مدل أيست آي: العمارة تتصدر قائمة أعلى المدن في اغتيال الناشطين

ترجمة/ حامد احمد

جاسب حطاب الحليجي، لم يلحظ ابدا الدراجة النارية وهي تحمل رجلين مسلحين تتقدم باتجاهه. كانت كأي دراجة نارية اخرى، تشق طريقها بصعوبة في طرق وازقة ضيقة مزدحمة بمستطرقين في منطقة الصينية بمدينة العمارة.

ولم يلحظ الحليجي ايضا عندما ترجل احدهما من الدراجة وبدأ يمشي بهدوء متقصد نحوه. واستنادا لشهود عيان، كان ذلك المشهد عندما اخرج المسلح مسدس موجها أياه الى رأس الحليجي مطلقا منه عيارا ناريا أردى الرجل ذي الـ 57 عاما قتيلا في الحال.

بعد اقل من ساعة من ذلك الحادث اعلنت الشرطة المحلية عن انها القت القبض على القاتل مبينة بان الجريمة كانت ناجمة عن نزاع عشائري .

ضابط كبير في الشرطة المحلية قال لموقع، مدل ايست آي البريطاني، ان “الحليجي هو ابن عم القاتل، وبينهما نزاعات كبرى ودعاوي قضائية متبادلة. القاتل اوضح ذلك خلال اعترافاته”.

واضاف ضابط الشرطة بقوله “ذكر القاتل بانه كان عائدا من العمل ووجد الحليجي أمامه بينما كان يمر عبر منطقة الصينية، ولهذا اخرج مسدسه ورماه برصاصة اردته قتيلا .”

تصريحات رسمية واشرطة فيديو لاعترافات من قبل القاتل كانت واضحة، أي انها جريمة غير سياسية وهي مجرد نزاع عائلي. ولكن حقيقة النزاع بالضبط لم يتم توضيحها، ولا حتى مبرر حمل القاتل للمسدس اصلا .

بالنسبة لكثيرين في مدينة العمارة والعراق بشكل عام، فان هناك رواية مختلفة. الحليجي كان ضحية وباء الاغتيال، وكبقية حالات الاغتيالات الاخرى فان قضية الحليجي ستبقى محل تساؤل رغم دوافع الجريمة التي اعلن عنها .

في 12 آذار اعلنت محكمة تحقيقات العمارة بشكل رسمي انها اغلقت قضية اغتيال الحليجي، وذلك عقب المصادقة على اعترافات المشتبه به. واستنادا الى الاعتراف، فان المحكمة استنتجت بان الحليجي كان يتهم المشتبه به باختطاف ابنه، وأن هذا الضغط دفعه الى قتله . وقال ضابط شرطة لمدل ايست آي: “ليس لدينا علم بدوافع القاتل السياسية أو أي انتماء سياسي له. التحقيقات لا تتناول هذا الجانب. الجريمة وقعت لاسباب تتعلق بنزاعات عائلية، وان القاتل تم القاء القبض عليه واعترف بجريمته وتم اغلاق القضية .” ولكن القضية لم تنته بعد بالنسبة لآخرين. اغتيال الحليجي، والطريقة التي تم التعامل بها من قبل السلطات، تسلط الضوء على توجه متزايد نحو اعتبار حوادث قتل شخصية واخرى تحمل طابعا سياسيا على نحو كبير على انها تعزى لنزاعات عشائرية، وغالبا ما يكون الضحايا ناشطون او صحفيون او محتجون.

شهدت مدينة العمارة في تشرين الثاني 2019 اربع محاولات اغتيال لناشطين بارزين لهم ارتباطات باحتجاجات اندلعت في المحافظة. ابرزها كان مقتل الناشط أمجد الدهامات، احد قادة التظاهرات البارزين التي شهدتها محافظة ميسان في ذلك الوقت.

الدهامات وعدد من رفاقه كانوا قد انهو توا اجتماعا مع قائد الشرطة في ذلك الحين عندما تم اعتراضه عند مغادرته من قبل سيارة جيب سوداء. واستنادا لمصدر شرطة وناشطين فان احد المسلحين في السيارة اطلق وابلا من الرصاص تجاه الدهامات استقرت فيه ثلاث اطلاقات تسببت بقتله مع اثنين آخرين وجرح زميله الناشط بسام الساعدي .

بعد ثلاثة اشهر من التظاهرات والاحتجاجات، تكبدت حركة الاحتجاج عبر العراق خسارة العشرات من ابرز قادتها الناشطين بين قتيل وجريح واعتقال او اختطاف أو هروب خارج البلاد .

في مدينة العمارة، خلف رجلان شابان الدهامات كقادة احتجاج من بعده، وهما عبد القدوس قاسم ممثل مسرحي، ورضا العقيلي منسق حركة الطلبة. كلاهما تابعا احياء جذوة الاحتجاج في مدينة العمارة للإبقاء على حركة الناس وتواجدهم في شوارع ميسان.

نشطاء هربوا قبل سنتين بحثا عن ملاذ آمن لهم خارج العراق بعد مقتل رفاق لهم قالوا لموقع مدل ايست آي، ان قاسم وعقيل كانا يمثلان العقبة الرئيسة اما الجهات المعارضة لهم لانهاء الاحتجاجات في العمارة .

وقال ناشط “رفض عبد القدوس مغادرة العمارة رقم اصرارنا عليه، رضا كذلك بقي في نشاطه بمواصلة الاحتجاجات.”

قاسم وزميله كرار عادل تم اغتيالهما بتاريخ 10 آذار 2020 وسط مدينة العمارة، في حين نجى عقيل من محاولتي اغتيال بعد ذلك بيومين . ضابط شرطة في العمارة قال لمدل ايست آي: “ما يحدث بالفعل هو صراع دموي حول سلطة ونفوذ، مع غياب كامل تقريبا لأي رغبة بوضع حد لسفك الدماء وحل النزاعات عبر الحوار. الأسلحة في كل مكان والاعراف العشائرية هي السائدة، فكيف نستطيع السيطرة على رجل في العشرينيات من عمره يحمل قاذفة آر بي جي ويتمتع بكامل الحماية من عشيرته والحزب او الفصيل الذي ينتمي له؟”. ليست هناك احصائيات رسمية عن عدد حالات الاغتيالات والقتل التي تشهدها كل محافظة شهريا او سنويا .

عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان علي البياتي، قال لمدل ايست آي، انه بعد وقوع سبعة اغتيالات منذ تشرين الاول 2019 فقد احتلت العمارة ثالث اعلى معدل اغتيالات وقتل للناشطين والصحفيين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here