تركيا والاتحاد الأوروبي.. هل تنجح المباحثات القائمة في رأب الصدع؟

وبدأ قادة الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، زيارة إلى تركيا في محاولة للدفع باتجاه انطلاقة جديدة للعلاقات بين أنقرة وبروكسل بعد أشهر من التوتر.

والتقى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أردوغان، لبحث سبل الاستئناف التدريجي للعلاقات الاقتصادية ومناقشة الدعم للاجئين المقيمين في تركيا.

مباحثات قائمة

وتشكل زيارة رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي ورئيس مجلس الاتحاد إلى تركيا أهمية كبيرة لرأب الصدع في العلاقات بين دول أوروبا وأنقرة، عقب أشهر من التوتر بين الطرفين.

وبعد عام من التوترات، كثف المسؤولون الأتراك الدعوات إلى الحوار مع الأوروبيين لتسوية مواضيع حساسة مثل الخلاف البحري اليوناني التركي في شرق المتوسط أو دور تركيا في النزاعات في سوريا وليبيا وفي الآونة الأخيرة ناغورني قره باغ، وفقا لفرانس برس.

وفي سبيل تشجيع تركيا، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لمباشرة تحديث الاتحاد الجمركي واستئناف الحوار على مستوى عال بعد تعليقه العام 2019 بشأن بعض المسائل مثل الأمن والبيئة والصحة ومنح بعض التسهيلات لإصدار تأشيرات دخول للأتراك.

وأعلنت الرئاسة التركية أن اجتماع الرئيس رجب طيب أردوغان مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “كان إيجابيا”.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن في بيان له بخصوص لقاء أردوغان مع ميشيل وفون دير لاين، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، إن “اللقاء بشكل عام جرى في أجواء إيجابية، تم خلاله تقييم العلاقات التركية الأوروبية من جوانب عديدة”.

وأضاف، أن

أردوغان أكد للمسؤولين الأوروبيين، أن الهدف النهائي لبلاده من مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي هو العضوية التامة في صفوفه.

ولفت إلى أنه تم خلال اللقاء تناول ملفات عديدة مثل، تحديث اتفاقيتي الهجرة، والاتحاد الجمركي، وإعفاء المواطنين الأتراك من شرط التأشيرة الأوروبية، والتواصل بين الشعوب، والاستشارات السياسية رفيعة المستوى بين الجانبين.

الحد الأدنى من العلاقات

الدكتور رامي الخليفة العلي، الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، يرى أن الاتحاد الأوروبي يريد أن تظل علاقته مع تركيا إلى حد معين من التوتر، ويرغب في تجاوزها، حيث يدرك مدى أهمية أنقرة من الناحية الاستراتيجية والعسكرية.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تريد تركيا أيضا هذه العلاقات وسط العاصفة الأمريكية التي وضحت بقدوم جو بايدن، والذي اتخذ سياسة مغايرة تجاه أنقرة والرئيس أردوغان، ما دفع تركيا إلى التعويل على علاقاتها الجيدة مع الاتحاد الأوروبي وبعض دول المنطقة، ما يفسر تقاربها مع بعض الدول العربية والأوروبية.

واعتبر العلي أن تركيا ترغب في تهدئة بعض الملفات لكي تكون الإدارة التركية أكثر قوة في مواجهة الإدارة الأمريكية، التي تثير عدة ملفات تجاه أنقرة.

وأكد أن رأب الصدع ممكن في الحفظ على الحد الأدنى من العلاقات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، لكن لا يمكنه إعادتها لسابق عهدها وتجاهل كل الخلافات القائمة.

هناك ملفان مطروحان أوروبيًا – والكلام لا يزال على لسان الدكتور رامي- ترغب أوروبا منهما اختبار إمكانية تركيا لإقامة علاقات جادة، وهما تقاسم الثروات في  البحر المتوسط، وملف الهجرة غير الشرعية، وينتظر ليرى مدى التنازلات التي يمكن لتركيا تقديمها في هذا الأمر.

وفيما يخص حلم أنقرة بالدخول للاتحاد الأوروبي، يرى الباحث في الفلسفة السياسية أنه أصبح قديما، والحديث عنه للاستفادة داخليًا بالنسبة لتركيا، خاصة أن العديد من الدول الأوروبية حسمت خياراتها في هذا الإطار.

شروط ضرورية

في السياق ذاته يرى المحلل السياسي التركي جواد كوك، أن عودة العلاقات بين أوروبا وأنقرة مرهون بعدة أوراق أهمها ورقة اللاجئين ووقف إرسالهم لأوروبا وابتزازهم بها، ووقف النشاط التركي في البحر المتوسط.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”،

لا تزال هناك أزمة ثقة بين الجانبين، رغم المفاوضات القائمة، وإعلان تركيا رغبتها في فتح صفحة جديدة والتطبيع مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما في ظل عدم وجود أي إشارات بتجاوب تركي في الملفات السابق ذكرها.

وتابع: “تريكا تواجه الكثير من التهديدات، والرئيس أردوغان يعلم جيدًا أن بلاده ليست إيران، ولا يمكنها تحمل أي عقوبات اقتصادية يمكن أن تفرضها أوروبا، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها الاقتصاد التركي”.

وفي 11 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، قرر زعماء دول الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات ضد تركيا وتبني “قائمة سوداء” إضافية بناء على قرار صدر في 11 نوفمبر 2019 بشأن فرض قيود ضد أنقرة بسبب أنشطتها “غير الشرعية” في البحر الأبيض المتوسط.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here