النمسا، ودورها الثقافي والفني ابان النهضة الاوربية

النمسا، ودورها الثقافي والفني ابان النهضة الاوربية، * د. رضا العطار

في هذا القرن برزت النمسا كدولة اوربية ذات شأن، تساهم في موكب النهضة الاوربية بعد ان كان حظها عاثرا في القرون الماضية – فقامت حركة التنوير في عهد الامبراطورة ماريا تريزيا في اواسط القرن الثامن عشر، انها كانت حركة عمران واسعة وخاصة في العاصمة فيينا التي استطاع المعماري لوكاس برانت ان يجعل منها عاصمة اوربية مرموقة، بما بنى فيها من مبان ملكية رائعة. – – ولم تكتسب النمسا شهرتها في هذا القرن من عمارتها او من فنها التشكيلي او من ادبها او من امجادها السياسية بقدر ما اكتسبت هذا المجد من موتسارت، الموسيقي الموهوب.

هذه العبقرية الموسيقية الفذة التي لن يجود الزمان بمثلها الا نادرا. والتي تمثلت فيها الموسيقى الايطالية والموسيقى الالمانية – وبذلك استطاعت النمسا في اواخر القرن الثامن عشر ان تجمع تقاليد المانيا وايطاليا الموسيقية. فمن المانيا جاءتها البوليفونية وتعني التعدد اللحني. ومن ايطاليا جاءتها الميلوديا التي تعني اتساق النغمات وهي تاتي بعد الايقاع في الاهمية الموسيقية. الى جانب الاوبرا الهازلة التي طورها في النمسا الموسيقار كرستوفر حلوك الذي وصف بانه اعظم ملحن القرن الثامن عشر على الاطلاق – – ولم تخل النمسا من فنانين عظام وموسيقيين نوابغ اخرين كجوزيف هايدن الذي ترك لنا اكثر من مئة قطعة سنفونية.

كانت النمسا حتى عام 1806 تتزعم شكليا الامبراطورية الرومانية المقدسة التي كانت تضم النمسا، المانيا، المجر، بوهيميا، بولنده، واجزاء من ايطاليا وفرنسا.
وكان اهم ما بني في العاصمة النمساوية في هذه الفترة قصر (شون برون – الربيع الجميل) الذي كان شبيها بقصر فرساي في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس.

لم تك الامبراطورة ماريا تريزيا مشجعة للعلوم والاداب. ولم تك في فيينا صالونات ادبية وفنية. فقد كانت حاكمة كاثوليكية متعصبة، تعمل ضد البروتستانت. فمنعت تدريس اللغة الانكليزية وراقبت الكتب والنشريات، خوفا من تسرب المبادئ الدينية والافكار الفاسدة، حسب زعمها. – وانشأت فرقة عرفت ب ( ضباط العفة ) وهي اشبه بهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الاسلامية.

* مقتبس من كتاب التكايا والرعايا لشاكر النابلسي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here