عبد الله بن سبأ

عبد الله بن سبأ. الدكتور صالح الورداني
————-
هل ابن سبأ شخصية وهمية أم حقيقية..؟
وما هو السر وراء التركيز على هذه الشخصية..؟
وماهى أقواله وما نسب إليه..؟
في البداية يجب علينا توضيح حقيقة هامة وهى أن ابن سبأ من صناعة المصادر التأريخية لا المصادر الروائية..
أي أنه لا توجد رواية تشير إلى ابن سبأ من قريب أو بعيد..
وجميع ما ذكر حوله جاء عن طريق المؤرخين..
وعن طريق الراوي سيف بن عمر الذي قال عنه ابن حجر:ضعيف الحديث عهدة فى التاريخ..
وجاء في كتاب الضعفاء للأصبهاني : سيف بن عمر الضبي الكوفي متهم في دينه مرمي بالزندقة ساقط الحديث لا شئ ..
وهكذا قالوا عنه في كتب الرجال : ليس بشئ ومتروك وعامة حديثه منكر..
والكثير مما نسبه المؤرخون لابن سبأ هو من ضرب الخيال..
ذكروا أن ابن سبأ هو أول من قال بوصية رسول الله(ص) لعلي،وأنـه خليفته على أمته من بعده بالنص..
وأول من أظهر البراءة من أعداء علي بزعمه،وكاشف مخالفيه وحكم بكفرهم..
وأول من قال بألوهية علي وربوبيته..
وأول من ادعى النبوة من فرق الشيعة الغلاة..
وأول من أحدث القول برجعة علي إلى الدنيـا بعد موته ورجعة رسول الله(ص)..
وأول من ادعى أن علياً هو دابة الأرض،وأنه هو الذى خلق الخلق وبسط الرزق..
وهذا الكلام المنسوب لابن سبأ هو مختلف عليه في كتب الفرق والتواريخ..
فالبعض ينسب بعض هذه المقالات له..
والبعض ينسب القول بالألوهية لآخرين..
والبعض ينسب إليه القول بإمامة علي والرجعة.. الخ..
إلا أن الساعين لإثبات وجود شخصية ابن سبأ يتصورون أن هذه النتيجة هى مربط الفرس ولب القضية ومعول هدم التشيع..
والشيعة تقول بالوصية والغيبة والرجعة والإمامة..
لكن هل تقول بألوهية الإمام علي..؟
وأنه خالق الخلق وباسط الرزق..؟
وإذا كانت هناك العديد من النصوص التي تشير إلى الإمامة والوصية والرجعة فهل هذه النصوص من صنع ابن سبأ..؟
وهل المتمسك بها يعد من أتباعه..؟
والأزمة هنا تكمن في تلك الروايات المغالية في أهل البيت التي يكتظ بها التراث الشيعي..
والقول بالولاية التكوينية من قبل العديد من فقهاء الشيعة..
والتي تفتح الباب لمثل هذه الدعاوى..
والسؤال هنا : كيف تم اعتماد مثل هذه الشخصية الضعيفة المتهمة والمشكوك فيها وترويج أقوالها وإشاعتها بين المسلمين..؟
وكيف يمكن بناء مواقف ومعتقدات على أساس مصادر تأريخية..؟
والجواب يكمن في التعصب المذهبي..
لقد تم اتخاذ ابن سبأ كجدار حماية لمذهب أهل السنة في مواجهة الشيعة..
ومحاولة إثبات يهودية التشيع..
والتعتيم على الدور اليهودي البارز في مذهب أهل السنة..
أما ما يتعلق بحقيقة هذه الشخصية فنحن نقر بوجودها ولا ننفيها..
وكما جاء ذكرها في بعض المصادر التأريخية عند السنة جاء ذكرها أيضاً في بعض مصادر الشيعة..
وعلى رأسها بحار الأنوار..
وجاء في خاتمة مستدرك الوسائل للميرزا النوري: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ، أنه ادعى الربوبية..
وقد سعى الكثير من الوهابيين من خلال العديد من منشوراتهم وعلى رأسها منشور : توضيح النبأ عن مؤسس الشيعة عبد الله بن سبأ إلى محاولة إثبات وجود ابن سبأ..
وقد أجهد صاحب هذا المنشور نفسه لإثبات وجود ابن سبأ من خلال مصادر السنة ومصادر الشيعة،مؤكداً أن ابن سبأ هو مؤسس الشيعة حتى لجأ إلى كتب المستشرقين..
وعلق على قول ابن حجر عن سيف بن عمر قائلاً:والصحيح أنه متروك، ولكن قد اشتهرت – أي روايته عن ابن سبأ – اشتهاراً زائداً مستفيضاً،واعتمدها كثير من المؤرخين في تواريخهم..
وفي تصور الوهابيين أن إثبات وجود ابن سبأ يعني صحة دعواهم..
ومحاولة نفي وجوده من قبل الشيعة يفتح باب الشك في معتقداتهم..
من هنا يعد من الخطأ محاولة نفي وجود هذه الشخصية..
والموقف العلمي والموضوعي يقتضي الاعتراف بوجودها ..
ومناقشة وتحليل ما نسب إليها من أقوال ومعتقدات..
وهو ما يمثل ضربة للخصوم والمتربصين..
ويغلق الباب في وجوههم..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here