“لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم”

“لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم”

عندما خلق الله الكون وخلق الانسان جعله خليفة في الارض وامره بعبادته وحرم عليه الظلم. ان لله الاسماء الحسنى فهو الخالق الباريء المصور الجبار القهار شديد العقاب المتكبر العزيز ذو الجبروت المذل المعز لا يسأل عما يفعل وهم يسالون من ملائكة وانس وجن. هذا الخالق الحكيم الرحمان الرحيم الكريم الوهاب المقسط العدل العفو التواب الغفور.
لكن رحمة الله سبقت عذابه ومع انه نفسه يمتلك صفات لا يمتلكها احد غيره فقد حرم الظلم على نفسه وحرمه بين عباده. ففي حديث قدسي يقول مطلعه ياعبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا. ان الظلم من الكبائر بديل تحريمها عليه جلت قدرته لذلك فقد انذر الظلمة بالعذاب العاجل في الدنيا والعذاب الابدي الاليم في الاخرة. لعل اهم امر شرير مقته الله الظلم ويعتبر صنوان للشرك لان الشرك ظلم عظيم حسب ما قاله القران الكريم على لسان لقمان وهو يعض ولده “يابني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم”.
ان الانسان يظلم نفسه ظلما كبيرا عندما يشرك او يتخلى عن من خالقه الذي احسن صوره وشق سمعه وبصره. بل اكرمه وسخر له ما في الوجود من طبيعة كالارض وما يتواجد عليها والبحار وما يسبح فيها والسماء وما يطير اليها. كل ذلك لمصلحة الانسان وقضاء احتياجاته من المأكل والملبس والمشرب والنقل وغير ذلك.
ان شكر هذه النعم العظيمة تحتم على الانسان من ناحية المبدا ان يعبد الله حق عبادته ولا يشرك به شيئا وبالتالي لا يظلم اخيه الانسان. لكن وجود عامل الخير والشر لدى الانسان جعل من العدل الالهي ان يمهله الله رغم ظلمه. لكن الله غالبا ما يعجل بعقوبة الظالم المفسد في الارض في الدنيا قبل العذاب الاليم في الاخرة. ان شرور الظلم تعود بالخسران على صاحبه او اصحابه وعلى المظلومين لكنها لن تضر الله شيئا. فالعباد جمعيا لا يستطيعوا ان يضروا او ينفعوا الله لانه غني عن كل شيء فهو قيوم السماوات والارض وبيده مقاليد كل شيء.
اما ظلم الانسان لاخيه الانسان فهو الهدف المهم الذي انزلت جميع الشرائع السماوية ولا سيما الاسلام لمعالجته بعد الشرك بالله. لان من ظلم نفسه بالشرك بالله لا يتورع من ظلم الناس. لقد هدد القران الكريم في الكثير من اياته الظالمين وانذرهم بالعذاب المهين يوم القيامة. “وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون”. “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”. “فويل للذين ظلموا من مشهد يوم عظيم”. كما حذر رسول الله الظالمين قائلا في حديث صحيح ان دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
كما يجب على المظلومين ان لا يرتكنواً الى الظالمين ويخافوا منهم. عليهم ان لا يسلموا رقابهم بحجة الخوف او الضعف او الجبن. فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض في الاسلام. وخير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر كما يقول رسول الله. ينبغي عدم القنوط من رحمة الله فهؤلاء الظلمة لن يستطيعواً الاستمرار في ظلمهم طالما استمر المظلومين يجاهدونهم دون هوادة. ان ديمومة حكمهم مرتبطة ايضا بفتاوى الكثير من علماء السوء المنافقين الذين يدعون الاسلام. اولئك الذين اشتروا بايات الله ثمنا قليلا وحرفوا كتاب الله وسنة رسوله. لقد تحولوا الى ابواق لتسويق سلطان الحكام الظلمة المنحرفين. هؤلاء الحكام العرب المسلمين اتخذوا اقرانهم الظلمة الاجانب من اليهود والنصارى والبوذيين والعلمانيين اولياء من دون الله ورسوله.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here