السلطة ووجع الإنسان!!
السلطة عاهة مزمنة مستوطنة بالأنظمة السياسية لدول المنطقة وخصوصا دولنا العربية , التي تفاقمت فيها هذه العاهة وتطورت وتحولت إلى طاعون يردي البلاد والعباد.
كنت أتابع مقابلة مع أحد القادة العرب السابقين , وجوهر ما قاله يتمحور حول السلطة , أي التمكن من الحكم , فالصراعات والدمارات وسفك الدماء والإغتيالات خلاصتها التفرد بالسلط من قبل هذه الفئة أو تلك , ولا يعنيها الوطن والمواطن لا من بعيد ولا من قريب.
المهم كرسي الحكم , وليحترق الوطن على مَن فيه.
وما ذكره يلخص متواليات المآسي العاصفة في ديارنا منذ تأسيس دولنا وحتى اليوم.
دول بلا سيادة وعليها أن تتبع وتقبع , لكنها تأتي بأنظمة حكم تحسب أنها تحكم دولا ذات سيادة وإستقلالية وقدرة حضارية معاصرة , وما هي إلا أوهام وهذيانات وأكاذيب للتمسك بالكراسي وتأكيد قدرات الإستحواذ على مقدرات الوطن.
فأنظمة الحكم تمارس ذات السلوك بآليات تتعدد لكن هدفها واحد ولا فرق بينها , فالوطن منهوك والمواطن مستعبَد مقهور , والعناء سائد والحرمان من أبسط الحاجات قائد , وما يعرقل حياة المواطنين يكون وسيلة للحكم , ومنهاجا تمضي عليه الأحزاب والفئات والأفراد والعوائل , لتأمين إستحواذها على خيرات البلاد , وإحتكار المنافع والإمتيازات , ودفع الناس للتلهي بالحرمان , وإستلطاف الفقر والعناء , ولأبواق الكراسي المؤدينة دورها الكبير في ترسيخ هذه العاهة لأنها تدر عليها منافع وغنائم ومكرمات.
وفي بلدٍ كالعراق الذي فيه ما يكفي المواطنين ويزيد من الثروات والفرص والتطلعات , تواجدت أنظمة حكم لا تعترف بالوطن والمواطنين , وأكثرها عقائدية ذات تصورات وهمية تمسكت بها فقضت على ذاتها وموضوعها , فصار الوطن بلا كيان ولا ملامح , وأضحت التبعية هي العنوان , والمذهبية قانون لتدمير الإنسان وإلغاء البنيان.
فالساعون إلى حكم البلاد يتنمرون على العباد , وتطفح أنانيتهم وتضيق آفاق رؤاهم , فقبل الحكم كانوا ينادون بحقوق الشعب وبعد تسنمهم للحكم صار همهم رغباتهم وما يستحوذون عليه , فيتحقق أشرس صراع حول الأطماع السلطوية ذات القيمة المادية الخيالية , وبهذه الآليات التفاعلية تندحر البلدان وتتيه في مدارات الويلات والتداعيات الحافة بها من جميع الأركان , ويكون القتل هو الدليل والبرهان.
ولن تكون الشعوب التي تفترسها عاهة السلطة , ويتمكن من وعيها الكرسي السافر الطغيان , بغير دستور وطني يحترم قيمة الإنسان!!
د-صادق السامرائي
5\9\2019
Read our Privacy Policy by clicking here