رغم التقدم في مؤشر عالمي.. لا إجراءات حقيقية لمحاربة الفساد في العراق

المدى/ حسن الإبراهيمي

في 29 كانون الثاني 2021، أماطت منظمة الشفافية الدولية، اللثام عن تقريرها الخاص بمؤشر الفساد لعام 2020.

كشف التقرير عن تقدم العراق مرتبة واحدة مقارنة بعام 2019، وهو أمرٌ يدعو للتفاؤل حقاً لكن الواقع يفرض سوداويته على المشهد العراقي، فلا وجود لمحاربة حقيقية لجذور الفساد اذ يتحرك الاخير تحت “مظلة سياسية”، وفقاً لمراقبين.

شمل التقرير 180 دولة بمؤشر مدركات الفساد. احتل العراق المرتبة 160 من حيث تسلسل الدول المشمولة وحصل على 21 درجة من أصل 100 درجة.

وشدد التقرير على “ضرورة تقوية ودعم وحماية الجهات الرقابية من خلال سيادة القانون وإنفاذ القانون والتشريعات الضرورية وفق اتفاقية مكافحة الفساد في حين ألغى العراق منظومة مكاتب المفتشين كرقابة استباقية وعدم الاستجابة الكاملة لمتطلبات الجهات الرقابية وإدارة الوظائف العامة والحماية السياسية للفساد والإفلات من العقاب إضافة الى متطلبات سيادة القانون وإنفاذ القانون”.

وبشأن ابرز ملفات الفساد يشير التقرير الى أنه “مازال تحدي شفافية العقود والمشاريع والمشتريات الحكومية التحدي الأكبر في ملف الفساد والتي تسبب هدرا كبيرا واستحواذ على المال العام من قبل أطراف متنفذة، وتضخيم الأسعار التخمينية في العقود والمشاريع والمشتريات، وضعف السياسات العامة في إدماج القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وحماية الاستثمار”.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس منظمة النهرين لدعم الشفافية ومحاربة الفساد، محمد رحيم، “حتى الآن القطاعات المعنية بتقارير منظمة الشفافية، لم تأخذ بالحسبان تطبيق المعايير الخاصة بالمنظمة، لتحقيق مؤشرات ايجابية مستقبلاً”.

ويضيف في حديثه لـ(المدى): “التشريعات البرلمانية لا تتناسب واتفاقية الامم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد لذلك ترى الروتين والفساد متغللا في دوائر الدولة ومؤسساتها”.

ويتابع “المشكلة تتمركز بانعادم الإرادة السياسية الهادفة لمحاربة الفساد وتطبيق معايير الشفافية الدولية في العراق”.

وكشف عن ستراتيجية منظمته لعام 2021 بالقول: “ستراتيجيتنا لعام 2021 ستبدأ مطلع آذار المقبل، اذ سيتم تشكيل شبكة محلية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، تتألف من عدد من منظمات المجتمع المدني”.

ويوضح أن “هدف الشبكة هو تحسين مؤشرات العراق فيما يتعلق بمدركات الفساد بأسرع وقت ممكن”.

بدورها تطرح، عميدة كلية اقتصاديات الاعمال في جامعة النهرين، نغم حسين، جملة من الحلول التي يمكن اتباعها لتعزيز الشفافية في العراق ومحاربة الفساد.

وتضيف في حديث لـ(المدى) أن “أبرز هذه الحلول هو اقامة ندوات ومؤتمرات تثقيفية لفئة الشباب في المجتمع هدفها تعريفهم بحقوقهم وواجبتها بصورة عامة كونهم بُناة هذا البلد”.

وتكمل حسين أن “الحل الآخر يجب أن يكون من خلال التركيز على محاربة الفساد في دوائر الدولة عبر تفعيل القوانين الرادعة التي تتناسب عقوبتها مع حجم الجريمة”.

وتؤكد أنه “كلما قل الفساد في بلد ما زادت نسبة الاستثمارات الاجنبية فيه لان المستثمر الاجنبي سيشعر ان امواله وموارده البشرية في أمان”.

وبالعودة الى التقرير، فقد تصدرت كل من الإمارات وقطر لجهة الأداء الأفضل على الصعيد الإقليمي العربي، اما على الصعيد الدولي، تصدرت كل من الدنمارك، ونيوزيلندا، المؤشر، تليهما فنلندا، سنغافورة، السويد، وسويسرا.

أما الخبير الاقتصادي والأكاديمي عبد الرحمن المشهداني، فأنه يقول: كل الاجراءات الحكومية المتعلقة بمكافحة الفساد لم تحقق نجاحاً حقيقياً، واغلب “ما جرى في السابق هو وعود ليس إلا”.

ويضيف المشهداني: “اتوقع أن الرشوة زادت خلال الايام او الاشهر الماضية خاصة في دوائر الضريبة والطابو والكمارك والمنافذ الحدودية”، مشيراً الى أن الفساد لا يقتصر على دفعة الرشى المالية، فاغراق الاسواق بالسلع المستوردة هو فساد من نوع آخر.

ويؤكد أن ما يحتاجه العراق هو “جهاز اداري وقضائي فاعل في محاربة الفساد فضلاً عن الارادة السياسية”.

ودعا الى “ضرورة اجبار المحكوم بارجاع كامل المبالغ التي قام باختلاسها واعتبار جرائم الفساد والرشوة جرائم مخلة بالشرف وعدم شمولها بالعفو”.

وعلى صعيد متصل، عبر السفير الهولندي لدى بغداد ميشيل رينتينار، عن “صدمته” من حجم الفساد في العراق، فيما انتقد البيروقراطية الإدارية لتعطيلها الاستثمار من خلال معاملات لا نهاية لها.

وقال رينتينار، خلال ندوة حوارية، استضافها مركز الرافدين للحوار، بمحافظة النجف، تابعتها (المدى)، “أنا دائماً أحث الشركات الهولندية والمستثمرين للعمل بالعراق، حيث أقوم بتشجيعهم على إقامة مشاريع مهمة، لكن عند مجيئهم هنا يواجهون صعوبات ومشاكل كبيرة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here