سؤالٌ لايُحارُ جوابُه

* سؤالٌ لايُحارُ جوابُه *
………………………………………….

ليس مخفيّاً على أحد، أصلُ وفصل صدام حسين المُريبَين قبل أن يُصبحَ مسؤولاً في قمّة هرم حزب البعث المقبور، وبعدها رئيسَ دولة، فالكلّ يعرف تاريخَه الشخصي المُخزي وتأريخَ عائلته ووالدته المشهورة الشبيهة بصاحبات الرايات الحُمر، ثم إنّ الجميعَ يشهدون على جرائم القتل التي قام بها ضدّ العراقيين والتي شملت أقربَ المُقرّبين إليه في الحزب والدولة وحتّى عائلته بحيث قتلَ ابنَ خالِهِ وصهرَيه والعديد من أبناء عمومته

هذا على المستوى الخاص به، أمّا على المستوى العام فمَن لايعرف عن حروبه الخاسرة التي اعتدى بها على دول الجوار لينتهي الأمر بالاستسلام وضياع حقوق العراق وخسارة مليون قتيل وجريح وتحطيم البنى التحتيه للبلد، ناهيك عن المقابر الجماعية التي خلّفها واكتشفها بعد سقوطهِ المُدوّي، ذوو الضحايا الأبرياء؟ في مسلسلٍ إجراميٍّ طوالَ سِنّي حُكمه بحيث ضرب الشعب بالسلاح الكيمياوي وأمرَ بتسفير العراقيين بحجج واهية من قُبيل التبعيّة! كما أشرفَ على تصفية أكابر القوم الشرفاء وارتكب جرائم شنيعة كثيرة لاتعد ولاتحصى أقلّها ضرْب مُدنِ الإنتفاضة بمدافع الدبّابات ، وقتل خيرة أبناء المناطق الغربية الشرفاء ،

ولكنّ الأمر الذى حيّرني كما حيّر الملايينَ غيري منذ سنين وإلى هذه الأيّام، هو الدفاع الغريب عن صدام حسين مرتكب كلّ هذه الشنائع وكلّ هذا المسلسل من الجرائم! وممّن؟ الذي يبعث على المرارة أنّ الدفاعَ يأتي من قبل ذوي ضحاياه! والأمثلة كثيرة حول ذلك، فالأعداد لاتُحصى من الناس ومن أبناء المناطق الغربية قبل الجنوبية قد تم أعدام أبنائهم من قبل صدام حسين نفسه، لكن تجدهم يمجّدون به ويترحّمون عليه!!

إنّ أكثرَ شريحة تم التنكيل بها هم شريحة المثقفين في العراق بحيث تعرّضَوا للقتل والتنكيل والتهميش ، في زمن صدام حسين ، ولكنّ العجيب في الأمر أنّني أرى البعض منهم يترحّمون على صدام ويمجدون به خصوصاً أولاد المعدومين، وكذلك البعض من قادة الجيش العراقي السابق الذين أهانهم واذلّهم وحطّم كبرياءَهم من خلال تنصيب أشخاص أمّيين عليهم، ومع ذلك يترحّمون عليه!

وهنا يجب أن نبحثَ عن الأسباب التي جعلت ضحايا صدام حسين يترحّمون عليه، ربما ينبري لي أحدُهم ليقول إنّ الذين حكموا العراقَ بعد الطاغية الذليل صدام حسين هم سبب ذلك ! فهذا التبرير غير مقبول إطلاقاً، لأننا لايمكن أن نقبل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة أو أن نقبل بمعالجة الخطأ بالخطأ ونترحّم على من كان السبب في وصول البلاد إلى هذه الهاوية التي تحياها والذين حكموا بعده هم النتيجة ، هذا من جانب، أمّا الجانب الذي يجعلني أقرب إلى فهمِ أحد الأسباب هي العقلية الطائفية المنحرفة التي تربّى عليها هؤلاء الذين يعتقدون بأنهم هم أهل العراق ودونهم العبيد، والسبب الآخر وهو الأهمّ في رأيي أنّ هؤلاء تجمعهم الرذيلة والنقص في الدين والأصل ممّا يحدو بي للوصول إلى نتيجة مفادها أنّ مَن يترحّم على أيّ مجرم فهو شريكه في إجرامه، فكيف بأمثال هؤلاء وقد عاشوا فترة الرعب والخوف والجوع إبّان حكم الطاغية الذليل صدام بينما هم اليوم يترحّمون على أيامه التي يسمّونها من خلال عطلٍ فكريٍّ بـ (الزمن الجميل)؟ لذلك نقول إنّ شبيه الشيء منجذبٌ إليه، فمَن يترحّم على صدام حسين فحتماً يعاني من (لكعة) في وطنيته لأنّ الذي يترحّم على ابن الحرام لابدّ وأن يكون قرينه….

جابر شلال الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here