من حوادث المجاذيب

من حوادث المجاذيب، الدكتور صالح الورداني
———
إكتظ الواقع المصري ‬بالكثير من المجاذيب والمحتالين،‮وأصحاب الشطحات الباحثين عن دور،والعائشين في‮ ‬وهم الزعامة والإمامة وإخراج الأمة من أزمتها وإعادتها إلى‮ ‬مكانتها‮، وقد رصد الجبرتي في تأريخه العديد من نماذج هؤلاء..
روى‮ ‬في‮ ‬حوادث عام‮ 3371م‮: ‬ظهر بالجامع الأزهر رجل تكروري‮ ‬إدعي‮ ‬النبوة وقرر أمام الشيخ أحمد العماوي‮ ‬أن الوحي‮ ‬قد هبط عليه،‮وأنه قد صعد إلى‮ ‬السماء ليلة سبع وعشرين من رجب،كما صلي‮ ‬بالملائكة ركعتين وأذن له جبريل،ولما فرغ‮ ‬من الصلاة أعطاه ورقة وقال له‮: ‬أنت نبي‮ ‬مرسل فانزل وبلغ‮ ‬الرسالة وأظهر المعجزات‮.. ‬
‮ ‬وكان موقف العماوي‮ ‬أن إتهمه بالجنون وأمر بضربه وطرده من الجامع،ولما اجتمع حوله العامة من الرجال والنساء ووصل أمره إلى ‬الباشا الوالي‮ ‬أمر بحبسه بعد أن استمع إلى ‬قوله،‮ثم تقرر إعدامه بعد أن رفض التوبة التي‮ عرضها عليه الفقهاء،وعند تنفيذ‮ ‬الحكم فيه كان‮ ‬يردد النص القرآني‮: ‬فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل‮..‬
وروى في حوادث عام 1200ه: من الحوادث المستهجنة أن إمرأة تعلقت برجل من المجاذيب يقال له الشيخ علي البكرى مشهور ومعتقد عند العوام ،وهو رجل طويل حليق اللحية يمشي عرياناً ،وأحياناً يلبس قميصاً وطاقية ويمشي حافياً..
فصارت هذه المرأة تمشي خلفه أينما توجه وهى بإزارها وتخلط في ألفاظها وتدخل معه إلى البيوت وتطلع على الحريمات..
واعتقدها النساء وهادوها بالدراهم والملابس ،وأشاعوا أن الشيخ لحظها وجذبها وصارت من الأولياء..
ثم ارتقت في درجات الجذب وثقلت عليها الشربة فكشفت وجهها ولبست ملابس كالرجال ،ولازمته أينما توجه ويتبعهما الأطفال والصغار وهوام العوام، ومنهم من إقتدى بهما أيضاً ونزع ثيابه وتخجل في مشيه..
وزاد الحال وكثر خلفهم أوباش الناس والصغار وصاروا يخطفون أشياء من الأسواق،ويصير لهم في مرورهم ضجة عظيمة،وإذا جلس الشيخ في مكان وقف الجميع وإزدحم الناس للفرجة عليه..
وتصعد المرأة على دكان أو علوة وتتكلم بفاحش القول ساعة بالعربي ومرة بالتركي ،والناس تنصت لها ويقبلون يدها ويتبركون بها..
وتم القبض على الشيخ وأدخلت المرأة والمجاذيب إلى الحبس ،وأطلق الشيخ لحال سبيله، وأخرجت المرأة والمجاذيب وتم ضربهم وتعزيرهم ،ثم أرسلت المرأة إلى المارستان وربطها عند المجانين..
وأطلق باقي المجاذيب بعد أن استغاثوا وتابوا ولبسوا ثيابهم وطارت الشربة من رؤوسهم، وأصبح الناس يتحدثون بقصتهم..
واستمرت المرأة محبوسة بالمارستان حتى حدثت الحوادث فخرجت وصارت شيخة على انفرادها ،ويعتقدها الناس والنساء وجمعت عليها الجمعيات وموالد وأشباه ذلك..
وروى في حوادث عام 1223ه قصة الشيخه رقية، وتتلخص قصتها أنها كانت تئتزر بمئزر أبيض وتمسك في يدها خرزانة وسبحة وتطوف على بيوت الأعيان، وتقرأ وتصلي وتذكر على السبحة، ونساء الأكابر يعتقدن فيها الصلاح ، ويسألن منها الدعاء ، وكذلك الرجال حتى بعض الفقهاء،ويكثر من مدحها الناس،فيزدادون فيها إعتقاداً..
وكانت تدخل على النساء فيقمن لها ويقبلن يدها وتبيت معهن..
وحدث أن أصابها المرض ثم ماتت، ولما نزعوا ثيابها للتغسيل اكتشفوا أنها رجل..
وشاع أمره وإشتهر، وتناقله الناس بالتحدث والتعجب..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here