مسؤولون: قصف السفارة محاولة لابتزاز بغداد وواشنطن

بغداد/ ا ف ب

تحمل الهجمات الصاروخية المتجددة ضد منشآت أميركية في العراق، مؤشرا على تصعيد من جانب الفصائل المسلحة ضذ حكومة بغداد، على خلفية نفاد صبر طهران تجاه الإدارة الاميركية الجديدة، وفق محللين ومسؤولين.

وسجلت ثلاث هجمات بالقذائف الصاروخية على مصالح غربية في العراق خلال أسبوع بعد هدوء استمر أربعة أشهر.

وقال مسؤول عسكري أميركي كبير في العراق لوكالة (فرانس برس) الثلاثاء، غداة إطلاق قذائف صاروخية باتجاه السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء في بغداد “يبدو أننا عدنا الى أحداث العام الماضي”.

واستهدفت السبت قاعدة بلد شمال بغداد، بهجوم صاروخي أدى إلى إصابة متعاقد عراقي في شركة أميركية مكلفة بصيانة طائرات اف-16 التي حصل عليها العراق من الولايات المتحدة، وفق ما أفادت مصادر أمنية. وسبق ذلك هجوم مماثل استهدف الأسبوع الماضي قاعدة جوية في كردستان العراق في شمالي البلاد، تأوي جنودا أميركيين، ما تسبّب بمقتل مدني عراقي ومتعاقد مدني أجنبي وجرح آخرين بينهم عسكري أميركي.

وقال المسؤول الأميركي لفرانس برس إن الحوادث الاخيرة تشبه الهجمات التي وقعت العام الماضي، واستخدمت فيها عشرات الصواريخ من طراز 107 ملم التي تطلق من مركبات صغيرة.

لكن الملفت للنظر الآن أن المجموعات المتهمة بتنفيذ هذه الهجمات كانت أول الجهات المستنكرة لها، لكن المصادر الأمنية لا تبدو مقتنعة بهذا التنديد.

وقال المسؤول الأميركي “المؤشرات تدلّ على أن الهجمات تعتمد الأسلوب السابق”، مضيفا “المعلومات الاستخباراتية تقول بأن هناك المزيد في المستقبل”.ويرى محللون وخبراء أن استئناف الهجمات ضد المصالح الأميركية في العراق مرتبط بعوامل محلية ودولية.

على المستوى المحلي، تتحدى الفصائل المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي كان وعد بضبط هذه الفصائل، وفق ما تقول أنيسة البصيري من المعهد الملكي لخدمات الأمن والدفاع.

وتوضح لفرانس برس “يريدون أن يذكروا الجميع بأنهم موجودون وأن يظهروا لرئيس الوزراء بأنهم يملكون حرية التحرك متى شاؤوا”.

وتسعى هذه الفصائل التي لها ممثلون في البرلمان، الى إبراز عضلاتها مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يجري التحضير لها في تشرين الأول.

وتضيف البصيري “الانتخابات المقبلة تلعب دورا مفصليا. وهذه المجموعات تستعدّ لها”.

وتشير الى أن الصواريخ قد تحمل أيضًا رسالة من طهران إلى واشنطن حيث تسعى إدارة الرئيس جو بايدن الى إحياء الاتفاق النووي الذي نقض في عهد الرئيس دونالد ترامب في 2018.

وبينما تطالب واشنطن بالعودة الى المفاوضات في شأن الاتفاق الذي تلى انسحاب واشنطن منه، فرض عقوبات أميركية على الجمهورية الإسلامية، تريد طهران رفع العقوبات قبل اي تفاوض جديد.

وحذّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي الاثنين بأن بلاده ستخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3,67 في المئة الذي قبلت به إيران بموجب اتفاق 2015.

وتقول البصيري “الهجمات المتجددة قد تكون محاولة من المقربين من إيران لزيادة نفوذ حليفتهم في ضوء المحادثات التي تلوح في الأفق مع الولايات المتحدة”.

وقد تكون لدى إيران أسباب مالية للضغط على بغداد بشكل مباشر، وفق مسؤولين محليين وغربيين.

فمع تقلص اقتصادها وتداعيات العقوبات، تحتاج طهران الى الوصول الى حسابها في بنك التجارة العراقي المملوك للدولة حيث كانت الحكومة العراقية تدفع لها ثمن الغاز الإيراني المستورد. لكن مسؤولين عراقيين قالوا إنهم يخشون دفع ديون مستحقة لطهران بقيمة حوالى ملياري دولار خشية أن يثير ذلك غضب الولايات المتحدة.

وأثيرت القضية في أواخر كانون الثاني، عندما سافر وفد يضم وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ورئيس ديوان رئيس الوزراء رائد جوحي إلى طهران.

وبحسب مسؤول عراقي كبير مطلع على الرحلة، حمل جوحي رسالة من الكاظمي تطلب من طهران كبح جماح الجماعات المسلحة في العراق بعد هجمات صاروخية شملت السفارة الأميركية.

والتقيا إسماعيل قاآني الذي خلف قاسم سليماني في قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري بعد مقتل الأخير في غارة أميركية بطائرة مسيّرة العام الماضي.

وصرح المسؤول لوكالة فرانس برس أن “قاآني أبلغهما أن ايران لن تتمكن من السيطرة على نشاطات الجماعات المسلحة في العراق ما لم تحصل على أموال من حساب المصرف العراقي للتجارة”.

وأكد مسؤول عراقي ثان ودبلوماسي غربي أن المناقشات خلصت إلى ارتباط قضايا حساب مصرف التجارة العراقي بالهجمات الصاروخية. قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس الاثنين إن الولايات المتحدة “ستحمّل إيران المسؤولية عن تصرفات وكلائها الذين يهاجمون الأميركيين”، لكنها لن تخاطر بزعزعة استقرار العراق.

وأضاف “قدمنا خيارات (للرد)، بما في ذلك الضرب داخل وخارج العراق، لكننا لم نتسلم أي أوامر جديدة من الإدارة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here