آدم وإبليس

آدم وإبليس، الدكتور صالح الورداني
———-
يقف المرء حائراً أمام ذلك الموقف الذي اتخذه إبليس بعد خلق آدم..
وتزداد الحيرة أكثر في تحديه لله وعدم مبالاته بالحكم الذي أصدره بخصوصه وبخصوص أتباعه..
ويقف المرء مشدوداً أمام تلك الرحمة الواسعة وذلك التسامح المبهر من قبل الله سبحانه تجاه إبليس..
ولعل الحكمة في ذلك تكمن في إرساء الدعائم لحركة آدم وذريته في هذا العالم الجديد على الأرض..
أن يحدد الله سبحانه لآدم خصمه المتمثل في إبليس..
وكذلك يتحدد لذريته خصومهم من ذرية إبليس..
وبالتالي يتحدد طريق الخير وطريق الشر..
ويتحدد أيضاً المعلم الثاني المتمثل في الحوار والتعايش والتسامح مع الخصوم..
وهو ما يحتاجه آدم وذريته للعيش في الأرض وإعمارها..
والله سبحانه كان من الممكن أن يهلك إبليس ويرح آدم وذريته منه..
إلا أن الحياة بهذه الصورة سوف تكون نسخة مكررة من حياة الملائكة..
ولا مبرر لوجود آدم إذن ..
لكن الله حاور إبليس وأصدر حكمه فيه ليحدد لآدم وذريته معلم الحوار والتعايش والتسامح..
وهو ما يعني رفض التطرف والتصادم والإرهاب..
واعتماد نهج الاعتدال والسلام في مواجهة الخصوم والمخالفين..
على أساس أن الجميع من ذرية آدم وذرية إبليس سوف يجتمعون في يوم الوقت المعلوم الذي حدده الله
لإبليس ليحكم فيهم ويفصل بينهم..
وعلى هذا الأساس بجب على المسلمين أن يأخذوا العبرة من قصة آدم وإبليس..
وأن يتعايشوا ويتحاوروا مع بعضهم قبل أن يتعايشوا ويتحاوروا مع خصومهم..
وأن يدركوا أنه مهما اتسع الخلاف ومهما كان حجم القضايا المختلف عليها فهى لا توزن بشئ أمام
قضية إبليس الذي تحدى الله علناً وعصى أمره..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here