ناشطون يطلقون حملة وطنية لكشف عمليات التزوير والمتاجرة بأصوات الناخبين

بعد حقبة طويلة من عزوف شرائح واسعة من الشباب عن المشاركة في العملية الانتخابية، وبعد أن دفع الشباب فاتورة ذلك العزوف المكلف من رصيد حاضرهم ومستقبلهم، أخذت مجاميع وفرق شبابية مؤخراً بتبني برامج توعوية لحث الشباب على المشاركة الواسعة بالانتخابات واتخاذ خطوات عملية تجاه عمليات التزوير الانتخابي وبيع وشراء الأصوات التي جعلت مستقبلهم ومستقبل البلاد سلعة متداولة في البورصة السياسية.

تقول عضوة مجموعة النزاهة والشفافية تقى الأمين التي تعمل ضمن برنامج (هسه شباب) الذي يضم 8 فرق ومجاميع شبابية للتوعية الانتخابية تنتشر في عدد من المحافظات العراقية إنه «تم اختيار وتشكيل فرق ومجاميع شبابية من المحافظات العراقية ضمن برنامج (هسه شباب) لتبني برامج حول التثقيف الانتخابي وتوسيع مشاركة الشباب وتفويت الفرصة على الجهات التي تسعى لتزوير الانتخابات والمتاجرة بأصوات الناخبين»، مبيّنة أن «كل فريق أخذ يقوم بنشاط معين في محافظته يبين من خلاله طبيعة الخروقات الحاصلة في الانتخابات السابقة وتقييم مدى نزاهتها وعمليات التزوير والطرق المتبعة في ذلك وعمليات بيع وشراء الأصوات».

وأوضحت الأمين لـ(المدى) أن «منطلق البرنامج يكون من تشخيص الخلل والعمل على معالجته عبر طرح البدائل وتبني طرق فاعلة للحيلولة دون تكرار ما حصل من خروقات انتخابية»، منوهة الى أن «الفرق الشبابية قامت بمراجعة التجارب السابقة وشخصت نقاط الخلل والثغرات التي تمهد للتزوير وهي تعمل حالياً باتجاه معالجتها من خلال تفعيل الدور الرقابي للشباب في هذا المجال ناهيك عن حث الشباب على المشاركة الواسعة».

وشدّدت عضوة فريق هسه شباب التي تعمل مع مجموعة من الشابات في محافظة ذي قار «على عدم التفريط بأصوات الناخبين من الشباب والحد من المتاجرة بها والوقوف بوجه الجهات التي تقوم ببيع وشراء أصوات الناخبين لغرض تغيير النتائج الانتخابية لصالحها»، مؤكدة أن «التغيير يبدأ من صوت الشباب في عملية التصويت ومن مشاركتهم الفاعلة في هذا المجال».

وأشارت الأمين الى أن «حث الشباب على المشاركة بالذهاب الى مراكز الاقتراع لا يعني دعوتهم الى التصويت لجهة معينة وإنما أن يحضر الناخب ليعبر عن رأيه واستخدام حقه الانتخابي سواء بالتصويت أو حتى بابطال بطاقته الانتخابية كي لا تستغل من قبل الجهات الساعية لتزوير الانتخابات».

وعن الخطوات العملية لتنفيذ برنامج هسه شباب قالت الأمين إن «الفرق العاملة ضمن برنامج هسه شباب باشرت بإقامة عدد من الورش والندوات في المحافظات التي تعمل فيها»، وأوضحت أن «فريقنا العامل في محافظة ذي قار على سبيل المثال باشر في باكورة أعماله بإقامة ندوتين موسعتين عن نزاهة الانتخابات لشريحة الشباب إحداهما في مقر مفوضية الانتخابات في ذي قار والأخرى على قاعة نقابة المعلمين».

وأضافت عضوة فريق هسه شباب أن «الندوتين ركزت على مشاركة الشباب المؤثرين بين أوساط شريحة الشباب حتى تكون نتائج الندوة أكثر تأثيراً وفائدة، فمن خلالهم يمكن إيصال أهداف الندوات الى مجال اجتماعي أوسع»، منوهة الى أن «العمل بالبرنامج بدأ في مراكز المدن في المرحلة الراهنة وسينطلق الى القرى والأرياف مستقبلاً».

وكانت الدورات الانتخابية التي جرت في العراق بعد عام 2003 قد شهدت جملة من الخروقات وتبادل الاتهامات بين المتنافسين ناهيك عن عمليات التزوير وحرق صناديق الاقتراع وعمليات بيع وشراء أصوات الناخبين، إذ تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العديد من المقاطع الصوتية المسربة التي تكشف عن صفقات ومساومات لشراء الأصوات والتلاعب بأصوات الناخبين، في حين لجأت بعض الجهات السياسية الى التسقيط الأخلاقي تجاه منافسيها في الانتخابات السابقة وذلك عبر نشر مقاطع فيديوية تشير الى تورط بعض المرشحين بفضائح جنسية.

وعن تقييمه للتجربة الشبابية في مجال الانتخابات قال رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية حيدر سعدي لـ(المدى) إن «الشباب هم العنصر الحيوي في جميع ميادين العمل الإنساني والاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي، وهم المحرك الرئيس والفعال لأي إصلاح أو تغيير في المجتمعات»، وأضاف أن «المشاركة الحقيقية للشباب في العملية السياسية سوف تبقى ضعيفة، ما لم تسهم المؤسسات المجتمعية والحكومية في خلق بيئة ملائمة لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في الحياة المدنية والسياسية».

وحذر سعدي من ضعف مشاركة الشباب في العملية الانتخابية قائلاً إن «محدودية المشاركة السياسية للشباب ستؤدي الى آثار سلبية تنعكس على مستقبل الشباب وعلى المجتمع والحياة السياسية بصفة عامة»، داعيا الى «دعم البرامج التي يتبناها الشباب وتأمين فرص نجاحها وذلك من أجل دفعهم باتجاه المشاركة الواسعة في مجمل القضايا الوطنية».

وأشار رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية الى أن «إهمال شريحة الشباب سيدفعهم أكثر باتجاه اللامبالاة والاحساس بالاغتراب والتفكير بالهجرة ومغادرة البلاد الى بلدان الشتات وهذا ما يشكل خسارة اجتماعية كبيرة لطاقات شبابية طموحة»، محذراً من أن «يؤدي عدم الاهتمام بالشباب الى الجنوح نحو العنف والتطرف والجريمة».

وفي الختام أشاد سعدي بنشاطات فريق «هسه شباب» قائلاً إن «تبني ندوات حوارية حول مراحل الانتخابات وآلية التصويت ورصد المخالفات والخروقات التي تحدث أثناء العملية الانتخابية أمر مهم في المرحلة الراهنة ولاسيما أن الشباب ينادون اليوم بالتغيير وإصلاح العملية السياسية»، مؤكداً «أهمية زج الشباب في غمار المعترك السياسي والاجتماعي والإداري من أجل خلق حياة تتمتع بالحيوية والنشاط والأفكار المعاصرة».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here