خمس سنوات فقط : قصة قصيرة جدا

خمس سنوات فقط : قصة قصيرة جدا

بقلم مهدي قاسم

عندما سألوه عن سنوات عمره أجاب :
— خمس سنوات وتسعة أشهر وخمسة أسابيع وستة أيام و ستين ثانية فقط … فهذا هو عمري المعاش بفعالية وزخم عارمين … كانت عبارة عن حلاوة ولذة ومتعة جسدية و روحية ! … طبعا حسب تصوري و شعوري بنوعية الزمن الراقية ..

أثناء ذلك كان المسؤول يدقق في جواز سفره و يتفحص ملامح وجهه بدقة واهتمام حيث لاحظ أن عمره كان قد تجاوز الستين عاما حسب تاريخ الميلاد المثبت ..
فعاد يسأله باستغراب
— و لكن بياناتك الشخصية الثبوتية تثبت أنك أكبر سنا من هذا بكثير .. فكيف تزعم عكس ذلك ؟ ..
— ربما .. صحيح .. نعم … و لكن ما يهمني هنا ليس الأرقام الرمادية و الكالحة ، إنما ما يعنيني تحديدا ما عشته من لحظات و أوقات حب و عشق و جمال و أسفار زاخرة بحياة بهيجة وسعيدة من أفراح صغيرة و ممتعة … كنت أقوم باقتناصها هنا و هناك ، كصياد كنوز مثابر و بارع بين مناجم الحياة و أنا التهم تلك النعم التهاما نهما .. كلما حالفني حظ طيب و كريم أو صدف بعطاياها السخية .. ما عدا ذلك ، فكنتُ ولا زلتُ أعده … مجرد عمر .عابر .. أو زمنا رماديا …يمضى بآلية مبعثرة كحفنة رمال و رماد تذرها رياح كسولة … أوقات تمضي أما بمعاناة أو تأوهات و حسرات عميقة … تبرما و ضجرا طويلا و ثقيلا من أوقات متخشبة طافية فوق بحر من أزمنة راكدة …تصدأت أرقاما متفحمة في بطون وثائق صفراء فحسب …لذا فقد كان عليّ أنا أبقى صيادا بارعا ومثابرا بين مناجم الحياة اصطاد ما تيسر من نعمة جمال وحبور وُمتع مذهلة …إذ كنتُ أعلم فما من شيء جميل وممتع باهر سيأتي من تلقاء نفسه ليسقط في حضني من مكان ما ، كفاكهة ناضجة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here