محاكم لـ 75 ضابطاً بتهمة المشاركة في استفتاء الإقليم بالتزامن مع قرب عودة الديمقراطي إلى كركوك

بغداد/ تميم الحسن

فسرت بعض الاطراف في كركوك فرض “إجراءات غريبة” من الادارة المحلية على انها “خطوات استباقية” لمتغيرات سياسية قد تعيد جزءا كبيرا من ممثلي الكرد الى المحافظة بعد قطيعة دامت نحو 3 سنوات.

ودخلت الازمة في كركوك بنفق مظلم بعد اعادة الانتشار التي نفذتها حكومة حيدر العبادي السابقة، ردا على الاستفتاء الذي نظمه إقليم كردستان في ايلول 2017، وشاركت فيه كركوك، حيث اجبر قوات البيشمركة على العودة الى حدود ما قبل عام 2003 أو ما يعرف بـ”الخط الازرق” وهو خط عرض 36.

لكن جزءا من الاجراءات الجديدة كان عقابيا، مثل ملاحقة عشرات الضباط من الكرد في كركوك بتهمة الاشتراك بالاستفتاء رغم مرور نحو 3 سنوات على اجرائه، واصبح هؤلاء الضباط معرضون للطرد الآن.

وحتى نهاية العام الماضي كانت كركوك على مشارف اعلان اتفاق تاريخي بين المكونات لانهاء ملفات عالقة منذ عقود، لكن الاستعدادات للانتخابات أعادت الاوضاع الى المربع الاول، بحسب بعض المسؤولين في المحافظة.

وعاد الكرد والتركمان في كركوك للشكوى من الادارة العربية للمحافظة، والسيطرة على الاموال والمناصب، بينما نفى العرب تلك المزاعم، واعتبروها ضمن الحرب الدائرة منذ سنوات للسيطرة على منصب المحافظ الذي يدار منذ سنوات بالوكالة.

معاقبة ضباط

ومن ضمن الحرب الدائرة في كركوك، يقول شوان داوودي وهو نائب سابق عن المحافظة في اتصال مع (المدى) ان الحكومة المحلية “تريد معاقبة 75 ضابطا كرديا في وزارة الداخلية بتهمة الاشتراك في استفتاء اقليم كردستان بعد نحو 3 سنوات على اجرائه”.

وأعلن مسؤولون في اللجنة المنظمة لاستفتاء الاقليم في ايلول 2017، في مؤتمر صحفي في أربيل أن نسبة 92.7 من مجموع المشاركين في الاستفتاء (3.305.925) صوتوا بنعم. وأعلنت اللجنة حينها أن نسبة الاقبال على المشاركة في التصويت بلغت 72.61 في المئة. وجاء الإعلان وقتها على الرغم من طلب رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، في اللحظة الاخيرة إلغاء نتائج الاستفتاء.

ويعتقد النائب السابق ان هذه الاجراءات “هي محاولات لاجتثاث كل الضباط الكرد الموجودين في كركوك على قلتهم”.

ودفعت الاحداث حينها في كركوك، الى مغادرة نحو 100 ألف من الكرد المدينة صوب كردستان، خوفاً من أعمال انتقامية كما حدث وقتها في “طوزخرماتو” القريبة من كركوك، حيث تم تفجير 400 منزل وحرق ألف محل تجاري يمتلكها مواطنون كرد في القضاء المتنوع التابع لصلاح الدين.

ويؤكد الداوودي ان “الضباط الان محالون الى لجان تحقيقية في بغداد”، فيما يتوقع ان تكون العقوبات التي ستواجههم تتراوح بين الفصل والسجن. وكشف النائب السابق عن “وجود محاولات سابقة لمعاقبة موظفين في دوائر مختلفة في كركوك بنفس التهمة لكنهم فشلوا”. ومن ضمن القضايا العالقة بين اطراف كركوك منذ سنوات مايتعلق بتوزيع المناصب الادارية والامنية والتوازن في المؤسسات العسكرية.

عودة الحزب الديمقراطي

الى ذلك تفسر مصادر مطلعة في كركوك إجراءات المحافظة الاخيرة، بأنها “ضمن الصراع الدائر منذ سنوات على منصب المحافظ وعودة مفترضة للحزب الديمقراطي الكردستاني”.

وكلف العبادي في الازمة عام 2017، راكان الجبوري (من المكون العربي) لادارة منصب المحافظ بدلا عن السابق نجم الدين كريم الذي غادر المحافظة بعد الاستفتاء. وعلى الرغم من ان الجبوري حصل على كرسي في البرلمان في انتخابات 2018 الا انه بقى مستمرا في منصبه، مستغلا الوضع الاستثنائي في كركوك، بحسب بعض المسؤولين. وحصل اقارب الجبوري، عقب ذلك على مناصب وامتيازات واسعة في المحافظة، فيما تعرض الكرد والتركمان الى تهميش، بحسب ما يقوله مسؤولون هناك.

وتؤكد المصادر القريبة من الحكومة المحلية في كركوك ان “هناك تسريبات عن احتمال عودة الحزب الديمقراطي الى كركوك لاستلام مقراتهم في المدينة”. ويمتلك الحزب الديمقراطي مقرين، الاول في قلب كركوك قرب مبنى المحافظة، والآخر تم بناؤه في عام 2015 على الطريق بين اربيل وكركوك.

وبحسب المصادر ان “قيادات عسكرية ترفض منحهم المقر الخارجي لانه تحول الى موقع عسكري، يستغله فاسدون في فرض اتاوات على العجلات والشاحنات المارة من هناك”.

ووصل الامر وفق ما تقوله المصادر، الى حد ان تلك القيادات العسكرية “سربت معلومات عن وجود 4 جثث مدفونة داخل المقر ابان فترة وجود الحزب الديمقراطي لمنعهم من العودة”. وطلبت تلك القيادات بحسب المصادر، ان “تنتظر انتهاء عمليات التحقيق بهوية الجثث قبل ان تقوم بتسليم المقر”. وتضيف المصادر ان “الامر تطور الى دفع بعض الجهات في كركوك الى التظاهر في المحافظة ضد قرار تسليم مقر الحزب لتحويله الى قضية رفض شعبي”. وجرى خلال التظاهرات التي خرجت قبل اسبوعين في كركوك، قطع طريق رئيس يربط كركوك بمدينة أربيل، ووقع انفجاران متزامنان، بقنابل صوتية قرب المتظاهرين. وكشف شاخوان عبد الله، عضو في لجنة تطبيع الأوضاع بكركوك الشهر الماضي، عن قيام فصيل عصائب أهل الحق بالاستعانة بأعضاء سابقين في داعش لكي يمنعوا عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى مقراته في كركوك. وقال شاخوان عبد الله، في تصريحات لمواقع كردية، عن هوية المتظاهرين: “لدينا معلومات دقيقة عن أنهم ليسوا من مدينة كركوك بل من قضاء الدبس وهم من بقايا داعش، ولأن أهالي كركوك ليسوا مع العصائب، فقد اضطر الآخرون إلى لمّ بقايا داعش تحت اسم عصائب أهل الحق في كركوك”. واضاف شاخوان “نحن ننتظر إخلاء مقراتنا ضمن عملية تطبيع أوضاع كركوك، وتواجد تلك القوات في المقرات يدخل في دائرة احتلالها، ومنع عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني ضربة موجهة للحكومة العراقية وتشويه لسمعتها… وقد تعهد رئيس الوزراء بإخلاء تلك المقررات ونحن ننتظر منه تنفيذ تعهده”.

تغيير المحافظ

وقاطع 13 عضوا من اعضاء مجلس محافظة كركوك التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني، العمل السياسي والمجلس منذ الإجراءات التي اتخذتها حكومة العبادي قبل أكثر من 3 سنوات ردا على الاستفتاء.

ويقول نجاة حسين، وهو عضو في مجلس محافظة كركوك لـ(المدى) ان “هناك مخاوف من ان عودة الـ13 عضوا يؤدي الى تغيير المحافظ مع قرب النطق بالطعن المقدم بقرار ايقاف عمل مجالس المحافظات”.

وبحسب حسين ان “9 مجالس محافظات طعنت بقرار البرلمان الذي انهى عمل مجالس المحافظات”، مبينا انه “بعد التأجيل تقرر ان يكون الحكم النهائي في 19 نيسان الحالي بعد اكتمال تشكيل المحكمة الاتحادية”.

ويقول عضو مجلس المحافظة ان “الكرد يشكلون 25 مقعدا في مجلس المحافظة وهي الاغلبية من اصل 41 مقعدا، لذلك يمكنهم بسهولة اختيار محافظ جديد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here