تشجيع للمتخصصين في شؤون علمي الاجتماع والنفس لتناول هذا الموضوع بشكل أوسع وأكثر عمقا وبدراسات أكاديمية ذات طابع مهني شامل..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here