عبد الرحمن الأبنودي ــ أمل دنقل ــ عبدالحليم حافظ..

عبد الرحمن الأبنودي ــ أمل دنقل ــ عبدالحليم حافظ

سنكتب للشيوعيين فقط في قادمات الأيام كما عادتنا في كل عام حتى عيدهم الأغر السابع والثمانين في ٣١/اذار ….جزءُّ ثانٍ

وانا رمشى مذاق النوم / وهو عيونو تشبع نوم
روح يا نوم من عين حبيبى / روح يا نوم

أجمل ما كتبه الشاعرالشيوعي عبدالرحمن الأبنودي ( عيون القلب) للمطربة نجاة الصغيرة في زمنٍ رومانسيٍ تتحسر النفوس على عودته ، وحين جلس عبدالرحمن مع نجاة وهو يقرأ لها القصيد ، إعترضت نجاة على كلمة ( تشبع) وقالت له هذه كلمة ثقيلة لاتصلح للأغاني فهلاّ إستبدلتها ياعبدالرحمن ، قال لها بلهجة مصرية خفيفة ( طيّب ياستّي نجاة ..أنا بعطيك إسبوع بحالُ ، إن وجدتِ كلمة غير (الشبع ) تصلح للنوم فأنا موافق . بعدها عادت نجاة خالية الوفاض فقال لها عبدالرحمن مبتسماً ، لايمكن أن تصلح للنوم غير كلمة ( الشبع) وفعلا أغلب العرب يقولون ( أنا شبعت نوم) وبقيت الكلمة وأنتجت لنا أروع ما غنته نجاة كي تبقى في ذاكرة الذوق الغنائي . عبدالرحمن الأبنودي سُجن وتعذب في زمن جمال عبدالناصر لكونه شيوعياً ، ولم يشفع له سوى العندليب الأسمر( عبدالحليم حافظ) فكان صديقا له وكتب له أجمل أغانيه ومنها ( الهوى هوايا) مع حسناء الشاشة ( ميرفت أمين) ، عبد الحليم كان له علاقة ودية مع الرئيس عبدالناصر فتوسط عنده وبهذا أطلق سراح عبدالرحمن الذي كان مسكينا فقيرا يستدين علبة سجائره من عبدالحليم ، وهذه تحتسب كنقطة مضيئة لعبدالحليم لكونه مناصراً صديقا للشيوعيين . عبدالرحمن الأبنودي كان له صديقا شاعرا فصيحا من نفس صعيد مصر الذي يسكنه ، وهو الشيوعي الراحل الشهير عربيا (أمل دنقل) هذا الذي كتب نصا شعرياً عظيما (وكان يخاطب به أنور السادات( الذي غضب عليه في ذلك الوقت ، وهذا النص مستوحى من حرب البسوس وكيف قتلّ ( جسّاس) الملك ( كّليب) غدراَ ، فذهب الملك زاحفاً الى بلاطه وأوصى خادمه أن يعطيه ريشة ، فغمسها بدمه العبيط وكتب على البلاط ( لاتُصالح) يوصي بها أخاه الشاعر الجاهلي ( المهلهل..الزير سالم) في أن لايُصالح قاتليه مهما بلغ الأمر . وفعلا لم يتصالح المهلهل مع قبيلة ( بني تغلب) لأربعين عام حتى حصد منهم الكثير الكثير . فراح ( أمل دنقل) يكتب في قصيدته هذه موصيا السادات أن لايتصالح مع إسرائيل في رائعة من روائع القصائد العربية حتى الآن عنوانها ( لاتُصالح) . الصديقان( عبدالرحمن وأمل) كلاهما كانا سجينان ، أحدهما سجين القضبان وهو( عبدالرحمن الأبنودي) وأمل دنقل سجين ( المشفى) بداء العضال . في المشفى كان عبدالرحمن دائم الزيارة له وكان يرتب له سريره ووسادته كي ينام ، حتى غادر سجن المشفى والشيوعية الى القبر في العام 1983عن عمر الثالثة والأربعين . أما عبدالرحمن الأبنودي غادر السجن والشيوعية تنظيما الى شعر الحب والغناء وزيجاتٍ مثنى ، لكنّ شبح أمل دنقل ظلّ يعيش في روحه ، كذكرى من الشعاع الشيوعي والرفقة الأبدية ، حتى مماته في العام 2015 وهو في السادسة والسبعين .

هاتف بشبوش/شاعر وناقد عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here