ثاني انتكاسة تطيح بالخطة الخمسية: 10 ملايين عراقي تحت خط الفقر

بغداد/ حسين حاتم

يعيش نصف السكان في 3 محافظات جنوبية تحت خط الفقر منذ أكثر من عامين، فيما توصي مفوضية حقوق الانسان بتشغيل العاطلين عن العمل وتحسين الرواتب لمعالجة المشكلة.

كذلك سجل مختصون في الشأن الاقتصادي تراجع القوة الشرائية بنسبة بلغت 25% بعد اتخاذ قرار تخفيض قيمة العملة.

وعزت وزارة التخطيط، سبب ارتفاع نسبة الفقر الى الاغلاق الصحي المتبع منذ 2020 وتراجع الصادرات النفطية.

وأوضح المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي لـ(المدى) أنه “وفق دراسة اجرتها وزارة التخطيط وبمتابعة من البنك الدولي في 2020 بلغت نسبة الفقر ٢٥٪”، مستدركا “لكن نسبة الفقر كانت قد بلغت ٣١٪ في بداية جائحة كورونا وفرض حظر التجوال الاول (آذار 2020) وما رافقه من تداعيات من انخفاض اسعار النفط وانكماش اقتصادي واغلاق المراكز التجارية والأسواق، إلا ان النسبة استقرت عند ٢٥٪ بعد رفع قيود الحظر وتخفيف الاجراءات في النصف الثاني من العام الماضي”.

وأكد ان “ما يقارب ١٠ ملايين عراقي يعيش تحت خط الفقر”.

وبحسب الاحصائية الأخيرة قبل الجائحة والتي نشرت في شباط 2020، كانت نسبة الفقر قد بلغت 20% أي ما يعادل 8 ملايين عراقي كان تحت خط الفقر.

وأشار المتحدث باسم وزارة التخطيط الى أن “الحصة الاكبر من الفقر ذهبت الى محافظة المثنى إذ بلغ الفقر فيها ٥٢٪ ثم جاءت بعدها محافظتا ذي قار والديوانية بنسب 49 ـــ 48%”.

وبالمقارنة مع احصائية ما قبل كورونا نجد ان المثنى والديوانية لم يشهدا تحسنا في الوضع المعاشي، بينما تراجع معدل ذي قار من 44 % الى 48%.

ومضى الهنداوي قائلا إن “محافظات الوسط تأثرت كثيراً بفعل جائحة كورونا أيضا، إذ أن محافظتي كربلاء والنجف تعتمدان بصورة رئيسة على السياحة الدينية وبلغت نسبة الفقر فيهما ١٧-٢٠٪”. وكانت نسبة الفقر في كلا المحافظتين تتراوح بين 12ــ 12.5 %.

اما العاصمة بغداد فقد بلغت نسبة الفقر فيها نحو ١٣٪، كما تراوحت نسبة الفقر في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى بما بين ٣٠ ــ ٤٠٪، وفي إقليم كردستان بلغت النسبة ما يقارب 13%، بحسب الهنداوي.

ويعزو الهنداوي الزيادة الى “الظروف الطارئة والاستثنائية”. ولفت الى أن “الخطة الخمسية التي تم وضعها لم تصمد امام هذه الازمة التي اجتاحت العالم اجمع واثرت فيه”.

وكانت وزارة التخطيط قد اطلقت الستراتيجية الوطنية لخفض الفقر في العراق للسنوات 2018-2022 والتي كانت تستهدف خفض نسبة الفقر الى 16% عند نهاية عمر هذه الستراتيجية التي تعد الثانية بعد الستراتيجية الاولى التي اسهمت في خفض نسبة الفقر من 23% عام 2010 الى 15% بنهاية عام 2013.

وتعرضت الستراتيجية الى انتكاستين، الأولى عام 2014 عندما اجتاحت التنظيمات المسلحة أجزاء كبيرة من العراق، والثانية أزمة كورونا.

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط إن “الحكومة عاكفة على اتخاذ إجراءات وسياسات من شأنها دعم الاسر الفقيرة من ضمنها زيادة تخصيصات المالية لشبكة الحماية الاجتماعية”، مشيرا الى أن “الشبكة تشمل مليون و400 الف اسرة وهناك توجه لزيادة اعداد المشمولين”.

بدوره، يقول المختص في الشأن الاقتصادي باسم جميل أنطوان في حديث لـ(المدى) إن “نسبة الفقر تتحدد بالدخل الذي يحققه الفرد”، موضحا أن “الفرد الذي يكون راتبه او دخله بنحو 110 الفا دينار شهريا يكون تحت مستوى خط الفقر، واذا كان تحت الـ60 الف يعتبر فقر مدقع”.

ويشير أنطوان الى أن “خط الفقر يحدد بمعايير البطالة، ونسب العمل، والعاملين”، مبينا انه “لتقليل نسب الفقر لا بد من توفير دخل من خلال خلق فرص عمل للعاطين”، مؤكدا ان “اغلب الفقراء هم أصحاب القطاع الخاص”.

ويضيف المختص بالشأن الاقتصادي أن “خلق فرص العمل وتشغيل القطاع الإنتاجي من الزراعة والصناعة والسياحة سيحقق دخلا يقلل من نسبب الفقر”، مشيرا الى ان “المقياس الثاني هو السكن فاذا توفر السكن للمواطن فإنه يكون بمثابة دخل أيضا”.

ويلفت أنطوان الى ان “فرص العمل انعدمت في ظل جائحة كورونا وحظر التجول، مما أدى الى زيادة البطالة التي بدورها خلقت هذه النسبة من الفقر”.

ومضى المختص في الشأن الاقتصادي بالقول إن “القوة الشرائية نزلت بحدود 25% بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار”، لافتا الى أن “الاقتصاد جميعه استيرادي وبسبب ارتفاع قيمة الدولار اتجه البلد الى تضخم نقدي”.

من جهته، يقول عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي في حديث لـ(المدى) إن “خط الفقر مازال يمثل احد المشاكل والتحديات التي تلقي بآثارها الخطيرة على حقوق المواطن الأساسية والكم الهائل من الأشخاص الذين يقبعون تحت هذا الخط ويفقدون بشكل يومي متطلبات العيش وعدم كفالة الحقوق الخاصة بهم”.

ويضيف الغراوي أن “رؤيتنا تتجه الى ان يعالج خط الفقر بشكل واقعي ونتعامل مع هذه الأرقام والمعطيات من خلال مجموعة من الإجراءات العاجلة والسريعة لشمول جميع المواطنين برواتب الاعانة الاجتماعية وشبكة الحماية”.

واوصى عضو مفوضية حقوق الانسان بأن “يكون أقل راتب يتقاضاه المواطن لا يقل عن 500 الف دينار، بالإضافة الى تهيئة فرص عمل في القطاع الخاص وتمويل الأشخاص الذين هم تحت خط الفقر بقروض طويلة الأمد بدون فوائد لغرض الإسكان وانشاء مشاريع صغيرة إنتاجية واستثمارية”.

ودعا عضو مفوضية حقوق الانسان الى “وضع صندوق اعانة دولي وحكومي لمجموع المبالغ التي ترصد من عائدات النفط الى الأشخاص الذين هم تحت خط الفقر وتوضع في حساب خاص لهم كتغطية مالية حكومية لحين الارتقاء بواقع حقوق الانسان وواقع الوضع الاقتصادي والإنساني في العراق”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here