السِّيادة التي تقبلُ القِسمةَ في قامُوسِ [العِصابةِ الحاكِمةِ]

السِّيادة التي تقبلُ القِسمةَ في قامُوسِ [العِصابةِ الحاكِمةِ]

نــــــــــــــــــــــزار حيدر

١/ لا يختلفُ إِثنان على أَنَّ الإِنتخابات النيابيَّة المُرتقبة، مهما كانت تسميتها وتوقيتها، ستكونُ مِفصليَّة، إِذ ستقف البلاد على مُفترقِ طُرُقٍ، ببنَ أَن تستمرَّ التَّجربةالديمقراطيَّة والنِّظام السِّياسي الحالي وتتطوَّر، أَو أَن تنتكِسَ وينهار كلَّ شيءٍ.

والصِّراع القادِم سيكونُ ببنَ إِرادتَين؛ إِرادة الشَّعب، ومعهُ المرجعيَّة الدينيَّة العُليا، ومحميَّة بانتفاضة تشرين الباسِلة، والتي تبذل كلَّ ما بوسعهِا لتجري الإِنتخابات بنزاهةٍوشفافيَّةٍ وبأَجواء آمنة لا يتحكَّم فيها المال والسِّلاح والعُنف والإِكراه، وإِرادة الكُتل السياسيَّة التي تصطفّ اليَوم مع بعضِها وتتكتَّل في مواجهةِ الإِرادةِ الأُخرى، على الرُّغمِمن كُلِّ تناقضاتِها وصراعاتِها المُستدامة! والتي تفعل المُستحيل من أَجلِ تفصيلِ أَدوات العمليَّة الإِنتخابيَّة على مقاساتِها لتضمِنَ تدوير منهجيَّتها وزعاماتها وحجمها فيالعمليَّة السياسيَّة برُمَّتِها.

فما اجتمعت هذهِ الكُتل على شيءٍ منذُ أَن سيطرت على السُّلطة عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن كاجتماعِها على هذا الثَّابت!.

٢/ العراقيُّون لم يعودُوا يثِقُونَ بالعمليَّة الإِنتخابيَّة أَبداً إِذا بقيَت تُهيمن عليها وتديرها [العِصابة الحاكِمة] بشكلٍ من الأَشكال، ولذلكَ يصرُّون اليَوم على أَن تجريالإِنتخابات المُرتقبة تحت رَقابة وإِشراف أُممي، وهو الأَمرُ الذي عضَّدتهُ بيانات المرجع الأَعلى عند استقبالهِ العام الماضي [١٣ أَيلول ٢٠٢٠] مبعوثة الأُمم المُتَّحدة السَّيِّدةبلاخارست.

إِنتخابات من دونِ رقابة وإِشراف أُممي، وفي كُلِّ مراحِلِها، سوف لا تكون نزيهة وشفَّافة أَبداً، فتجاربنا السَّابقة مع الكُتل السياسيَّة الحاكِمة لا تُشجِّع على شيءٍ منهذا القَببل ولا تبني ثقةً أَبداً.

مَن يرفُض الرَّقابة والإِشراف الدَّوليَّين يُبيِّتُ نوايا التَّزوير من الآن [وكما أَشارَ إِلى هذهِ الحقيقة يَومَ أَمس زعيم التيَّار الصَّدري في مُؤتمرهِ الصَّحفي في الحنَّانة والذيوافقَ فيه على الإِشراف الدَّولي].

٣/ لحدِّ الآن فإِنَّ الكُتل السياسيَّة التي تتحدَّث بصَوتٍ مُرتفعٍ ضدَّ فكرةِ الإِشراف الأَممي هي الكُتل التي طالما أَعلنت ولاءها لجارتِنا الشرقيَّة [الجمهوريَّة الإِسلاميَّة فيإِيران] والتي يُطلق عليها وصف [وُكلاء طهران في بغداد] والقُصَّة بدأَت عندما تهجَّم وتطاولَ فأَساءَ الأَدب أَحد مُستشاري المُرشد الإِيراني الأَعلى على المرجع الأَعلى بُعيدَإِدلاءِ سماحتهِ ببياناتهِ السياسيَّة للسَّيدة بلاخارست والتي طالبَ فيها برقابةٍ وإِشرافٍ أُمميٍّ على الإِنتخابات والتي كان من المفرُوض أَن تكون مُبكِّرة.

ولقد عُدَّت تصريحات الموما إِليهِ بهذا الشَّأن تدخُّلاً سافراً في الشُّؤُون الداخليَّة للبلادِ، خاصَّةً وأَنَّ الذي كانَ قد عبَّرَ عنها المرجعُ الأَعلى الذي يُجمعُ العراقييِّن على أَنَّهُالمُعبِّر الحقيقي عن إِرادتهِم وعن المصالح العُليا للبِلادِ.

وعلى الرَّغمِ مِن أَنَّ القيادة السياسيَّة الإِيرانيَّة اعتذرت وقتها على هذهِ الإِساءة والتَّطاول، إِلَّا أَنَّ الإِعتذار ظلَّ نظريّاً ومن فَوْقَ الطَّاولة أَمَّا عمليّاً فلقد ظلَّت طهران [الوِلاية] تُجيِّش وكلاءَها في بغداد لرفضِ فكرةِ الإِشرافِ الدَّولي على الإِنتخابات المُزمع إِجراءها في تشرين الأَوَّل [أُكتوبر] هذا العام، لأَسبابٍ عدَّة أَهمَّهايقينها بأَنَّ وُكلاءها فيالبلادِ سيخسرُون الكثير من سُلطتهِم ونفوذهِم إِذا ما جرت الإِنتخابات بنزاهةٍ وشفافيَّةٍ.

طبعاً لا أَحد يتحدَّث بهذهِ الصِّيغة وعلى المكشُوفِ وإِنَّما يتذرَّعُون بالسِّيادة لإِرعاب الرَّأي العام من أَيَّة صيغةٍ للإِشرافِ الدَّولي.

٤/ المُلفت للنَّظر والذي يستدعي الوقُوف عندهُ مليّاً هو أَنَّ طهران ذاتَها قبِلت بالتَّنازل عن بعضِ سيادتِها لفِرَق التَّفتيش الدَّوليَّة على برنامجِها النَّووي، وهو أَحد أَخطرالملفَّات التي تعتبرهُ خطّاً أَحمراً في تعاملاتِها مع المُجتمع الدَّولي، ولكن مَع ذلكَ فإِنَّ وكلاءَها يتذرَّعون بالسِّيادة لرفضِ الإِشراف الأُممي.

بمعنى آخر؛ فإِنَّ ما هو حلالٌ لكَ حرامٌ عليَّ!.

هذا إِذا اعتبرنا أَنَّ الإِشراف الدَّولي على الإِنتخابات يمسُّ السِّيادة، وهو ليس كذلك بالأَدلَّة القانونيَّة التي سنسُوقها.

٥/ وإِلى الذين يتذرَّعونَ بالسِّيادة ويذرفونَ عليها دمُوع التَّماسيح للتهرُّب من إِستحقاقات الإِنتخابات المُرتقبة؛

أ/ إِنَّما تتعرَّض السِّيادة للإِنتهاك إِذا فُرِضَ أَمرٌ ما على الدَّولة، أَو إِذا تمَّ فعلُ شيءٍ من الآخرين من دونِ علمِ الدَّولة، أَمَّا الإِشراف الدَّولي فلقد تقدَّمت بهِ الحكومة العراقيَّةبطلبٍ رسميٍّ إِلى الأُمم المُتَّحدة بهذا الصَّدد.

فلقد أَعلن وزير الخارجيَّة في ٢٧ كانون الثَّاني الماضي، عن توجيه العراق طلباً رسميّاً إِلى مجلس الأَمن للرَّقابة على الإِنتخابات المُقبِلة.

ما يعني أَنَّ الأَمر ليسَ مفروضاً على الدَّولة وإِنَّما برغبةِ وإِرادةِ الحكومة.

حالها حال النَّص الذي وردَ في إِتفاقيَّة الإِطار الإِستراتيجي المُوقَّعة بين بغداد وواشنطن [والتي شرَّعها مجلس النوَّاب بقانون] والذي يقولُ أَنَّ واشنطن مسؤُولة عنحمايةِ الديمقراطيَّة في العراق! وهو النَّص الذي يفتخر [زعيم دَولة القانون] بأَنَّهُ كانَ وراء إِدراجهِ في الإِتفاقيَّة [عندما نسيَ السِّيادة].

وحالهُ حال وجود القوَّات الأَجنبيَّة في البلاد والتي عادت إِلى العراق في عام ٢٠١٤ بطلبٍ من حكومة [المالكي الثَّانية] في إِطار [٣] مذكَّرات رسميَّة كانت قد بعثت بهاإِلى الأُمم المُتَّحدة وإِلى واشنطن، وهي عَلى التَّوالي بالأَرقام والتَّوايخ التَّاليةِ؛

المذكَّرة رقم (S/2014/440) والمُؤَرَّخة في (٢٠١٤/٦/٢٥) والأُخرى المُرقَّمة (S/2014/691) والمُؤَرَّخة في (٢٠١٤/٩/٢٠).

ب/ إِنَّ أَيَّة رقابة أَو إِشراف دَولي على الإِنتخابات يتطلَّبُ خُطوتَين وتحقيقُ شرطَين؛

*طلب من الدَّولة العضو [العراق في هذهِ الحالة] وقد تحقَّق الطَّلبُ رسميّاً.

*قرارٌ بالقَبُول والمُواففة من هيئة الأُمم المُتَّحدة أَو مجلس الأَمن.

وبرأيي فإِنَّ هذا سيتحقَّق، خاصَّةً وأَنَّ العراق الذي صدرت بشأنهِ منذُ ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن [٢٢] قراراً دَوليّاً مازال تحتَ طائلة البند السَّابع لميثاقِ الأُمم المُتَّحدة، وأَنَّاستمرار وجود [يونامي] في البلاد منذ ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن وبطلبٍ من العراق وبقرارٍ من مجلس الأَمن، يُسهِّل هذهِ الخُطوة لدرجةٍ كبيرةٍ.

ج/ لو كانت [العِصابة الحاكِمة] حريصةٌ على سيادةِ العراق فلماذا لم تُهيِّئ الظُّروف السياسيَّة والأَمنيَّة والإِجتماعيَّة ليستقرَّ العراق وبالتَّالي لتُنهي عمل [يونامي] فيالبلاد؟!.

أَلا تعلم العِصابة أَنَّ وجود [يونامي] مُؤَشِّر على أَنَّ المُجتمع الدَّولي مازال يتعامل مع العراق كأَزمةٍ غَير مُستقِرَّة؟!.

د/ عندما كانت العِصابة في المُعارضة أَلم تدعُ المُجتمع الدَّولي للضَّغط على نظامِ الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين ليقبل بإِشرافٍ دَوليٍّ على الإِنتخابات [الصُوريَّة] التي كانيُجريها بَين الفينةِ والأُخرى، لفضحهِ وتعرِيتهِ؟!.

فلماذا كانت تتساهل معَ السِّيادة عندما كانت في المُعارضة وتتصلَّب اليَوم [زوراً وبُهتاناً] بإِزائها؟!.

أَم أَنَّ السِّيادة سيادتَين تقبل القِسمة على اثنَين؟!.

لماذا كانت تُرحِّب بكلِّ القرارات الدَّوليَّة التي كانت تصدر عن مجلسِ الأَمن بشأنِ العراق والتي كانَ كلُّ حرفٍ فيها ينتهكُ سيادةَ البِلاد؟!.

أَلم تكُن تعرِف أَنَّ [اليَومَ وراءهُ غدٍ]؟! أَم تصوَّرت أَنَّ الفلكَ قد توقَّفَ عن الدَّوران؟!.

لماذا رحَّبت بقرارات الحَصار التي أَصدرها مجلس الأَمن على مدى [١٠] سنوات وكلَّها انتهكت سيادة البلاد؟!.

هـ/ أَين كانت السِّيادة في قاموسِها عندما صفَّقت لقرارِ واشنطن – لندن إِسقاط نظام الطَّاغية بالغزُو العسكري؟!.

لماذا لم تتذكَّر السِّيادة عندما وضعت يدها بيدِ الغُزاة المُحتلِّين فتعاونت معهُم على مُختلفِ الأَصعدة وهي تعرِف أَنَّها تتجاوز على سيادةِ العراق المُنتهكة؟!.

أَينَ كانت عندما قبِلت بقانون الدَّمج سيِّئ الصِّيت الذي أَصدرهُ الحاكم بأَمرِ الرَّئيس بوش [بول بريمر] لتبيع وتشتري بالمراكِز والمواقِع القياديَّة في المُؤَسَّسة الأَمنيَّةوالعسكريَّة التي مازالت تئِنُّ من الآثار السيِّئة للقرار؟!.

أَينَ السِّيادة في مفهومِها وهي ترى بأُمِّ عَينَيها إِنتشار السِّلاح خارج سُلطة الدَّولة بذرائِعَ شتى ليُسقِط الدَّولة متى ما شاء؟!.

ويُحدِّثونكَ عن هَيبة الدَّولة!.

أَين السِّيادة في قاموسِها وهي تسمع بأُذُنَيها تصريحات زُعماء الميليشيات وهم يعلنُونَ أَنَّ ولاءَهم وسلاحَهم للمُرشدِ الإِيراني الأَعلى، وهو القائِد العام للقوَّات المُسلَّحةفي دَولةٍ أُخرى غَير العراق؟!.

إِنَّ السِّيادة [خارُوعة] لإِرهاب الرَّأي العام، يرفعونَها بِطاقةً حمراء متى ما تعارض أَمرٌ ما مع نفوذهِم وسُلطتهِم ومصالحهِم، ويغضُّون الطَّرف عنها متى ما تناغَم الأَمرُوامتزجَ مع مصالحهِم.

والأَمثلةُ كثيرةٌ لا حصرَ لها!.

٦/ إِنَّ بعض مخاوُف الرَّافضين للإِشراف الدَّولي على الإِنتخابات المُرتقبةِ قولهُم؛ إِنَّهُ قد يُلغي بعض صناديق الإِقتراع إِذا حامت حولها شُبُهات تزوير من نوعٍ ما!.

برأيي فهذا أَفضل عمل يُمكن أَن ينتج عن الإِشراف الدَّولي، فأَن تُلغى بعض الصَّناديق المشبُوهة لحمايةِ العمليَّة الإِنتخابيَّة برُمَّتها أَفضل بكثيرٍ من التستُّر عليها لتدميرِكلِّ العمليَّة الإِنتخابيَّة.

ولذلكَ عمدت [١٠٠] دَولة حولَ العالَم إِلى ذلكَ خلال العقُود الثَّلاثة الأَخيرة، لتوكيد مصداقيَّة العمليَّة الإِنتخابيَّة دَوليّاً ووطنيّاً.

إِنَّ ما حصلَ في الإِنتخابات الماضية، والذي أَدخلَ البِلاد في ظُلمةٍ حالِكةٍ لولا الإِنتفاضة التشرينيَّة الباسلة التي احتضنها واحتضنَ ضحايا المرجعُ الأَعلى، فرأى فيهاالعراقيُّونَ نوراً في نِهايةِ النَّفق، من جريمةٍ عندما اشتركت كلَّ الكُتل السياسيَّة بالتَّزوير وحرق صناديق الإِقتراع ورمي بعضها في النَّهر، لتدويرِ نِفاياتها في السُّلطة،وعندما فاحت رائِحة التَّزوير النَّتِنة اتَّفقت [العِصابة الحاكِمة] على التستُّر عليها خشيةَ [الفِتنة] كما عبَّر عنها أَحد كبار اللُّصُوص والمُزوِّرين قبلَ يَومَين في حوارٍ مُتلفز،واقصد بهِ صاحب نظرَّية [بعد ما ننطيها]!.

لقد اتَّفقَ اللُّصوص على التستُّر على الجريمةِ النَّكراء لتجنُّب الفتنةِ، فماذا كانت النَّتيجة؟!.

{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}.

٧/ كُنَّا نتمنَّى أَن تفعل الحكُومة الحاليَّة المُستحيل لتغييرِ الصُّورة النمطيَّة في ذهنِ المُواطن فيما يخصُّ قُدرتها على حمايةِ الدَّولة وهيبتها وسيادتَها ليطمئِنَّ على طبيعةِالإِنتخابات المُرتقبة كونَها ستجري في جوٍّ آمنٍ بعيداً عن التَّرغيب بالمال الحرامِ والتَّرهيبِ بسلاحِ الميليشيات لتجري بنزاهةٍ وشفافيَّة.

عندها كُنّا لا نحتاج إِلى الحديثِ عن ضَرورة الرَّقابة والإِشراف الأُممي لحمايتِها من التَّزوير.

أَما وقد فشِلت الحكومة في فعلِ أَيِّ شيءٍ يُشيرُ إِلى قُدرتها على إِجراءِ الإِنتخابات بنزاهةٍ وشفافيَّةٍ وأَمان، فليس هناك أَيَّ مجالٍ لإِجرائِها بعيداً عن الرَّقابة والإِشرافالدَّولي.

لقد فشِلت الحكُومة في إِثباتِ سُلُطاتِها الدُّستوريَّة بعيداً عن إِبتزازِ الكُتل السياسيَّة، ففشلت فشلاً ذريعاً في حصرِ السِّلاح بيدِ الدَّولة إِذ مازالت الميليشيات والسِّلاحالمُنفلت يسرح ويمرح في البِلادِ، قادرٌ على إِسقاطِ الدَّولةِ لحظة يشاء وأَمامَ مرأى ومسمع كُل المُؤَسَّسات! فكيف سيأمن النَّاخب على صوتهِ في ظلِّ هذهِ الأَجواء الإِرهابيَّةالمُرعِبة؟!.

كما فشِلت الحكومة في حمايةِ سيادةِ الدَّولة وهيبتها في ظلِّ سيطرةِ الدَّولةِ العميقةِ.

إِنَّها فشِلت في الكشفِ عن هويَّةِ [الطَّرف الثَّالث] الذي اشتركَ في قتلِ المُتظاهرين إِبَّان الإِنتفاضة التشرينيَّة الباسلة، على الرَّغمِ من طلبِ المرجعيَّةِ العُليا المُتكرِّر وطلبِالرَّأي العام الوطني! وفشِلت في تقديمِ واحدٍ من المُجرمينَ قتَلة النَّاشطين إِلى القضاءِ لينالَ جزاءهُ العادل، معَ كُلِّ الوعُود التي قطعَها وكرَّرها رئيس الحكومة!.

إِنَّ الحكومة التي فشِلت في تحقيقِ كلِّ ما تشكَّلت من أَجلهِ مِن أَهدافٍ آنيَّةٍ مُستعجِلةٍ لترميمِ جسُورِ الثِّقةِ بينَ الشَّعبِ والدَّولةِ لا يمكنُ الوثُوق بها والرُّكون إِلى إِجراءاتِهالنشهدَ إِنتخاباتٍ نزيهةٍ وآمنةٍ يُسلِّم النَّاخب بنتائجِها وبالتَّالي تُساهِم في إِفرازِ برلمانٍ يختلف ولو بنسبةِ ٥٠٪؜ عن البرلمانات التي سبقتهُ لحدِّ الآن منذُ عام ٢٠٠٣ لتبدأَ رِحلةِالإِصلاحِ الحقيقي المُرتقبِ برُؤيةٍ جديدةٍ وأَدواتٍ جديدةٍ تتعاون لبناءِ دَولةِ المُواطن وليس كانتونات [العِصابة] وزعاماتها القائِمة على المُحاصصاتِ الطائفيَّةِ بكُلِّ عناوينِِها!.

٨/ نتمنَّى أَن تُفضي مُذكَّرات التَّفاهم القضائيَّة بشأن سُجناء البلدَين والتي تمَّ توقيعها بين بغداد وطهران خلال زيارة رئيس السُّلطة القضائيَّة الإِيرانيَّة الأَخيرة إِلىالعراق، إِلى الحدِّ من عمليَّات تهريب المُخدِّرات من جارتِنا الشرقيَّة إِلى البلاد.

فحسب إِحصائيَّات الحكُومة العراقيَّة فإِنَّ إِيران هي المصدر الأَوَّل والأَساس لتهريبِ المُخدِّرات إِلى العراق، وهو أَمرٌ خطيرٌ جدّاً ينبغي على البلدَين التَّعاون بكُلِّ الطُّرقوالإِمكانيَّات للحدِّ من هذهِ الظَّاهِرة والخطيرة والمُقلِقة.

أَمَّا سؤَالك عن سبب عدم زيارةِ الضَّيف الإِيراني إِلى النَّجف الأَشرف وكربلاء المُقدَّسة، والتي أَثارت الإِنتباه والشُّكوك والتكهُّنات بشَكلٍ واسعٍ إِذ ليسَ من العادةِ أَن يزورَمسؤُولٌ إِيرانيُّ العراق من دونِ أَن يتشرَّف بزيارةِ العتبات المقدَّسة في النَّجف وكربلاء، ففي الحقيقةِ لم تترشَّح عندي معلومات يُعتدُّ بها كتفسيرٍ معقولٍ لذلك، إِلَّا أَنَّ ما قيلَعن رفض المرجعيَّات الدينيَّة في النَّجف الأَشرف إِستقبال الضَّيف الزَّائر هيَ السَّبب الأَهم، رُبما تكونُ صحيحة.

لا أَدري.

وكانَ المرجِعُ الأَعلى قد استقبلَ سلفهِ الشَّيخ صادق آمُلي لاريجاني خلال زيارةٍ مُماثِلة إِلى العراق في [تشرينِ الثَّاني ٢٠١٦].

٩/ ليسَ لأَحدٍ الفضل في تحقيقِ العراقيِّين الإِنتصار النَّاجز على [داعش] في الحربِ على الإِرهاب؛

{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} هذا أَوَّلاً.

وثانياً؛ إِنَّهم حقَّقُوا هذا النَّصر الإِلهي الموعُود بفتوى الجِهاد الكِفائي وبتضحياتِ أَبنائهِم وبدماءِ المُقاتلين الأَبطال الشُّجعان الذين استُشهدُوا أَو جُرِحوا في سوحِ الجِهاد،وإِنَّ كلَّ الذينَ ساعدُوهُ في هذهِ الحرب إِنَّما ساهمُوا بقتالِ [داعش] بدماءِ العراقيِّين وليسَ بدمائهِم أَو دماءِ أَبنائهِم، ودفاعاً عن أَنفُسهِم أَوَّلاً على قاعدةِ [قاتِلوهم في بغدادحتَّى لا نُقاتلهُم في عواصِمِنا.

قالَ هذا الرَّئيس الأَميركي والفرنسي والمُرشد الإِيراني الأَعلى!.

هذا ينطبقُ على الجميعِ بمَن فيهِم طهران التي لا يُنكِرُ أَحدٌ أَنَّها ساعدت العراقيِّين في الحربِ على الإِرهاب، إِنَّما قاتلت بدماءِ العراقيِّين وليسَ بدماءِ الإِيرانيِّين.

أَنا أَسأَلُ؛ إِذا كانَ أَحدٌ عندهُ قائمةً بأَسماء الشُّهداء الإِيرانيِّين الذين استُشهدُوا في العراق دفاعاً عنهُ في الحربِ على الإِرهاب؟!.

لكنَّني أَمتلكُ قائمةً طويلةً وعريضةً بأَسماء الشُّهداء العراقيِّين الذين استُشهدوا في إِيران دِفاعاً عن الثَّورة والجمهوريَّة الإِسلاميَّة.

هذا يعني أَنَّ [الجنرال سُليماني] أَرادَ أَن يرُدَّ الجميل للعراقيِّين ولتلكَ الدِّماء الطَّاهرة التي أُريقت من نحورِ العراقيِّين على الأَراضي الإِيرانيَّة دفاعاً عن الثَّورةوالجُمهوريَّة.

هوَ لم يفعل جميلاً وإِنَّما ردَّ بعض الجميل، رُبما!.

هذهِ هي الحقيقة التي يغفل عنها أَو يتغافل عنها كثيرُونَ ممَّن لا تربطهُم بالعراقِ وصلَ ولاءِ!.

ولذلكَ يُهوِّلونَ دَور [العامِل المُساعد] ويُقلِّلونَ من دَور العراقييِّن ويطلبُونَ منهم أَن يدفعُوا ثمنهُ بالولاءِ والتَّجاوُز على سيادةِ العِراقِ وهيبتهِ!.

تلكَ هيَ المُصيبة التي يلزم أَن ينتبهَ لها العِراقيُّون! لإِصلاحِ إِتِّجاهاتِ البَوصلةِ قبلَ فواتِ الأَوان!.

١٠/ أَنا أَستنتجُ من خلالِ مُتابعاتٍ ميدانيَّةٍ دقيقةٍ بأَنَّ كُلَّ الكُتل السياسيَّة المعنيَّة بحادثةِ المطار، بما فيها من تُطلق على نفسِها صِفة [الكُتل الولائيَّة] و [كُتل المُقاومةوالمُمانعة] مُساهِمةً في التستُّر على التَّحقيق في الجريمةِ، وهذا ما يُفسِّرُ سبب تجاهُل وعدم متابعةِ البرلمان للبيانِ الذي صدر عنهُ وقتَها.

أَمَّا السُّؤَال؛ لماذا لم تنفِّذ طهران تهديداتها ضدَّ الولايات المُتَّحدة على الرَّغم من تكرارها يوميّاً، فحسب معرفتي بالعقليَّة السياسيَّة للقيادةِ الإِيرانيَّة فإِنَّها أَذكى من أَنتُستدرج لمُواجهاتٍ لا تقدر عليها، ولذلكَ نقلت مواجهاتها خارج حدودها! وأَتذكَّر هُنا كلاماً للرَّئيس الإِيراني الأَسبق [هاشمي رفسنجاني] في معرضِ تبريرهِ لقَبول طهرانبالإِتِّفاق النَّووي وذهابها مع المجمُوعةِ الدوليَّة إِلى نِصفَ الطَّريق، يقول [لَسنا أَغبياء كصدَّام لنُستدرَجَ فنُدمِّر ما بنيناهُ ونُدمِّر بلادنا].

أَمَّا التَّهديدات فهي للإِستهلاك المحلِّي ولعرضِ العضلات في إِطارِ الحربِ النفسيَّة، وكذلك لزرقِ المعنويَّات في [جبهةِ المقاوَمة] وهي تشبه التَّهديدات التي أَطلقها [الإِمامالخُميني] عندما ارتكبَ نِظام [آل سَعود] الإِرهابي المُتخلِّف جريمته بحقِّ الحُجَّاج الإِيرانيِّين في مَوسم حج عام [١٩٨٧] تلكَ المجزرة التي راح ضحيَّتها أَكثر من [٤٠٠] حاج إِيراني بالإِضافةِ إِلى آلاف الجرحى والمُصابين والمُعتقَلين.

وقتها أَصدر الإِمام [قُدِّسَ سِرُّه] بياناً قالَ فيهِ [لَو عفَونا عن صدَّام فسوفَ لن نعفُوَ عن آل سَعود].

إِلَّا أَنَّ القيادة الجديدة تبنَّت، فَورَ وفاتهِ، سياسةً جديدةً مع الرِّياض بدأَت بزيارةِ الرَّئيس رفسنجاني وقتها للرِّياض والتي وصفتها القيادة والإِعلام الإِيراني بالتَّاريخيَّة!.

١١/ أَنقرة تستغل أَمرَين لتستمرَّ في إِنتهاكاتِها لسيادة العراق؛

أ/ الخلاف المُستدام بين أَربيل وبغداد والذي لم تجِد لهُ العاصمتَين حلّاً منذُ ٢٠٠٣ على الرُّغم من آلاف الزِّيارات الرسميَّة المُتبادلة والإِجتماعات والبيانات والمُذكَّراتوالإِتفاقيَّات.

كِلا الطَّرفَين يتجاوز الدُّستور ويتلاعب بالأَلفاظ ويُتاجر بمُعاناة الشَّعب.

حتَّى وصلَ الحال إِلى أَنَّنا سمِعنا تصريحات مُتناقِضة للمسؤُولين الكُرد وفي نفسِ الوَقت؛ واحدة في بغداد على لسانِ رئيس وفد الحزب الدِّيمقراطي المُفاوض والثَّانيةفي أَربيل على لسانِ رئيس حكُومة الإِقليم الذي أَعاد الأُمور بينَ العاصمتَين إِلى المُربَّع الأَوَّل بعد [١٨] عاماً من المُفاوضات!.

ب/ إِسترسال بغداد وأَربيل في غضِّ الطَّرف عن جماعةِ حزبِ العُمَّال الذي يتَّخذ من الأَراضي العراقيَّة على طولِ الحدودِ المُشتركةِ مع تركيا، خنادقَ ومقار للتعرُّض للجارةِالشِّمالية.

فعلى الرَّغمِ من توصيفِ بغداد للحزبِ كجماعةٍ إِرهابيَّة، والجرائم التي يرتكبها بحقِّ أَهلنا في أَقصى الشِّمال والتي لا تقلُّ بشاعةً عن جرائِم أَنقرة بقوَّتِها المُعتدية هُناك،إِلَّا أَنَّ بغداد وأَربيل لم يفعلا شيئاً لتطهيرِ المنطقةِ منهُ.

وبينَ جرائم الجماعة الإِرهابيَّة وتجاوُزات القوَّات التركيَّة انتُهِكت الدِّماء والأَرض والزَّرع والضَّرع والسِّيادة!.

١٢/ سكوت بغداد عن العُدوان التُّركي الذي ينتهكُ السِّيادةِ [يُشرعنهُ] تستُّر الكُتل السياسيَّة في البرلمان.

يتساءلُ المُواطن عن الفرقِ بين جريمةِ المطار التي انتهكت فيها واشنطن [السِّيادة] وبين جرائم القصف التُّركي الذي ينتهك [السِّيادة] كذلك؟!.

لماذا استشاطَ مجلس النوَّاب غضباً بسببِ الأُولى ولم يحرِّك ساكناً بسببِ الثَّانية؟!.

هذا يعني أَنَّ مفهوم السِّيادة يقبل القِسمة على اثنَين!.

أَظنُّ أَنَّ المُواطن تيقَّن اليَوم لماذا استشاطَ [الذُّيول] غضباً في المرَّة الأُولى ولم يعيرُوا إِهتماماً هذهِ المرَّة؟!.

إِنَّها لُعبةٌ خطيرةٌ إِسمها لُعبة [الوَلاء للغُرباء].

١٤ شباط ٢٠٢١

لِلتَّواصُل؛

Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ
Face Book: Nazar Haidar

Skype: live:nahaidar

Twitter: @NazarHaidar2

WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here