لبرنامج “يحدث في العراق”: صبحي الجميلي: نداء الحزب الشيوعي.. دعوة لتوحيد الصفوف واستنهاض الهمم للسير على طريق التغيير

خصص المركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي، حلقته هذا الاسبوع من برنامج “يحدث في العراق” للحديث حول النداء الذي وجهه الحزب الى الاحزاب والشخصيات المدنية والديمقراطية وقوى انتفاضة تشرين، والتي ضيّف فيها، عضو المكتب السياسي للحزب د. صبحي الجميلي، للوقوف على أهمية النداء وتوقيته، والمساحة التي سيعمل عليها الحزب من خلاله في الفترة المقبلة. فيما أدار الحلقة الإعلامي سيف زهير.

النداء دعوة وطنية مخلصة لتشكيل الكتلة العابرة للعناوين الفرعية

المركز: أثار نداء الحزب على نطاق واسع، خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي، ردود فعل ونقاشات. كيف كان رصدكم بخصوص هذا النداء؟.

الجميلي: مثل ما تمت الاشارة. الحزب الشيوعي العراقي أطلق نداءه الى جميع القوى والاحزاب المدنية والديمقراطية والشخصيات، والى قوى انتفاضة تشرين المجيدة. ودعا الجميع الى اللقاء الفوري والتشاور والحوار ولملمة الصفوف وصولا الى تشكيل الكتلة الوطنية العابرة للعناوين الفرعية والثانوية والطائفية والمناطقية، وان تكون هذه الكتلة هي الحاملة للمشروع الوطني الديمقراطي. المشروع الذي يهدف الى اقامة دولة المواطنة والعدالة، دولة المؤسسات، دولة حقوق الانسان، الدولة التي تتحكم بالسلاح وحصره بيدها. الدولة التي توظف مواردها المالية على نحو سليم من أجل التنمية ورفاه المواطنين وسعادتهم وانتشالهم من الجوع والفقر والمرض وضعف الخدمات.

النداء يشكل دعوة وطنية مخلصة، أعلن الحزب فيه عن مد اليد الى كل قوى التغيير، ليدعوها الى التكاتف، وان يشد بعضها أزر بعض، وان تتوجه الى ميادين العمل، والى الجماهير وأن تلتحم معها، وتنظمها، وتسعى معها لوضع البلد على طريق التغيير المنشود.

نعم، الاصداء جيدة وواسعة. هناك ترحاب وكلمات طيبة، لكن مازلنا في البداية. ستتبع قيادة الحزب واللجنة المركزية اطلاق النداء بخطوات عملية مدروسة، نحن لم نباشر هذه اللقاءات الان. كنا قد باشرناها في الحقيقة قبل فترة. توجهنا الى القوى المدنية، وكانت هناك مبادرتان في الفترة الاخيرة؛ احداهما تتعلق بالمحكمة الاتحادية، والاخرى تتعلق بالموازنة. وهي خطوات عملية شجعت وحفزت على المزيد من الخطوات، وايضا ما نحن بصدده في الحزب ونعمل مع اخواننا وزميلاتنا وزملائنا من القوى المدنية والديمقراطية والشخصيات على استنهاض قوى التيار الديمقراطي واعادة النشاط اليه. كما يعلم الجميع هناك اجتماعات متتالية للمكتب التنفيذي وعقد اجتماع للحنة العليا للتيار الديمقراطي. نتوجه الى اعادة تشكيل تنسيقيات التيار في داخل الوطن وايضا تفعيل النشاط الذي هو بالفعل متواصل من تنسيقيات خارج الوطن. ويعمل الحزب منذ فترة بصبر وتأني، ويمد اليد الى القوى التي تتشكل من المنتفضين، وحصلت لقاءات وزيارات.

لا عودة الى ما قبل الانتفاضة

المركز: النداء اشار الى تفاقم الازمة البنيوية وتداعياتها على الشارع العراقي. كيف يحلّل الحزب هذه التداعيات، وكيف ينظر لها ويشخصها ويقدمها الى المواطنين، من خلال هذا النداء، الذي تحدث عن أزمة عميقة؟

الجميلي: الحزب في اكثر من وثيقة وبما فيها وثائق المؤتمر الوطني العاشر الذي عقد في العام 2016، تبنى موضوعة التغيير. ايضا وجّه نداءات منذ ذلك الوقت لتوحيد الصفوف ولملمتها والتوجه الى الجماهير واستنهاض العامل الشعبي والجماهيري، ليكون عامل ضغط. كما تعلمون انطلقت الحركات الاحتجاجية وصولا الى انتفاضة تشرين 2019 التي القت حجرا ثقيلا في مياه راكدة، وادخلت الكثير من المعطيات في الواقع السياسي العراقي، ومن الصعب ان تعود الامور الى ما قبل الانتفاضة. الحراك متواصل وللحراك اسبابه؛ عندما نتحدث عن التداعيات نتحدث عن التداعيات التي تؤثر على مجمل حياة المجتمع، لذلك تنعكس على الناس وتنعكس على حياتهم ومعيشتهم والوضع الصحي، وتنعكس على تردي التعليم ونقص الخدمات.

الان، الاحصائيات تتحدث عن نسب عالية من البطالة والفقر. الشباب الخريجون يفترشون الشوارع بحثا عن عمل. نفهم ان الدولة لا تستطيع توفير فرص عمل للجميع، لكن هي ملزمة وعليها ان توفر فرص عمل. هذه التداعيات تؤثر على غالبية العراقيين الذين يزدادون فقرا. والكثير منهم يخسر المعركة؛ معركة الحصول على عمل، معركة الحصول على القوت اليومي. المؤشرات تزداد سوءا حتى قياسا بفترات سابقة. ففي مقابل الغالبية من المواطنين العراقيين الذين يعانون من هذه الكوارث، هناك اقلية متخمة ومرفهة؛ اقلية تحتكر السلطة وتسعى الى ادامتها بأي وسيلة. هذا التناقض هو من تداعيات هذه الازمة. ونشير الى تحالف غير مقدس بين المتنفذين أصحاب المال والقرار وبين اصحاب الاموال الكبيرة، الطفيليين، اصحاب البنوك الكبيرة، وهي تشكيلة تحتكر السلطة وتتحكم بقرارها وبموارد الدولة ايضا.

التغيير الشامل لا يمكن أن يتجاهل

موضوعة السياسة

المركز: تحدث الحزب عن ان جوهر الصراع الحالي هو صراع من اجل خيارات المستقبل، والتي تدرج ضمنها النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي. كان الحزب واضحا في التشخيص، لكن الاسئلة كثيرة، ومنها ما هي المضامين والتفاصيل المتشعبة، وكيف ينظر الحزب لهذه المضامين في ما يتعلق بهذا الصراع؟

الجميلي: لنشير بوضوح ـ وايضا باختصار ـ الى أن مواقف الحزب معروفة: التغيير المطلوب هو التغيير بالمنهج، والتغيير بنمط التفكير واسلوب الادارة، وتغيير بالاشخاص ايضا. المطروح تغيير شامل. هذا التغيير لا بد ان يكون سياسيا. المشكلة هي منظومة المحاصصة الحاكمة، وعندما نتحدث عن التغيير، لا يمكن ان نعبر على موضوعة التغيير السياسي، وهي الان المفتاح الذي يؤثر على مجمل القضايا الاخرى. صعب ان نتحدث عن سياسة اقتصادية وسياسة اجتماعية دون الحديث عمن يدير الدولة؟ كيفية بناء الدولة؟ كيف تبنى مؤسساتها؟ استقلالية هذه المؤسسات وادارتها؟ فصل السلطات الثلاث؟ المنظومة العسكرية والامنية وكيف يجري التحكم بها؟ كيف يجري احترامها للدستور؟ السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة؟ سياسة اقتصادية بديلة لما هو متبع؟ الان السياسات اثبتت فشلها يوما بعد يوم، في ظل استمرار الاعتماد على الريع النفطي. كيف نستطيع ان نقلل من هذا الاعتماد، تدريجيا، لخلق تنمية مستدامة، واقتصاد عراقي متنوع وقوي يستطيع ان يخلق فرص عمل وتكافؤ فرص لعموم العراقيين؟

التعكز على شح الموارد حجة غير سليمة

المركز: في ندائه، تحدث الحزب عن ضرورة كسر الهيمنة السياسية. هذا يمكن أن يحيلنا الى فهم اخر، وهو دعوة القوى الخيرة والمدنية الديمقراطية والتشرينية الى توحيد الرؤى في ما يتعلق بتوجه كسر الهيمنة بكل اشكالها، على السلطة وعلى الجانب الاجتماعي؟

الجميلي: تحدثنا عن تداعيات متعددة للأزمة البنيوية، على مجمل الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وايضا على قضايا حقوق الانسان. بالتأكيد هناك الكثير من القضايا كان يصعب الحديث عنها، لكن الانتفاضة غيرت الامر وبعض الرموز عرتها الحركة الاحتجاجية بفضل الفعل التراكمي منذ بدأها في سنة 2011.

نعم، إن الامور لم تعد كما كانت. المجتمع في حراك. هناك حالات استعصاء. هناك صعوبات يعيشها الناس يوما بعد يوم، والدولة ومؤسساتها تعجز عن القيام بفعالياتها، وهو ليس بسبب المال، وكثيرا ما يتم الحديث عن تخصيصات وموارد مالية، واحيانا يجري تبرير هذه الاخفاقات بأنه قلة التخصيصات المالية. لكن هذه الصعوبات كانت قائمة أيضا عندما كانت التخصيصات المالية كبيرة، ونحن نعيش هذه الاوضاع من فترة، وعلى مختلف الصعد. وبالتالي من يتحكم بالقرار السياسي، يحدد القرار الاقتصادي، وكيف تستخدم الموارد، ولمصلحة من توظف. الجدل بشأن الموازنة استمر 3 اشهر، وهو صراع على المصالح. بعض القوى تريد ان تضيف هذا البند، وقوى أخرى تريد ان تضيف هذا البند، الى أن انتهت على الشكل الذي انتهت به من تسويات، وعليها ايضا العديد من الملاحظات. الموازنة لم تكن المعول عليها رغم ما بها من موارد، ونقول إن الموارد ليس المشكلة، وانما كيفية ادارة هذه الموارد وكيف يجري توظيفها.

أساليب خبيثة للالتفاف على انتفاضة تشرين

المركز: فيما يخص لم شمل القوى المدنية والديمقراطية، القوى الخيرة. سؤال يطرح كثيرا اليوم هل لدى الحزب وجهة نظر كاملة حول كيفية ستكون هذه التقاربات، ام هو اليوم مد يد التعاون بشكل اولي، وايضا القضية تعتمد على رؤى الاطراف الاخرى؟

الجميلي: القوى المدنية والديمقراطية وقوى تشرين أمام محك بصراحة. هي ترى اوضاع البلد. اهداف انتفاضة تشرين لم تتحقق. حتى القضايا البسيطة التي طالب بها المنتفضون لم تتحقق. لم يتم الكشف عن مصير المخطوفين، ولم يقدم قتلة المنتفضين الى المحاكم. وفي إطار مكافحة الفساد لم يتم الاقدام على اجراءات فعّالة، برغم ان هناك بعض الاجراءات في هذه المسألة، ولكن نحن نتحدث عن ملفات الفساد الكبيرة. نتحدث عن الحيتان التي يجب أن تمتد لها يد العدالة واسترجاع اموال البلد. الان هناك قضم لحقوق المواطن، تقزيم لقضايا الحريات، التفاف على نصوص دستورية وتوظيفها لمصلحة هذه الكتلة او تلك. أيضا الى استقلال البلد وقراره الوطني والتدخلات الخارجية بشأنه. كل هذه الامور مطروحة امام قوى التغيير، امام المنتفضين. إذا أردنا ان نواصل انتفاضة تشرين، فلا بد ان ندافع عن اهدافها بقوة. القوى المتنفذة تدرك أن وحدة هذه القوى ولملمة صفوفها ـ قوى تشرين وقوى التغيير عموما ـ تشكل خطرا على مصالحها، لذلك هي تلجأ الى اساليب خبيثة ماكرة. من ذلك، مثلا، تبني شعارات الانتفاضة، وتُظهر نفسها، كما لو أنها حريصة على الانتفاضة، وعلى اهدافها وتبني قضاياها.

هناك مساعي متواصلة للحؤول دون وحدة هذه القوى. خلق الحساسيات وتغذية الانا عند هذا الطرف او ذاك، ودس عناصر، وشراء ذمم، ووعود واغراءات بالمال. ومع قرب الانتخابات، بدأ المال السياسي يعمل، وهناك اكثر من مؤشر على ان هذا المال بدأ يعمل ويشتري، لذلك على قوى الانتفاضة ان تكون واعية، لان القوى المتنفذة تدرك مصالحها، وسوف تدافع عنها. بالتأكيد لن تستسلم بسهولة، انما ستلجأ الى كل هذه الوسائل، مما يتطلب المزيد من الوعي والادراك لهذه المخططات وافشالها واجهاضها. وبالتالي فإن افشال ذلك مرهون بالوحدة والتنسيق المشترك، والعبور على القضايا الجزئية والانا المتضخمة، وان توضع مصلحة التغيير، طالما ان الجميع ينادي به، والعمل من اجل ان تكون الايادي ممتدة والفضاءات رحبة لكل من يريد ان يساهم في هذه المسيرة، ونحن نتقاسم معه المشتركات وصولا الى ما أكدناه. وصولا الى الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية.

القوى المتنفذة تنتهج أساليب كثيرة

لتيئيس الناس من إمكانية التغيير

المركز: على افتراض اصبح هناك تنسيق ولقاءات وتفاهمات بين هذه القوى التي خاطبها نداء الحزب. هل هذه القوى قادرة على سحب الفئة الصامتة الى خيار التصويت من اجل احداث التغيير؟

الجميلي: في فترة نهوض الانتفاضة، لنلاحظ الملايين التي خرجت الى ساحات الاحتجاج. كانت ملايين حقا. وفي ذروة الانتفاضة كان هناك من في الساحات، وهناك من يتعاطف معهم. طرحت الانتفاضة أهدافا وطنية عامة، تجاوب معها غالبية العراقيين. عندما تتوفر اجواء ثقة، وعندما ترى الناس ان بديلا او ارهاصات بديل امامها متوفرة، وهي التي تعيش المأساة، وتعرف حقيقة القوى المتنفذة، وهي التي تتضرر منها ومن سياساتها، ومواقفها، ويتراكم وعيها وهو ما نعول عليه، فبالتأكيد تكون هناك امكانية التغيير، شرط ان تتوفر قوى موحدة بقياداتها، ببرامجها الواضحة، وتستطيع ان ترسم الاستراتيجية، وان ترسم التكتيكات اليومية التي تخدم اهدافها. ما نتحدث عنه ليس بالضرورة يتحقق غدا. هذه محطات نضالية متراكمة. عندما ترى الناس بصيص امل وترى وحدة وعملا جادا تستعيد الثقة. تعمل القوى المتنفذة

على تيئيس الناس بشتى الطرق. تعمل على ابعادهم عن جادة العمل السياسي، وايضا تثير الشكوك بهذه القوى، او تلك، وهذا ديدنها. إنها في الحقيقة، لا تريد ان تكون هناك قوى او كتلة بشرية كبيرة قادرة على دفع الامور وحسمها، لكن الامور لا يمكن ان تبقى على هذا الحال.

تغيير شامل وليس ترقيعيا

المركز: ما هي النقاط الرئيسية التي من الممكن أن يتفق الحزب عليها مع هذه القوى، على الاقل بشكل أولي، حتى تجمعهم في إطار هذا النداء؟

الجميلي: اي تحالف واي لقاء لا يعني ان هذه القوى التي تتعاون وتنسق انها تتخلى عن استقلاليتها التنظيمية والسياسية والفكرية وتوجهاتها. اللقاء معناه البحث عن مشتركات والبحث عن النقاط الممكنة. الان الكل يشخص ويتحدث على ان التغيير ضروري. ما هي مستلزمات التغيير؟ نحن نفهم التغيير، كما أشرنا، وكثير من القوى تشاركنا هذه الرؤية. التغيير يفترض ان يكون تغييرا شاملا وليس ترقيعا، ليس اصلاحا لهذا الجانب او ذاك. التغيير ليس تبليط شارع على اهمية تبليط الشارع. التغيير مركب: التغيير بالمنهج، التغيير بالسياسة، التغيير بالشخوص، التغيير بالمنظومة الكاملة. الكثير من القوى تشاركنا في هذه الرؤى، التي كانت مطروحة على جدول انتفاضة تشرين المجيدة. اذن، نحن ننشد الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة، المواطنة المبرأة من أدران الطائفية والشوفينية، وأن تتوفر فرص متكافئة للناس بدون تمييز لأي سبب كان. الان مثلا موضوعة التعيينات في الدولة، كيف تجري؟ هل فيها فعلا تكافؤ في الفرص بين العراقيين؟ الجميع يتفق على كلمة لا. لا يوجد تكافؤ، لماذا، مثلا، لا يفعل مجلس الخدمة العامة، وهو موجود ومشكل؟ لماذا التعيينات تجري بهذه الطريقة؟

ان هذه الامور تفترض البحث عن نقاط اللقاء والمشتركات وهي كثيرة. منها العمل على إقامة الدولة المدنية، حصر السلاح، مكافحة الفساد الكبيرة والصغيرة. وان تتوفر فرص العيش الكريم للمواطن: خدمات، اقتصاد، استغلال موارد البلد، سياسة خارجية سليمة، تراعي مصالح البلد دون ركض وراء هذه الدولة او تلك. نعتقد ان هذه قضايا كثيرة: حقوق الانسان العراقي، وكيفية تطبيق المواد الدستورية الخاصة بحقوق الانسان، ان لا يكون هناك اكراه او فرض لأي فكر او اي توجه.

إنّ الكثير من القضايا تشكل مشتركات. ونكرر هذا لا يعني ان هذه القوى ستتنازل عن برامجها او اهدافها او عن استقلاليتها التنظيمية. وفي مجرى العمل المشترك من الممكن ان تكبر مساحة هذه المشتركات.

بعد استراتيجي يتخطى العملية الانتخابية

المركز: من ضمن التساؤلات التي تصلنا، هل هذا النداء او ترجمة هذا النداء تهدف الى اصطفاف انتخابي بين القوى الديمقراطية وقوى تشرين، أم هو يتجاوز هذا الى ما هو ابعد، بأنه اصطفاف سياسي اجتماعي لمواجهة نظام المحاصصة؟

الجميلي: هو توجه سياسي طويل الامد. ممكن ان نتفق مع بعض القوى على قضايا انتخابية، ونحن اساسا في التحالف المدني الديمقراطي وعماده واساسه التيار الديمقراطي. نسعى الى توسيع قوى التحالف المدني الديمقراطي، فهو تحالف انتخابي اساسا. هذا اساس نعتمد عليه خصوصا التيار الديمقراطي. هذه نواة اساسية موجودة، لكن نحن نتحدث عن بعد استراتيجي، يتخطى العملية الانتخابية. هذا في بعد يتوجه ـ كما اشرنا ـ الى التغيير الشامل، ويتعلق باعادة بناء الدولة وانتهاج سياسة اخرى مختلفة تماما والقطيعة مع هذا النهج الذي دمر البلاد واوصلها الى حالة السوء التي هي عليها الان.

نتطلع الى توفر كافة المستلزمات الانتخابية:

التشريعية والامنية والسياسية

المركز: سؤال آخر من أحد الاصدقاء، شدد على ضرورة ان يستمر الحزب في ابداء رأيه في ما يتعلق بالتصويت للعراقيين في الخارج؟

صبحي الجميلي: من الناحية الدستورية، نحن مع حقوق المواطنين العراقيين، سواء أكان ذلك في داخل الوطن او في خارجه، في ان يدلون بأصواتهم، وينتخبون. وطالبنا وما زلنا نطالب المفوضية والحكومة ايضا بأن تدرس هذه الخطوة. واساسا السؤال هل هي من صلاحية المفوضية ان تتخذ مثل هذا القرار، أن تعطل شيئاً له علاقة بالدستور، وله علاقة بالقانون؟ نحن لسنا مع هذا الحق فقط، بل مع أن تتوفر مستلزمات ممارسة هذا الحق في الانتخاب. وأيضا نتطلع لأن تتوفر المستلزمات الكاملة للانتخابات، التشريعية والقانونية والامنية والسياسية، لكي تكون انتخابات عادلة ونزيهة، وان تضمن وصول ممثلين حقيقيين للشعب الى قبة البرلمان.

النداء أرسل الى 28 تنظيما

المركز: هل بالامكان تسمية القوى او الشخصيات التي استجابت الى نداء الحزب؟

الجميلي: النداء أرسل الى 28 تنظيما، ولربما اكثر، وهناك ردود فعل. الان دعنا من الاسماء كي لا نحرج احدا، لأننا في مرحلة تبادل وجهات النظر. هناك رسائل استجابة وهناك استفسارات عن التحالف المدني الديمقراطي وعن علاقتنا بالتيار الديمقراطي، وعن علاقتنا بالقوى المدنية الاخرى، نعم هناك استفسارات بهذا الشأن، ونحن نوضح للاخوان الهدف من اصدار هذا النداء.

دعوة لانقاذ البلد

المركز: كلمة أخيرة توجهها الى ابناء شعبنا والقوى المدنية وقوى تشرين في ما يتعلق بهذا النداء؟

الجميلي: هي دعوة صادقة. دعوة مخلصة. دعوة ترى الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. دعوة لانقاذ البلد مما هو فيه. دعوة ان نمد الايادي لتصافح قوى التغيير، وتمتد الى قوى تشرين، والى المدنيين، الى الديمقراطيين، الى كل القوى الخيرة التي تنشد الخير والسلام والرفاه والامان والاستقرار للبلد، ودحر الارهاب والداعشيين، وان ينعم المواطن العراقي بحياة كريمة آمنة، وأن يستطيع توظيف أموال بلده الكثيرة في خلق الرفاه والتقدم والازدهار، بدل ما نشهده الان من حالات فقر وجوع ومرض.

دعوة للإخوان لأن يبادروا، كما بادر الحزب الى اللقاء، وان نسعى معا الى تنفيذ المشتركات، وبأفعال ملموسة، وبخطى ملموسة على وفق منهج متكامل، منهج يعتمد التغيير. وبالتأكيد نحن ايضا نحترم توجهات واستقلالية كل تنظيم من هذه التنظيمات. نبحث عن المشتركات والمهمات وتعظيم الفعل، وتعظيم الرسالة التي توجه الى المواطنين. عندما تكون هناك قوة معروفة بنزاهتها وبالتصاقها بالجماهير، وقدمت ايضا التضحيات ولاسيما في الانتفاضة، انتفاضة تشرين ولها مصداقية، فبالتأكيد مثل هذه الرسالة ممكن ان تحظى بقبول من الجماهير.

نأمل ان يتجاوب مع هذه الدعوة، اكبر عدد من القوى والشخصيات الوطنية، والحزب على استعداد مباشر لان يبدأ سلسلة من هذه اللقاءات، ووضع هذا النداء موضع التنفيذ الفعلي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة “طريق الشعب” ص5

الخميس 8/ 4/ 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here