إعتلى المنصة..

إعتلى المنصة..
كمن يسابق القَمل الذي يخرج من شعر رأسه ليصل الى ما شرعوا رواد حاويات القاذورات أن يصنعوا له منها منصة من بقاية قطع كرتون ومقوى وغيرها من تلك الأصناف التي ما ان يتم إستفراغها حتى يكون مصيرها حاويات الطرقات المليئة بالكثير من قصص وأحاديث من خلفها… كان التجمهر الذي حضر لا يعي ماهو سبب التجمع؟ فقط إبلغوا ان صاحبهم الأجل سيطلق العنان لبقية عناوين جديدة ستحاط بهالة من قاذورات مستوردة لذا وجب الوقوف على رؤوس أزقة وشوارع وبيوتات والعمل على لملمة قاذوراتهم بغرض إعادة تأهيلها، ثم زجها الى سكان هذه المدينة وبقية المدن، فالعالم الذي يتحرك كراقصة بخسة الثمن لا يفرق بين من تهز وسطها لهوا أو لتبيع جسدها، أو إنها تسوق لمشاريع مستقبلية بغية الفساد والاستثمار المستقبلي .. فالدعارة فن لا يتقنة سوى من ألفه وأصبح ينتشي الأماكن الفارهة بعنوان قواد من الدرجة الأولى، ففي عالمنا الممتد هذا نرى أن العاهرة والدعارة هي التجارة التي لا تنفذ ولا تتأثر بل تزداد وتتكاثر مثل مرتاديها كالجرذان والذباب وعندما نصنع من عاهرة المجون أيقونة نتداولها لاشك أننا نشارك ديوثي مروجي صناعتها….
رائحة المكان ليست بعيدة عن مناهيل ومجارير أُناس ركبوا دفة السلطة فراحوا يسبحون بجلود غير جلودهم في دهاليز آسنة… نظرة عابرة من فوق منصة أدرك أنه أمام رعاع من البشر يؤمنون بالقدر والتقية بغية إنتظار الفرج فقال: إننا بشر لم يأسف التأريخ عندما ساقهم كرعاع وبعد أن فرقهم خصيهم ثم سلط عليهم من يسفك دمائهم وهم يمدحون يد الجلاد، والأغرب!!! أنهم يساقون للموت ببهتان وفتنة حتى باتوا يتمسحون بظل حائط السلطة يلطخون جدران خلاءه بما يرونه دافعا للشر في كسب الحظوة وقضاء حاجة… لاح له وجوه وافدة غير أنه من النوع الذي يجيد حبكة المفردات يعيد صياغة المألوف الخارج عن آذان أعتادت الصمت بعنوان إسمع وإخرس، إن إنحطاط هؤلاء البشر جاء عبر أزمان دخلت في بعضها البعض، خرقت الطبيعة والناموس بعد ان تسيدوا عالما فاق سيرة الأولين والآخرين، إلا أن خذلانهم والخوف من القضاء والقدر استمال رحل بعيرهم فأُبرِك ثم نُحِرَ أمامهم، فأطار صوابهم كما قوم صالح حاولوا ضرب القرين الميت بقطعة من البعير ليعود للحياة كي يصحو ويقول لهم حقيقة الأمر، فهاجت بهم رهبة الخوف من البعث أذعنوا لأن يكونوا عبيدا الى الأبد بعد أن قال لهم من ساقهم: أن إنتظار المخلص هو المجدي في عالمكم الذي تؤمنون لعل هروبكم ونزع جلدكم وسبي الخطايا جعلها محظيات لكم سيوردكم لاشك ما تحبون وما تكرهون ,اظن هذا سيكسبكم دعامة ما دمتم تؤمنون بالشفاعة الآخروية او حتى الدنيوية فجدران التعبد رياء وحائط المبكى آثاره لا زالت باقية وانحطاط النفس ما زال فاعلا، أما الدين ومتغيرات الالسن وأعوجاج المعارف وإلتواء الخطوط في كسو الحقيقة باسمال بالية لا يجعلها غير واضحة، لكنه بالتأكيد سيغطي وجهها خوفا من خوارق الزمن… إن طبيعة البشر أنها تلقي اللوم على الغير ثم تدور.. وتدور كالثور بعدها ترمي بما حصل ونُدب عليه الى القضاء ولقدر.. صدقوني يا أمة عفت أن تكون إلا حثالة وتوابع، إن من يرأف بكم يعطيكم الحبل على الغارب فيسعدكم الأمر فتتمادون حتى تشنوا على الله الكفر والبهتان تتعاملون معه على أن القضاء والقدر هما صناعة معادة وتنسون أنكم لا عقل لكم ولا أدمغة تبيحون لماء أدمغتكم بأن تهتز ثم تقومون بملئها بفساد النفس التي تأمركم يا لكم من ملة!!؟ إني ركبت هذه المنصة لأني أعلم جيدا أي نوع من البشر أنتم، تبحثون عن ما بعد المنصة والحديث تبحثون عن الثواب لتطعموا بطون أنتم جعلتموها فارغة جائعة كعقولكم بخيبتكم وخنوعكم وإرضاء نفوسكم بالإنكسار والشعور بالذنب… مع علمكم أنكم تقترفون الذنوب والمعاصي والسيئات دون حساب… لكنكم تعولون على من يتحملها ويدرءها عنكم بحجة المظلومية والمحرومية…. إنكم من أصفاق البشر خيركم واش وأتفهكم بائع متسول، لقد تدربتم على النفاق والتلون صرتم تورثون ذلك حرفة ومنهاجا، لا أستحي إن قلت إن البشر منكم تربى على أن يكون جبانا خوارا أمام أي قوى وإن تأزمت لجأ الى الهروب، بعدها جلس يدعو الى ظهور المخلص ما لكم كيف تعقلون؟؟ أقول لكم هذا بعد أن وجدت نفسي معكم ليس بأحسنكم أو افضل منكم، لكن باحت لي أن الحياة ليست أزقة ضيقة وحاويات نفايات وأن هناك عالم آخر علينا ان نخرج من سم الخياط كي نغير فيه ونعمر لقد عمل نوح سنين طوال على بناء سفينته لينتقي من الحيوانات زوجين أثنين وهي افضل منكم.. أما موسى فقد ذهب الى العبد الصالح طالبا أن يعلمه ما لم يعلم وما لم يستطيع عليه صبرا… نفذت خيارات الأنبياء والصالحين.. نفذت جعبتهم بما يريد الله للبشرية ان تكون غير أن ابناء الشيطان راموا طريقا عكس غاية إلهية فتسارعتم إليه بغية أن الدنيا فانية والحساب بعيد رغم عسرته.. أعتمدتم أن هناك رحمة سمى بها الله نفسه وهناك شفعاء وهناك من يأخذون برقابهم مأساتكم كونهم علماء منكم… فتهتم الف وأكثر من القرون ولا زلتم تصرون على أنكم خير أمة أخرجت للناس.. اقول لكم هذا عل هناك من ينصت الى العقل ويستفرغ معاناته أداة تغيير وطلب الى الحرية والإيمان بقدرته هو على أن يقضي ما خُلق من أجله أن يكون وارثا حقيقيا للخالق فيعيد ويصنع ويُعمر… صرنا كالحمير بل أشد سحقا، ليس عيبا عندما تكتشف انك حمار بإمتياز لوهلة، العيب أن تصدق أنك حمار فعلا فتنهق لتثبت ذلك ولعل الأدهى أن من سخرية القدر أننا نرى أنفسنا نقاد كالنعاج ونحن فرحون نهز رؤسسنا لنحرك الجرس الذي في رقبتنا ولعا.
القاص والكاتب
عبد الجبار الحمدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here