الجوهر في الصفات الانسانية

الجوهر في الصفات الانسانية

يشهد عالمنا اليوم انعداما في المساواة أكثر من أي وقت مضى وذلك لضعف القيم الانسانية كمعاملة وسلوك و يقصد منها ممارسة الوعي الإنساني في التعامل بين الإنسانيين وفي معاملتهم لجميع احتمالات الإنسان على أساس التماثل الجوهري بين جميع البشر ، باعتبار أن كل إنسان هو النموذج الآخر لكل إنسان آخر ، ومعاملته بالحب الإنساني وبالمساواة الإنسانية وباحترام الكرامة والحقوق لكل إنسان اخر،كثيرون هم من يدعون الإنسانية ،لكن للأسف ، قليل من يعطي ويبخل في العطاء. وكثير من يأخذ ولايشبع وهناك الكثير من مَن يعتقد أن العطاء يقتصر على العطاء المادي فقط ،لا ابداً انما العطاء في الانساني تعني كل شيئ ينتفع منه وفيه بصمة خير لإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب، وبصمة سلام في التعافي من الأزمات والكوارث وضحايا العنف والحروب، وبصمة أمل في التنمية والخدمات الإنسانية، وتأهيل المجتمع بشكل يبعده عن الجوع والتخلف والفقر والمرض في ظل السلوك الإنساني و يعني كذلك النشاط الذي يمارسه الإنسان في استجابته للمواقف والأحداث، سواء كان سلوكا حركيا، أو لفظيا، أو سيكولوجيا، أو معرفيا، أو غير ذلك من أنواع السلوك، الذي هو سلوك غائي، يكف الإنسان عن ممارسته متى تحققت الغاية التي يريد الوصول إليها من وراء قيامه بهذا السلوك أو ذاك ، وبالطبع لا يمكن ان يستدام فقدان الانسانية لمكانته لفترة طويلة لان انعدامه يهدد وجوده اولاً و يحد من نمو المجتمع اقتصادياً وفكرياً وجهود القضاء على الفقرو يعطل التقدم في التعليم والصحة للسكان، وبهذا يقوض القدرات البشرية ذاتها لتحقيق الحياة ّ الكريمة، وهو كذلك يحد من الفرص ومن إتاحة الموارد المعيشية والاجتماعية والسياسية، و يؤدي الى انعدام المساواة مما يسبب الصراعات والازمات و تهدد الامن واستقرار المجتمع.

يدخل في مفهوم الإنسانية العديد من الاعتبارات الفلسفية؛ وكلمة “الإنسان” تعني الكائن البشري الذي هو ليس بحيوان اجلكم الله واعزكم. انما هو اسم جنس لكائن لديه القدرة على التفكير، والكلام والاستدلال بالعقل، وتُطلق كلمة إنسان على الأكثر تطوّراً من النّاحية العقلية والناحية العاطفية وبصيغة المفرد على الاحوط ،ويدل على التسميات القائمة على وصف الكائن البشري أو الجنس البشري ،أي أن كلمة إنسان هي نقيض الحيوان من حيث المواصفات التي تميّز الإنسان عن الحيوان . ولكن كلمة الإنسان لا تدلّ على أيّ إنسان محدّد ، و هي مفهوم لغوي عام لا وجود له إلاّ في القاموس،و التي يقصد بها الخصائص المشتركة بين أفراد النوع البشري التي تميّزهم عن الحيوانات . بينما البعض من أفراد النوع البشري يختلفون عن بعضهم اختلافات جوهرية حادّة تجعل الفرق بينهم أكثر حدة وعمقاً من الفرق بين البشر والحيوان كما نشاهد ذلك عند المجموعات الارهابية المتوحشة وعصابات الاجرام التي تقتل دون وجود اي نزعة انسانية عندهم،

الجوهر الإنساني في كل إنسان هو النواة الرئيسية التي تحتوي على الإستعدادات النوعية الوراثية المكوّنة للشخصية الإنسانية وما تكتسبه من قدرات ومؤهلات وإمكانيات للتعامل الإنساني مع الآخرين، الإنسانية التي تعني المواصفات الإيجابية ضمن نطاق التصرفات العفوية والسلوك الإيجابيفي اطارالعلاقات والمواقف العائلية والاجتماعية او التعاملات العامة التي تفتضيها المصالح المشتركة.

رغم اختلاف جميع المعاني لكلمة الإنسانية ولكن المقصود بمعنى الجوهر الإنساني الذي هو فيه مقومات تشكل الاستعدادات الوراثية النوعية للبشر في كل إنسان ،الإنسانية بشكلٍ مُجرَّد تدلّ على نوع الإنسان واختلافه عن بقية الكائنات الحية، فما نسمعه من وسائل الإعلام وغيرها من المواقع والكتب والمجلات تَعتبر أنّ الإنسانية هي مجموعة من الجوانب الإيجابية والأخلاقية للإنسان التي تعني المخلوقات البشرية جميعا، وتحمل في نفس الوقت مضمون الإحسان والإيثار عند البعض و التي تعني و توحي الى قوة روحية، ولكن ومع الاسف قد اغتصبها البعض لذلك تم دمجها في مفاهيم معاصرة مثل حقوق الإنسان والتنمية والتدخل الإنساني وأمن البشر.

الانسانية تعني بالمدلول التربوي الجانب المرتبط بالمؤثرات التي تحدد السلوك الإنساني وتضبطه باتجاه معين سواء المحتوي الذاتي للفرد الذي يكون له بطبيعة الحال تأثير على السلوك ، أو العوامل الخارجية التي يهتم بها للفرد ، بحيث يكون لها انعكاس على سلوكه ، و السلوك الإنساني يتأثر بعوامل عديدة و أهمها ،القانون : ونعني بالقانون بالمعني الاعم الذي يشمل الشريعة وغيرها من القوانين الوضعية التي يضعها الإنسان لتحديد السلوك ، ومن الواضح ان هناك مستويات متعددة ومختلفة لتأثير هذا العامل ترتبط بخلفية ومدي فهم الإنسان للقانون ومدي إيمانه بخلفياته ،كافة الديانات تضمنت مفهوم المعنى الانساني بكونه يُعلي من شأن النفس الانسانية ويضعها موضع التكريم اللائق بها ليمكنها من اداء دورها الحقيقي في العمل والعطاء والانتاج الذي يهدف الى تحسين حالة الفرد وتقدمه في المجال المادي والمجال الروحي بكل توازن وعدالة وواقعية ومسؤولية ، علينا ان نفهم بأننا اليوم لازلنا نعيش في بحبوحة من الانسانية والحميمية في ظل واقع لا يزال يحمل عوامل الانسانية ولكن نتحصر على الاجيال القادمة التي سوف تذهب بهم الحياة أكثر اغترابا، وأكثر فردية، وأكثر قسوة في ظل مناخات العولمة وثورة المعلومات المتنامية اذا ما استغلت بشكل غير صحيح .

عبد الخالق الفلاح

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here