آراء متضاربة بشأن زيادة أعداد بعثة الناتو: سماء العراق مفتوحة أمام الطائرات

بغداد/ تميم الحسن

في توقيت قد يكون الافضل لبعض القوى السياسية التي تستعد لخوض الانتخابات التشريعية، يعود جدل القوات الاجنبية في العراق، بعد اعلان حلف شمال الاطلسي (الناتو) زيادة عدد عناصره في البلاد.

وكانت فورة اعتراض الكتل الشيعية على تواجد القوات الغربية قد جرت بعد ايام من مقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس والجنرال الايراني قاسم سليماني، بغارة اميركية قرب مطار بغداد بداية العام الماضي.

واعلن البرلمان حينها قراراً – واجهته تفسيرات قانونية متعددة- بالزام الحكومة العراقية باخراج القوات الامريكية من البلاد، فيما زادت مايعرف بـ”خلايا الكاتيوشا” من الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء ومطار بغداد.

واستخدمت ورقة اخراج القوات الاجنبية من العراق، بحسب بعض السياسيين، من بعض القوى السياسية لترميم صورتها التي اهتزت في اعقاب تظاهرات تشرين، ومحاولة حرف الانظار تجاه قضايا اخرى، بينما يصرح الجميع بان القوات العراقية مازالت بحاجة الى الدعم.

ولنفس الاسباب، يقول نائب في البرلمان ان “موجة جديدة من التصريحات المنفعلة والمزايدات ستنطلق هذه الايام بعد اعلان حلف الناتو زيادة قواته في البلاد”، مبينا ان “تلك التصريحات ستستخدم للدعاية الانتخابية المبكرة”.

وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الخميس الماضي، أن الناتو سيوسع مهمته في العراق إلى ثمانية أضعاف حجمها الحالي.

وقال ستولتنبرغ، بعد اجتماع مع وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف، وهو الأول منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الحكم: “قررنا اليوم توسيع مهمة الناتو التدريبية في العراق. ستزيد مهمتنا من 500 فرد إلى حوالي 4000 فرد، وستشمل أنشطة التدريب الآن المزيد من المؤسسات الأمنية العراقية ومناطق خارج بغداد”.

وأوضح أمين حلف الناتو أن “وجودنا يعتمد على الظروف، والزيادات في أعداد القوات ستكون تدريجية”.

ومضى ستولتنبرغ شارحا أن التوسع جاء بناء على طلب من الحكومة العراقية وسيتم تنفيذه مع “الاحترام الكامل لسيادة العراق وسلامة أراضيه”.

وأضاف ستولتنبرغ: “لقد تحدثت مع رئيس الوزراء الكاظمي هذا الأسبوع، وأكدت له أن كل شيء سيتم بالتشاور الكامل مع السلطات العراقية”.

بعد هجوم أربيل

وجاء الاعلان عن الزيادة ــ بعد يوم واحد من تبني جماعات تطلق على نفسها “مقاومة” ــ هجمات صاروخية على اربيل، تسببت بمقتل واصابة جنود امريكان ومن التحالف الدولي، فيما اعلنت واشنطن عن “غضبها” لتلك الهجمات.

ويضيف النائب التابع لاحد القوى الشيعية في اتصال مع (المدى): “الجميع يعرف ان القوات بحاجة الى الدعم في عدة مجالات، وان البلد بسبب النقص في المعدات صار مستباحا للطائرات المجهولة”.

وقال الرئيس الاميركي، جو بايدن، الجمعة الماضية، إن حلف شمال الاطلسي تولى مهمة تدريب ‏القوات العراقية، وأي هجوم عليه يعد استهدافا لواشنطن.‏

وأضاف بايدن خلال كلمة له: “لن نسمح لداعش بالتوسع من جديد وتهديد الولايات المتحدة”.‏ وتابع، أن “الشركاء الأوروبيون تصدوا لداعش، والناتو تبنى مهمة التدريب في العراق”.‏

ومضى في حديثه “أبعث برسالة واضحة للعالم أن الولايات المتحدة عادت والتحالف عبر الأطلسي ‏سيعود”.‏

من جهته أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في مؤتمر صحفي، في اليوم نفسه أن توسيع ‏مهمة حلف الناتو بالعراق كانت بناء على طلب الحكومة العراقية.‏

وكان مستشار الأمن القومي قاسم الاعرجي، قد أكد الجمعة الماضية، ان حلف الناتو يعمل ‏بموافقة الحكومة العراقية وبالتنسيق معها، مشيرا إلى ان مهمته استشارية ولا يوجد اتفاق عن ‏اعداد المدربين.‏

وقال الاعرجي، في تغريدة على (تويتر) ان “حلف الناتو يعمل مع العراق وبموافقة الحكومة ‏العراقية وبالتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية”.‏

وأضاف: “نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن ‏والاستقرار ولا اتفاق على اعداد المدربين”.‏

الحكومة السابقة

وكانت حكومة عادل عبد المهدي السابقة قد اعلنت مطلع عام 2020 بانها تنوي رفع قوات حلف الناتو كبديل عن القوات الامريكية في العراق.

ونقلت آنذاك وسائل اعلام غربية عن مسؤولين في الناتو، أنّ رئيس الوزراء عادل عبد المهدي طلب صياغة بعض الخيارات. وتم تقديم تلك الخيارات مباشرةً إلى رئيس الوزراء.

وتضمنت الخيارات تشكيل ائتلاف لا تقوده الولايات المتحدة، أو تفويضاً معدلاً يحدد نشاطات التحالف أو دوراً موسعاً لمهام منفصلة للناتو في العراق. وتشكّلت بعثة الناتو بقيادة كندا في العام 2018، وتضم نحو 500 جندي يتولون تدريب القوات العراقية.

لكنّ التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014، لديه نحو 8000 جندي في العراق، غالبيتهم أميركيون.

وذكر الناطق العسكري للحكومة العراقية حينها عبد الكريم خلف أنّ “التوجه لدور أكبر لحلف الاطلسي كان أحد الخيارات المتعددة التي تجري مناقشتها”.

التقديرات على الأرض

وكان عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية عن منظمة بدر، مهدي تقي قد حذر في وقت سابق، من تفاقم التوتر في العراق “نتيجة الزيادة المفترضة في قوات الناتو”.

واكد في تصريحات أن “العراق لا يحتاج لوجود قوات اجنبية على أراضيه لأنه يمتلك قوات أمنية وجيش وحشد شعبي قادرة على ضبط الأمن والاستقرار وردع الإرهاب”.

ويصل ملاك وزارتي الداخلية والدفاع الى نحو مليوني عنصر، الى جانب اكثر من 150 الف عنصر داخل منظومة الحشد الشعبي. لكن النائب في احد القوى الشيعية يؤكد ان “هناك نقصا كاملا في سلاح الجو، وطيران الجيش، والمواد الاحتياطية للطائرات، فضلا عن نقص في الرادارات وهو ما يسمح للطائرات المسيرة الدخول بحرية الى الاجواء العراقية وقصف بعض الاماكن”. وكان نحو 20 مقرا تابعا للحشد الشعبي قد تعرض لهجمات من طائرات مجهولة بين عامي 2018 و2019. بدوره يقول عبد الخالق العزاوي، عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى) ان “سبب رفض بعض القوى السياسية زيادة قوات الناتو هو دخول قوات اجنبية جديدة الى البلاد على خلاف قرار البرلمان السابق الذي طلب انهاء وجودها”.

ويرى العزاوي ان “وجود حلف شمال الاطلسي وزيادة اعداده على الرغم من معارضة بعض الجهات الا انه يصب في مصلحة البلاد وزيادة امكانيات القوات العراقية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here