عنب اليمن و بلح الشام في سلة واحدة

عنب اليمن و بلح الشام في سلة واحدة

مبادرة السلام السعودية الأخيرة في وضع حد للحرب الأهلية في اليمن جوبهت بتصعيد عسكري يمني حوثي تمثل في زيادة الهجمات بالطائرات المسيرة و الملغومة و الصواريخ البعيدة المدى على الأراضي السعودية و هذا الأمر قد يكون مفهومآ في زيادة الضغط الحوثي ما يؤدي الى زيادة في المطالب و الشروط و هو لا يأتي من موقع قوة الحوثيين وحدهم انما هناك أيادي ايرانية واضحة في هذا ( التمنع ) الحوثي الظاهري من مبادرة السلام السعودية في ربط مسار الحل السلمي في اليمن و وقف الحرب الأهلية هناك مع اجراء مفاوضات بين الأطراف اليمنية المتنازعة ما يؤدي الى الحوار و التفاهم على صيغة مقبولة في توزيع السلطات و المناصب الحكومية في اليمن مع المسار السياسي في سوريا و الضغط على دول الخليج العربية و في المقدمة السعودية على اعادة العلاقات مع الحكومة السورية و اعادتها الى الصف العربي .

بداية الحل في اليمن كانت مبادرة الأدارة الأمريكية الجديدة ( بايدن ) في رفع ( الحوثيين ) عن قائمة الجماعات الأرهابية و هذا يعني ان بالأمكان اجراء محادثات و مباحثات مباشرة مع جماعة ( سياسية ) مقاتلة لكنها ليست بأرهابية و كانت هذه الأشارة كافية للحكومة السعودية التي بادرت في أطلاق مبادرة السلام تلك بعد ان تأكدت الأطراف المتنازعة في اليمن و داعميهم ( ايران ) بالنسبة الى الحوثيين و السعودية بالنسبة الى الحكومة الشرعية ان لا منتصر و لا مهزوم في هذه الحرب الطويلة و المدمرة و ان لابد من الطاولة المستديرة للحوار و التي سوف يجلس حولها جميع المتخاصمين .

التواجد الأيراني في اليمن واضح و علني في دعم التمرد الحوثي على الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها امميآ و كذلك كان الوجود الأيراني في دعم الحكومة الشرعية في سوريا و المعترف بها امميآ في حين كان الموقف السعودي مطابقآ تمامآ للموقف الأيراني ولكن في عكس الأتجاهات حيث دعمت و ساندت السعودية الحكومة الشرعية في اليمن في مواجهة التمردالحوثي في حين دعمت جماعات التمرد السوري في مواجهة الحكومة السورية الشرعية و هكذا هي السياسة في الكيل بعدة مكاييل و النظر بعدة اتجاهات في المرة الواحدة بما يخدم مصالح تلك الدول و غاياتها و هذا الأمر متفق عليه عند اهل السياسة .

بعد حقبة الرئيس الأمريكي السابق ( ترامب ) العدوانية و الصبيانية في التعامل مع المشاكل العالمية كان لابد من التهدئة فكانت أدارة الرئيس الأمريكي الجديد ( بايدن ) في التعامل الحذر و بالأخص مع دول الشرق الأوسط و تمثل ذلك في اعادة الحوار مع الجانب الأيراني و التلميح الى امكانية رفع العقوبات و الحصار الأقتصادي عن ايران في مقابل العودة الى الأتفاق النووي الذي تخلى عنه ( ترامب ) في اشارة واضحة للأيرانيين في امكانية التفاهم من بوابة ( البرنامج النووي ) الأيراني في حل المعضلات و المشاكل في دول الأقليم و التي تكون فيها ( ايران ) طرفآ فاعلآ و مؤثرآ كما هو الأمر في اليمن و سوريا .

كانت الحرب الأهلية في اليمن و التي كان الحوثيون هم من بدأ تلك الحرب بالسيطرة على العاصمة ( صنعاء ) و من ثم اندلعت تلك الحرب الأهلية و التي لا تخلو من اليد الأيرانية و التي حاولت من خلالها تخفيف الضغط على قوات الحكومة السورية المنهمكة في قتال الفصائل المتمردة من خلال تهديد السعودية المباشر و من الخاصرة اليمنية و من الواضح في تشابك الأوضاع في الساحتين السورية و اليمنية في عدم تزويد السعودية و قطر للفصائل السورية المسلحة بصواريخ مضادة للطائرات في مقابل ان تمتنع ايران عن تزويد الحوثيين بصواريخ مماثلة و كذلك فأن أي تصعيد عسكري في الساحة السورية يقابله تصعيد في الساحة اليمنية و العكس صحيح ايضآ في رسائل متبادلة بين ضفتي الخليج العربي .

أعادة الأمن و الأستقرار لدول المنطقة لا يمكن ان يستقيم و يتحقق الا بأطفاء بؤر التوتر و المنازعات و من اهم تلك المخاطر التي تعصف بالمنطقة و دولها و شعوبها هي الحرب الأهلية في اليمن و كذلك الحرب في سوريا و ليس ممكنآ التوصل الى حل لهاتين المشكلتين الا بالحوار مع الأطراف المتنازعة و كذلك القوى التي تقف خلف تلك الأطراف المتصارعة و تساندها في اليمن هناك ايران و هي الداعم الرئيسي للحوثيين و هناك السعودية و الأمارات و اللتان تدعمان الحكومة الشرعية اليمنية و كذلك في سوريا فأن مباحثات السلام هناك يجب ان تكون مع السعودية و قطر اللتان تقدمان الدعم و الأسناد للفصائل المتمردة و كذلك لا يمكن التغاضي عن روسيا و ايران الداعمتان الرئيستان للحكومة السورية الشرعية .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here