التدليس التشريعي لتركيبة المحكمه الاتحاديه بالعراق..؟

بقلم
الدكتور جلال الزبيدي
حقوقي وأستاذ جامعي
كان لفشل احزاب الإسلام السياسي في إدارة نظاَم الدوله بالعراق ولمدة 17 سنه..وتحويل العراق إلى بلد غير قابل للعيش ومقبره للأحياء بشهادة وتقارير الأمم المتحده ومنظمة الشفافية الدولية ولجان حقوق الإنسان العالميه.. تتمادى قوى الطفيليه الدينيه في تعميق وتكريس وجودها واحتكارها للنظام السياسي من خلال القيام بعملية تشريعيه قيصيريه للتحكم في المفاصل القانونيه للمحكمه الدستوريه وتجريدها من صفتها القضائيه وسيادتها الحقوقيه وتحويلها مؤسسه للاقصاء السياسي..
 أن قادة الكتل النيابيه والأحزاب الإسلاميه يعملون بشكل ممنهج على تفجير الألغام المزروعه بالدستور العراقي لسنة2015 وتكييفها لصالح استمرار وجودهم على مقاعد البرلمان في الانتخابات المبكره المزعومه؟ فلا يخفى على أحد أن هيئة إعداد الدستور  العراقي والتي تشكلت في أغلبها من قادة الأحزاب السياسيه ومن رجال الدين ووكلاء للدول الأجنبيه مع قله من القانونيين من حملة شهادة الدكتوراه بالقانون الدستوري لا يتجاوزون  أصابع اليد الواحدة..؟ وللاسف أن أغلب أعضاء هيئة إعداد الدستور كانوا ينظرون بعقولهم من خلال محفظة نقودهم وليس من خلال مصلحة العراق..؟
ولهذا جاء الدستور العراقي لعام2005 حمالآ للاوجه. ومتخم بالالغام القانونيه والسياسيه .. وكان تفسير الماده 92 من قانون المحكمه الاتحاديه هو أحد أخطر هذه الألغام التشريعيه. ولكن لكل صاحب بصر وبصيره يستطيع أن يحكم ويحتكم لمضمون الماده91/الفقره الأولى والتي تقول ((المحكمه الاتحاديه العليا(هيئة قضائيه) مستقله ماليآ واداريأ)).. وهذا يعني أنها تنعقد جلساتها فقط من( القضاة الجالسين)وهذا هو جوهر نية المشرع الدستوري الذي أراد في الفقره الاولى هذه التفريق بين مهمة واختصاص القاضي
تمايزآ عن مهمة الخبير في الشريعه الاسلاميه  الذي تقتصر مهمته في المشورة والاستشاره فيما يخص َمنازعات الشريعه الاسلاميه التي قد تحدث احيانآ ونادرا.. فهنا لا طَكن لوي عنق الحقيقه الدستوريه  وتحويل الخبراء عنوة إلى قضاة وهم لا يمتلكون لا التأهيل القانوني ولا القضائي لممارسة وظيفة القاضي الدستوري؟ وهنا أعود إلى شواهد قانونيه في قانون أصول المحاكمات الجزائيه العراقي رقم23لسنة1971بصدد وظيفة واختصاص الخبير حيث أشارت الماده 69/ أ
بالقول((انه يجوز للقاضي أو المحقق من تلقاء نفسه أو بناءآ على طلب الخصوم أن يندب خبيرآ أو اكثر(( لإبداء الرأي))؟ وهذا مايؤكده قانون أصول المحاكمات الجزائيه العراقي أن الخبير وظيفته((إبداء الرأي)) ويتصرف وفق إرادة الهيئه القضائيه ولا يمكن أن يكون جزءآ قضائيآ مكملآ لجسمها القضائي.وان مثل هذه المحاولات لتسويقها قاضيآ وحيازتها
 (لحق النقض) والتصويت لأحكام المحكمه الاتحاديه إنما هو انحراف تشريعي جسيم..؟وهكذا نرى أن المحكمه لا تنعقد الا حصرآ وتحديدآ بقضاة  القانون الدستوري دون غيرهم لأن خبراء الفقه الإسلامي وفقه القانون هَ ليسوا بجهات قضائيه بل هم أعضاء في هيئات ه استشاريه يمكن الرجوع لاجتهادها حيت تتطلب المنازعه الدستوريه ضروره  قانونيه لذلك.. وهذا ما تأخذ به المحكمه الدستوريه المصريه والمحكمه الدستوريه التونسيه.
للأسف لقد حاول رؤوساء الكتل النيابيه وقادة الأحزاب الاسلاميه تحويل القضاء الدستوري بالعراق إلى منبرآ دينيا بصيغتة الطائفيه لكي يتمكنوا من تكييف أحكام القضاء الدستوري لتكريس ارتهان البرلمان والنظام السياسي أسيرا لاطماعهم ومغانهَم الماليه والطفيليه.. أن اغلب قادة الكتل السياسية لا يمتلكون اي خلفيه قانونيه أو معرفه حقوقيه بالمنازعات الدستوريه وحتى انهم لا يمتلكون اي معارف في التفكير السياسي المعاصرأو شهادات أكاديميه  عليا من جامعات حكوميه رصينه؟ أنهم يمتلكون فقط المعرفه بكيفية(الوضوء بالماء أو برمل الصحراء)؟
اخيرا نقول ان التعديل المقترح من قبل أعضاء مجلس النواب  لتركيبة المحكمه الاتحاديه العليا أنما هو تدليس تشريعي وانحراف جسيم للقيم الدستوريه المقارنه.. وهو استمرار لاستنزاف العراق وابقائه كدولة فاشله وتكريس للسلطه الدينيه بالعراق تحت عباءة ونظريه الحق الإلهي وتداعياتها الظلاميه..؟
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here