خارجون عن الوطنية

خارجون عن الوطنية

إنهم عصبةٌ آمنت بتشويه الوطن وتمزيق التاريخ ،فازدادوا غواية ً، يمتطون احصنة السياسة بشعارات المقدس والوطنية، مهوسون بالقتل والقتال يزحفون بالمراهقين واليافعين نحو الموت ، سمّاعون للّغو ، يبتكرون الفتن ماظهر منها ومابطن، ويتوشحون بالخديعة
يُمجدون قادةً غرباء ، ويدعون لغير الارض التي يستوطنونها.
هؤلاء الواهمون الذين يعتقدون ان إهانة الدولة تجلب الكرامة .
وان الوطنية تكمن في اهانة رئيس الوزراء ووضع الحذاء على صورته .
لم يجنوا من هذا الفعل المستهجن سوى الكراهية والابتعاد عن الحق.
لا يمكن توصيف هؤلاء بأنهم خارجون عن القانون ، ولا حتى مليشيات وقحة ، بل هم عصابات خارجة عن الوطنية.
يحسبون ان الوطنية بتدمير الدولة والاعتداء على هيبتها وسيادتها .
وان الخيانة شرف.
الوطنية ليست استهتاراً وبلطجةً ووجوهاً ملثمةً وسلاحاً منفلتاً.
الوطنية ليست عمالة و لا هي سلاح يشهر بوجه الناس ، الوطنية ليست استعراضَ قوةٍ في الشوارع.
خائبون وواهمون وخارجون عن انسانيتهم. مهزومون يبحثون عن نصر وهمي ولو باستعراض كارتوني تافه .
يعتقدون انهم اكبر من الدولة وان لا احدَ يستطيع الوقوف بوجههم.
ولم يلتفتوا ان جهاز مكافحة الارهاب الذي هزم داعش كفيل بسحقهم، والذين سحقوا الارهاب ما زالوا قادرين على محوهم ، انها الحكمة والعقلانية ما تقف حائلاً .
ان عدم الرد لا يعني ان الدولة عاجزة عن مواجهتهم، عدم الرد يعني ان هناك شيئاً من العقلانية مازال موجوداً ، وان الدولة تعد هؤلاء الشبابَ مغرراً بهم .
مساكين اؤلئك الذين يدفعون بالشباب الى المحرقة بحجة وجود الاحتلال ، ولا يدركون انهم هم ارواحهم محتلة وان ادمغتهم محتلة .
الاحتلال الخارجي اهون مليون مرة من الاحتلال الداخلي الذي يهيمن على عقولهم ، ويصيّرهم عبيداً، وكائناتٍ متخلفةً قادمة من كوكب آخر.
الاحتلال الداخلي يجعلهم يخدمون اعداءهم دون ان يشعروا ، إنهم يطبقون ما يخطط لهم دون معرفة .
هؤلاء هم محاربو الجيل الرابع ، المشبعون بالكراهية ، الذين يدمرون بلدانهم بايديهم .
هؤلاء لا يعلمون ان اقصى ما يفرحون هو ما يحلم به الاعداء ، وهو النظر الى ان يقتل بعضنا بعضا.
يالها من خيبة، وياله من جهل يطبق على هذه الفئة الضالة .
بالتأكيد انا لا اقصد هنا اولئك الشباب المحبطون الفاشلون الذين استعرضوا في الشوارع وهم يحملون آلات القتل ، وادمغتهم محشوة بالكراهية .
بل اولئك الذين تحركهم الايادي من وراء الحدود.
ليس وحدهم المسؤولين عن غسل ادمغة شبابنا والقذف بهم في اتون المهالك ، بل الحكومة تتحمل قسطاً كبيراً من مسؤولية هذا الوضع الشاذ، حينما سمحت لفصيل قبل ذلك بمثل هذا الاستعراض ولم تحرك ساكناً ، ولم تحاسب احداً ، لقد اعطت الحكومة الضوء الاخضر لهؤلاء كي يستهتروا بمقدرات البلد .
ناهيك عن الاهمال المتعمد للشباب الذين لا يجدون سوى احضان التطرف التي تستقبلهم.
سواء باسم المقدس او باسم الوطنية ، كلاهما متطرف يشكل خطورة بالغة على المجتمع.
ان ما رأيناه في شوارع بغداد ، مشهد سيتكرر كثيراً وسينخرط كل الشواذ في اداء ادوار هذه المسرحية السمجة ، حينما يتصور هؤلاء المراهقون بانهم ابطال كرامبو و شوارزنيغر ، وتفتح شهيتهم على الانفلات، وهم يشاهدون افلام هوليوود بشكل مستمر ..
ان الذين جابوا الشوارع بسياراتهم ليسوا عقائديين ولا هم متدينون ، انما هم شباب متمردون يعيشون خارج دائرة الوعي والعقل ، مهوسون باستخدام السلاح وبالبيئة التي يعيشون فيها .
خارجون عن المعايير الاخلاقية والانسانية.
هم بحاجة الى قوة تسترد فيهم الوعي والانسانية .
ظاهرة التشدد تحتاج الى علاج وحلول عملية كي لا ينزلق الشباب في مهاوي التخلف .
ان ما حصل ويحصل ليس حدثاً فوضوياً فحسب ، بل هو ظاهرة لابد من الوقوف عندها ، حتى لا نضطر الى استخدام آخر العلاج .
فالخروج عن الوطنية خطيئة لا تغتفر .

علاء الخطيب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here